شغفها بالعمل الإنساني ورغبتها بإحداث الفرق في المجتمع قاداها لرسم مسار مختلف عن أقرانها بالانضمام لبرامج ودورات أهلتها لاكتساب مهارات أثرت من خبرتها في مجال العمل ، لتخطو خطواتها الأولى في عدد من المؤسسات المعنية بالعمل التطوعي والإنساني ، مستلهمة رسالة العطاء بمن سبقها من القيادات وأسرتها الداعم الأكبر لمسيرتها.. إنها عائشة عبد الله سلطان الملا ، مدير جمعية أصدقاء مرضى السرطان.
بدأت عملها بشكل تطوعي قبل أن تعمل بمنصب مالي أول مع مؤسسة القلب الكبير لتتولى بعد عام واحد منصب مدير البرامج والمشاريع في إدارة المشاريع الخيرية التابعة للمؤسسة ذاتها.. كان لنا معها هذا الحوار لتحدثنا عن حياتها ومسيرتها:
تقلدت مؤخراً منصب مدير جمعية أصدقاء مرضى السرطان، ما هي الأهداف التي تسعين لتحقيقها؟
يتركز عملي بشكل أساسي على توجيه الفرق والتأكد من إنجاز المهام والمشاريع التي تتماشى مع رؤية قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، التي تتماشى مع رسالة وأهداف الجمعية، في تلقي جميع مرضى السرطان العلاج والرعاية الاستثنائية كونهم أولويتنا، وتحفيز فريق العمل على تأدية مهامه بطريقة صحيحة من خلال ما اكتسبته من الدورات التدريبية.
تخرجت في الكليات التقنية العليا، ما الذي أطل بك على العمل في المجال الإنساني؟
منذ الصغر وجدت اختلافاً كبيراً بيني وبين أبناء جيلي، وضعت لنفسي قيماً التزمت بها وكنت دائماً ما أكرر مع نفسي بأني أريد أن أحدث فرقاً في مجتمعي، استلهمت هذه الرسالة من القيادات الإماراتية الشابة وخاصةً النسائية، وكنت أتساءل كيف تمكنوا من إحداث الفرق الكبير في المجال الإنساني، وكيف يمكنني الوصول لحلمي ، حتى جاءتني الفرصة بدعوة من قبل المدربة المهنية في الكلية للانضمام لبرنامج «ذاتي للقيادة» المستحدث من قبل مركز ريادة والمدار من قبل مكتب سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي ، حيث يتم من خلاله اختيار مرشحين لتدريبهم على أن يكونوا قادة للمستقبل.
وما سبب دراسة تخصص الإدارة المالية؟
لأكون صريحة ، لم أخطط للتخصص في الإدارة المالية حيث كانت ميولي تتجه نحو دراسة هندسة التصميم والديكور، تقدمت لعدة جامعات لكن عدم تمكني من تحقيق معدلات مرتفعة في اللغة الثانية حال دون قبولي، انضممت لكلية التقنيات في الشارقة بهدف الانضمام لدورة دبلوم هندسة الديكور إلا أني عدلت عن الفكرة وقررت دراسة إدارة الأعمال بعد معرفتي بعدم إمكانية حصولي على شهادة البكالوريوس، وبعد ثلاثة أعوام من الدراسة تخصصت في الإدارة المالية.
لم توقف الوظيفة طموحي في الاستمرار بالمشاركة في البرامج ومواكبة القيادات الشابة
بالعودة إلى الماضي القريب، ما هي أهم المناصب التي تقلدتها قبل توليك إدارة جمعية أصدقاء مرضى السرطان، وكيف تصفين هذه التجارب؟
كان برنامج «ذاتي للقيادة» المعني بإعداد قادة المستقبل انطلاقتي الأولى نحو العمل في عدة مؤسسات والمشاركة في دورات وبرامج أهلتني لاكتساب مهارات جديدة زادت من قدرتي على العطاء، حيث عملت في المكتب التنفيذي لسمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي وأيضاً مع مؤسسة فن ومفوضية مرشدات الشارقة وجمعية أصدقاء مرضى السرطان ونادي سيدات أعمال الشارقة وأخيراً مع مؤسسة القلب الكبير خلال الفترة التي امتدت على مدى عامين من التدريب، قبل أن يتم تعييني في عام 2014 بمنصب مالي أول مع مؤسسة القلب الكبير لأتولى بعد عام واحد منصب مدير البرامج والمشاريع في إدارة المشاريع الخيرية التابعة للمؤسسة ذاتها. لم توقف الوظيفة طموحي في الاستمرار بالمشاركة في البرامج ومواكبة القيادات الشابة بالوصول لما حققوا، وبالرغم من التجربة إلا أني أشعر بالامتنان لخوضها كونها ساعدتني على اكتشاف نفسي ومعرفة ما أنا بحاجة إليه من بين جميع الخيارات المتاحة.
تتبنى الجمعية علاج الكثير من الحالات.. كم عدد الأشخاص المستفيدين، وما هي الخدمات التي تقدمها؟
بإيعاز من قبل سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، بدأ عمل الجمعية عام 1999 بالتركيز على ثلاثة أهداف، بدءاً من تقديم الدعم المادي والمعنوي للمرضى وهو الهدف الأساس، مروراً بتوعية المجتمع بخطورة مرض السرطان وأهمية الكشف المبكر، إلى المناصرة على المستويين المحلي والعالمي.
أما عن عدد المستفيدين فقد بلغ العدد منذ افتتاح الجمعية حتى اليوم أكثر من 6000 حالة تم دعمها من ناحية تغطية تكاليف العلاجات الدوائية المخصصة لعلاج السرطان، وجلسات العلاج الإشعاعي، وجلسات العلاج الكيماوي، والنفقات الطبية لأنواع التصوير المختلفة، كالتصوير الطبقي المحوري، والرنين المغناطيسي، والتحاليل المخبرية، وتغطية تكاليف زيارة الأطباء المتخصصين، والأطراف الصناعية، والعمليات الجراحية التي تشمل استئصال الأورام السرطانية، وزراعة نخاع العظم.
كما تنظم الجمعية العديد من المبادرات منها المعنوية كمبادرة «عربة المرح» التي تهدف لرسم الابتسامة على وجوه الأطفال المصابين بالسرطان من خلال ترتيب زيارات شهرية للمستشفى لتقديم الهدايا وتنظيم الأنشطة الترفيهية، وبرنامج «لون عالمي» المعني بإقامة مجموعة من الفعاليات المخصصة للأطفال مثل الرحلات الترفيهية والأنشطة الرياضية وورش على مدار العام، إضافة إلى مبادرة «رحلة عمرة» التي تدعم مرضى السرطان معنوياً والتي بان أثرها الإيجابي في المرضى كونها خففت من معاناتهم وأتاحت لهم الفرصة لتأدية مناسك العمرة والحج التي تقع ضمن المبادرات التي تعمل عليها الجمعية.
القافلة الوردية إحدى مبادرات جمعية مرضى السرطان، كيف تجدون الوعي المجتمعي ومدى الإقبال للكشف المبكر عن المرض؟
بدأت مبادرة القافلة الوردية عام 2011 في شهر أكتوبر كونه الشهر المعني عالمياً بخطورة مرض سرطان الثدي ، بهدف توعية النساء بأهمية الكشف المبكر والتوعية بضرورة إجراء الكشوف الدورية والذاتية والمبكرة وتصحيح المفاهيم المغلوطة تجاه إجراء الفحوص بشكل خاص بعد رصد التردد في إجرائها نتيجة الإحساس بالحرج.
وها نحن اليوم نرصد إبعاد عمل القافلة بعد الإقبال الكبير الذي تشهده من قبل النساء والفتيات والرجال أيضاً، فقد بلغ عدد الفحوص التي أجرتها القافلة منذ انطلاقها حتى يومنا هذا 75 ألف فحص منها الفحوص السريرية وفحوص الماموجرام وفحوص الموجات فوق الصوتية بالإضافة إلى فحوص مسحة عنق الرحم.
عايشت الكثير من الحالات الإنسانية سواء لمرضى السرطان أو اللاجئين في مناطق الحروب، هل من قصة أو موقف بقي عالقاً في مخيلة عائشة الملا؟
بكل تأكيد تركت في نفسي حالة طفلة تعيش في المملكة العربية السعودية، تبلغ من العمر 10 سنوات مصابة بسرطان الدماغ، أثراً كبيراً بعد أن كلفت بمتابعتها وتقديم المساعدة لها بطلب خاص من قبل سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، بينما كنت أعمل على المشاريع الخيرية والحالات الفردية قبل انضمامي لجمعية أصدقاء مرضى السرطان، كان التواصل مباشراً مع والد الطفلة والأطباء المختصين لمتابعة العلاج والتقارير لاختيار طريقة العلاج.
بالفعل تم التواصل مع العديد من المستشفيات في عدة دول بمساعدة طاقم من جمعية أصدقاء مرضى السرطان، لكن المفاجأة كانت اتفاق آراء جميع الأطباء بعد وصول التقارير على عدم إمكانية إجراء المزيد من العمليات بسبب انتشار المرض في أنحاء جسم الطفلة وعدم قدرتها على الاستجابة لأي علاج آخر. تشبثت بالأمل وبقيت على التواصل مع الأطباء والمستشفيات على أمل سماع حل آخر لكن دون جدوى، وبعد مرور عدة أشهر علمت من والد الطفلة أنها توفيت.
لا أنكر شعرت بعجز وحزن إلا أن اتصال والد الطفلة وتعبيره عن امتنانه وشكره لمحاولاتنا ، خلاف ما كنت أتوقعه، منحني الحافز والأمل على بذل المزيد من الجهد لمساعدة أكبر عدد من الأشخاص والتأكد من صحة اختياري، وكان أول ما مر في ذهني بعد معرفتي بخبر تكليفي بإدارة جمعية أصدقاء مرضى السرطان قصة هذه الطفلة.
عائلتي هي الداعم الأكبر لمسيرة حياتي
هل للعائلة دور في بلورة شخصيتك؟
عائلتي هي الداعم الأكبر لمسيرة حياتي، اكتسبت من والدي ووالدتي روح العطاء وجميع الجوانب الإيجابية في كيفية التعامل مع الضغوط واكتساب الكثير من المهارات التنظيمية والإدارية، ووجودي كأخت كبرى حملني مسؤولية أن أكون المثال والقدوة لإخوتي ليجتهدوا ويتمكنوا من تحقيق النجاح.
ما هي طموحاتك على المستويين العملي والشخصي؟
إحداث الفرق هو الرسالة والطموح الذي لن يتغير على الصعيدين الشخصي والعملي ، وبالتغيير الإيجابي يمكن أن نصل إلى ما نطمح في تحقيقه.
تصوير: السيد رمضان