كانت هاجر حسين العيسى، الأمين العام لجمعية الإمارات للإبداع، والمؤسس والمدير التنفيذي لمركز منار المعرفة للاستشارات الإدارية والتدريب، على تماس مع كل متطلبات العصر وتواكبها بكل أريحية من منطلق اكتساب المعرفة في كل جوانب حياتها، فهي تؤكد أن مساعدة الآخرين «أكسبتها الكثير من المعارف وزودتها بطاقة مستمرة على العطاء».
في حوارنا معها، تتوقف عند محطات من مسيرتها وجائزة «سفير التواصل الاجتماعي» والسمات التي تركز عليها وفئاتها إلى اختراقها لعالم ريادة الأعمال ومقومات النجاح والبصمة الأبرز في مجال عملها:
تميزت منذ الطفولة بمساعدة الآخرين، كيف تطلين على طفولتك وارتباطها بما وصلت له اليوم؟
منذ طفولتي، تميزت بين أقراني بعدّة سمات من بينها الإنجاز بصمت ومساعدة الجميع كوني تربيت على هذه الخصال الحميدة وكون مساعدة الآخرين تجلب السعادة وتكون باباً للرزق وتيسيراً للأمور، كما تعودت على مد يد العون والمساعدة عندما أرى أحداً يقوم بعمل ما، وهذا أكسبني الخبرة والمعارف في عدة مجالات على الصعيد الشخصي أو المهني. فمنذ وظيفتي الأولى كضابط إداري في هيئة الصحة بدبي، كنت أسعى إلى تعلم جميع المهام التي يتولاها زملائي في الإدارة ومعرفة أساسيات الجودة والتميز، وكنت آنذاك أكمل دراسة الماجستير في إدارة الجودة وتم تكليفي بمهام إكمال متطلبات التميز لمعيار الموارد البشرية ونتائجها للمشاركة في برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز، وحضور المقابلة مع المقيمين الخارجيين للبرنامج، كما مهام توثيق وتحديث إجراءات وعمليات الموارد البشرية، ما ساعدني على دخول عالم التميز المؤسسي والتعمق بكافة متطلبات جوائز التميز المبنية على نموذج التميز الأوروبي (EFQM).
تهدف جائزة «سفير التواصل الاجتماعي» إلى ترجمة فكر الشيخ محمد بن راشد بتحويل موروثنا من صورة وأخلاق زايد إلى واقع ملموس
أنت اليوم أمين عام جمعية الإمارات للإبداع، ماذا عن دورك ودور الجمعية في تعزيز دور المبدعين في الدولة واحتوائهم؟
دوري كأمين عام في جمعية الإمارات للإبداع تطوعي ولكن المنصب الذي وضعت فيه ليس منصباً تشريفياً وإنما تكليف من الشيخ خالد بن حميد القاسمي الذي يشهد بكفاءتي وعطائي المستمر. بعض أبرز مهامي تتلخص بالإشراف المباشر على كافة الأعمال والأنشطة ذات الصلة بجمعية الإمارات للإبداع وتمثيلها في الاجتماعات الخارجية مع المؤسسات الشريكة، وتوسيع قاعدة الشركاء الاستراتيجيين للجمعية، إلى حضور الجلسات والاجتماعات والفعاليات والإشراف على تنفيذها وإدارة الجانب التنظيمي، ومتابعة تنفيذ مبادرات وأنشطة الجمعية واقتراح المشاريع التي من شأنها تحسين أداء مصالح جمعية الإمارات للإبداع مع الشركاء الاستراتيجيين من القطاعين العام والخاص.
هاجر حسين العيسى، الأمين العام لجمعية الإمارات للإبداع
أطلقت الجمعية جائزة «سفير التواصل الاجتماعي»، ما الأهداف الكامنة وراء هذه الجائزة وما يمكن أن ترسيه من ثقافة لمواجهة المحتوى الضحل لبعض وسائل التواصل؟
تمّ إطلاق الجائزة في شهر مارس خلال العام الجاري بحضور الشيخ خالد بن حميد القاسمي، رئيس مجلس إدارة الجمعية، وهي مبادرة تطوعية من الجمعية تهدف إلى دمج أفضل ممارسات التواصل الاجتماعي وإبراز دور رواد التواصل الاجتماعي في مجال خدمة المجتمع وتعزيز الفكر النير لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، من خلال إبراز السمات العشرة التي أوردها سموه للشخصية الإماراتية المفترض توافرها بمؤثري وسائل التواصل الاجتماعي.
وتهدف الجائزة إلى ترجمة فكر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بتحويل موروثنا من صورة وأخلاق زايد إلى واقع ملموس كمشروع حضاري وثقافي يعزز القيم الإنسانية وتكريم الشخصيات المؤثرة والفاعلة وتعريف الجمهور بها وتكريم الحسابات الإلكترونية المتميزة التي تنشر الإيجابية وتقدم الإبداع وتعزز مبادئ الحوار والتسامح مع الآخرين.
من إطلاق جائزة «سفير التواصل الاجتماعي»- مارس 2022
هل يمكن أن نعتبر أن الجائزة تشكّل سداً منيعاً تجاه كل محاولات الابتعاد عن موروثنا، هويتنا وحتى قضايانا؟
بالتأكيد. فالسمات العشر التي ترتكز عليها فكرة الجائزة هي: شخصية تمثل صورة زايد وأخلاق زايد في تفاعلها مع الناس، وشخصية تعكس الاطلاع والثقافة والمستوى المتحضر الذي وصلت إليه الإمارات، وشخصية تبتعد عن السباب والشتائم وكل ما يخدش الحياء في الحديث، وشخصية علمية تستخدم الحجة والمنطق في الحوار، وشخصية تقدر الكلمة الطيبة والصورة الجميلة والتفاعل الإيجابي مع الأفكار والثقافات والمجتمعات، وشخصية نافعة للآخرين بالمعلومة وناشرة للأفكار والمبادرات المجتمعية والإنسانية التي يزخر بها الوطن، وشخصية مندمجة مع محيطها العالمي تتحدث لغته وتتناول قضاياه وتتفاعل إيجابياً مع مستقبله، وشخصية واثقة من نفسها تتقبل الاختلاف وتبني جسوراً مع غيرها من الشعوب، وشخصية تعكس تواضع الإماراتي وطيبته ومحبته للآخرين وانفتاحه على بقية الشعوب، وشخصية تعشق وطنها وتفخر به وتضحي من أجله، لو تمّ تطبيقها فعلياً على أرض الواقع وعلى مستوى العالم، سوف تحدث نقلة إيجابية وتمنع كل من يحاول العبث في موروثنا الأصيل وهويتنا الإماراتية وقضايانا المجتمعية، كما أن للجائزة أبعاداً جوهرية في تحقيق التسامح والتآلف والتلاحم بمجتمعنا، ولدينا طموح في جمعية الإمارات للإبداع أن تكون هذه الجائزة عالمية، لما تحمله من معان سامية وإيجابية.
أدوار عدة تلعبينها مجتمعياً وعلى مستوى ريادة الأعمال، ما البصمة الأبرز التي طبعتها في مجال عملك؟
أستثمر ذكائي بالطريقة المثلى إلى جانب البحث المستمر عن كل ما هو جديد في مجال ريادة الأعمال وعالم الإبداع والابتكار والذكاء الاصطناعي واستشراف المستقبل. أواكب توجهات الدولة، كما أفعّل التواصل الجيد مع الآخرين وإقناعهم بشكل متميز بالأفكار والمشاريع التي أقترحها وأتناولها بشكل مختلف ومتفرد، وأكتسب ثقة المحيطين من حولي وأعمل على الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة بأقل التكاليف، كما أركز على إعداد خطة جيدة لدراسة كافة المعطيات المتاحة أمامي ومعرفة نقاط القوة ونقاط الضعف لأي مشروع أو مبادرة تخطر ببالي وأسعى إلى تنفيذها. فالتفكير المستمر بالإيجابية والسعادة والابتعاد عن الروح التشاؤمية عاملان أساسيان في حياتي ومن خلالهما أسعى للأفضل وإيجاد الحلول المناسبة ووضع الخطط البديلة للتخلص من الأزمات بسلاسة، الحمدلله لم أتأثر خلال جائحة «كورونا» بل توسعت في عملي الخاص عبر تطبيق تقنيات العمل عن بعد وتوسعنا في جمعية الإمارات للإبداع وحققنا العديد من الإنجازات.
تحتاج رائدة الأعمال لأن تبذل ضعف المجهود الذي يبذله الرجال لتثبت للآخرين بأنها جديرة بالثقة
ما القضية الأهم التي تشغل بالك كرائدة أعمال؟
الاستمرار في النجاح وتوسيع قاعدة أعمالي ووصولي للعالمية هي قضيتي، حيث وضعت رؤية طموحة لمركز منار المعرفة للاستشارات الإدارية والتدريب منذ التأسيس وتتمكن في الوصول إلى العالمية كــــ «رواد للمعرفة» وتبني فكــر «التميز في الخدمة» من خلال توفير حلول استشارية وتدريبية متكاملة في قطاع الدعم المؤسسي، وترجمتها برسالة سامية تتجلى في تطبيق مفاهيم الإدارة الحديثة، واعتماد المعايير الدولية وأفضل الممارسات لتصميم خدمات استشارية وتدريبية بمجال الدعم المؤسسي وفقاً للاحتياجات المؤسسية ووفق القيم المؤسسية لمركز منار المعرفة، وأتبع نفس النهج كأمين عام في جمعية الإمارات للإبداع و كمنسق عام لجائزة سفير التواصل الاجتماعي.
كيف ترصدين حضور المرأة في مجال ريادة الأعمال؟
ينظر للنساء عموماً بأنهّن أقل كفاءة وقدرة على إنجاز الأعمال وخصوصاً في مجالات التكنولوجيا والاستثمار والصناعة، وتظل مفاتيح نجاح رائدات الأعمال في مجتمعاتنا العربية صعبة حيث تحتاج رائدة الأعمال لأن تبذل ضعف المجهود الذي يبذله الرجال لتثبت للآخرين بأنها جديرة بالثقة. وللتغلب على هذه المعوقات السلبية، أعمل على مواكبة المستجدات، وتطوير المعرفة والتقنيات المتبعة من قبل المنافسين وأسعى إلى الاطلاع على المبادرات والأنشطة التي تزودني بالمهارات الرقمية لتحويل مركز منار المعرفة للاستشارات الإدارية والتدريب إلى مركز رقمي، وأحمد الله أني في دولة منفتحة كالإمارات تشجع وتعمل على تمكين المرأة وقدرتها على القيادة والتأثير والابتكار.
هل تسرق المسؤوليات الكثيرة من حياتك العائلية؟
تحقيق التوازن بين العمل والحياة العائلية يشغلني. وباعتبار أنّ لدّي مسؤوليات مزدوجة، أعمل على تحقيق التوازن بين العمل والحياة وعدم جلد الذات من خلال تطوير مهارات الانضباط وضبط الوقت لتحقيق أكبر قدر من الإنتاجية. أعمل دوماً على اكتساب أنماط جديدة في التفكير تساعدني على تطبيق منهجية العطاء لأتخطى هذه العقبة وهي الموازنة في الحياة والعمل لضمان النجاح والرضا الذي ينعكس حتماً على عائلتي وزملائي لأكون لهم مصدر فخر وإلهام وقصة نجاح إماراتية عصامية بدأت رحلتها من الصفر. أعتبر أن الفشل جزء من رحلتنا وهو الطريق لاستكشاف الآفاق البعيدة. فقد واجهت عقبات في مشروعي ونكسات عدّة ولكني أؤمن بقدراتي ولا تراودني لحظات شك في ذاتي. أعمد إلى دراسة السوق بدقة وباستمرار وأعمل على خلق فكر ريادي مبتكر يدفعني إلى الأمام وأحرص على التواصل والتواجد في المؤتمرات والأنشطة التي تخص شغفي والتي تعتبر محركا ودافعا لي، لبناء علاقات استراتيجية خارج الإطار الذي وضعته لنفسي.
*عن جائزة «سفير التواصل الاجتماعي»
فتحت أبواب التقديم جائزة «سفير التواصل الاجتماعي»منذ 18 مايو الجاري، وهي تتوزع على خمس فئات، وهي:
*تصوير: السيد رمضان