مسيرة حياة الحمادي، الأمين العام مديرة منصة الابتكار 2071 في جمعية الفجيرة الاجتماعية الثقافية، حافلة بالتحديات والأحلام والإنجازات.
في الحوار معها، تجدها متواضعة، أنيقة الكلام، واضحة في خططها وأحلامها وفي علاقتها بأسرتها وملمة بتفاصيل شخوص حكاياتها، تعمل لتعزيز التواصل بين المبدعين والمبتكرين وبين الجهات الداعمة، ومن جهة أخرى، تترك أبناءها يرسمون أحلامهم عنها وعن أنفسهم على جدار كبير خصصته لهم في غرفة نومها.
تصوير: محمد السماني
كيف ترصد حياة الحمادي مسيرتها وما العوامل التي أثرت في تنشئتها؟
مسيرتي كانت حافلة بالأحلام والطموحات والإنجازات وتخللها الكثير من التحديات على جميع المستويات وملامح شخصيتي بدأت ترتسم من مرحلة الدراسة بفضل وجود معلمات محفزات.
العامل المؤثر في مسيرتي لليوم هو والدتي التي لعبت تربيتها دوراً كبيراً في تشكيل شخصيتي. تعلمت منها التحسين المستمر وكانت تردد دوماً «لو أحببت تغيير العالم، يجب أن تباشري بالتغيير من نفسك».
كما أن قادة الإمارات شكلوا القدوة بالنسبة لنا، ومذ كنت صغيرة كنت أتابع البرامج الوثائقية وبالأخص عن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وأحلامه وإنجازاته حيث تأثرت بنهجه في القيادة وأطلت بي برنامج جوائز دبي للأداء الحكومي المتميز على آفاق التحدي والتميز.
كيف كان اختيارك للمجال الأكاديمي؟
فترة الجامعة أجمل فترة في حياتي حيث خرجت من مجتمع محافظ إلى عالم منفتح بالنسبة لي. درست في الكلية التقنية في الشارقة وتعرفت إلى فتيات من مختلف إمارات الدولة ومختلف الثقافات وأنشأت الكثير من الصداقات. كنت اجتماعية وفاعلة في مجال التطوع ومتفوقة أكاديمياً، وهو مسار مستمر لليوم.
اخترت دراسة المحاسبة كونه من التخصصات المطلوبة في سوق العمل وتخرجت بدبلوم عال محاسبة بامتياز واستكملت دراستي في إدارة الأعمال وحصلت على دبلوم الابتكار من مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي بالتعاون مع جامعة امبريال لندن.
صادفتني تحديات لإثبات نفسي واختيار التخصص ولكن التحديات الحقيقية بدأت عند توجهي للعمل وتتعلق بالمعرفة والممارسة
ما التحدي الأبرز الذي وجدت نفسك أمامه وواجهته؟
مسيرتي كلها حفلت بالتحديات منذ أيام المدرسة وفي المرحلة الجامعية، صادفتني تحديات لإثبات نفسي واختيار التخصص ولكن التحديات الحقيقية بدأت عند توجهي للعمل وتتعلق بالمعرفة والممارسة وتحديات نفسية واجتماعية، خاصة أني درست في الجامعة وتزوجت وعملت وأصبحت أماً لثلاثة أبناء. فالتحدي الأكبر للإنسان هو أفكاره ومعتقداته. فكل إنسان قادر على تحقيق أحلامه لو لم يحبط من نفسه ويثبط معنوياته.
تصوير: محمد السماني
اعتمدت على سرد القصص المرتجلة لأطفالك قبل النوم، هل هذا ما قادك إلى خوض عالم الكتابة؟
كانت عبارة عن قصص مرتجلة أقرأها لأطفالي قبل النوم لأني لم أكن أجد في المكتبات ما يليق بذائقتهم. فوجدت أني أجذب انتباههم بقصصي وتساءلت لماذا لا أضمنها في سياق الحياة اليومية لإيصال بعض الرسائل لهم من خلال القصص، ولم أكن أخطط لتحويلها إلى قصص منشورة وجاء الأمر صدفة. فإحدى هواياتي هي قراءة كتب تنسجم مع ميدان عملي سواء في مجال التخطيط الاستراتيجي، الأنظمة الإدارية والوعي الذاتي والنفسي، ولم أجد «شبيهات الفكر» في محيطي وبدأت رحلة البحث عنهن فاشتركت في نادي قراءة وهو استراحة سيدات حيث التقيت زميلات خضن تجارب سابقة في الكتابة وحفزنني، وصادف دخولي مجلس إدارة جمعية الفجيرة الاجتماعية الثقافية وإدارتي منصة الابتكار 2071، وجودي في هذا المحيط الثقافي فجر الطاقات عندي وحفزني على الكتابة والنشر.
وقعت مؤخراً كتابك للأطفال «سامح. عزام، صفار»، إلى أي مدى تستطيع القصص التوجيه والإرشاد؟
الطفل لا يعلم بالأوامر والتلقين وهو ما أثبتته كافة الدراسات، بل يعلم من خلال القصص وبهذه الطريقة تستطيع جذب انتباهه وتركيزه وتعايش انفعالاته وأحاسيسه فترسخ الفكرة التي ترغب بإيصالها، وكذلك بالمواقف الحياتية حيث القصص تعزز السلوكيات الصحيحة.
وضمنت قصصي موضوعا بطريقة غير مباشرة حيث أضع خطة هروب للأطفال في حال تعرضهم للخطر. السمكة الكبيرة (الأخ الأكبر) يقول للسمكة الصغيرة (الأخ الأصغر) «لو القرش هاجمك، ما سيكون تصرفك؟» فأجابته «أركض وأهرب ثم أعمد إلى الصراخ بأعلى صوتي» وتعمدت أن تعيد السمكة الصغيرة سرد خطة الهروب في القصة لترسخ في أذهان الأطفال.
أعتقد أن للقصة دوراً كبيراً في تعزيز القيم الإنسانية لديهم ولذلك قمت بنشر هذه القصص وتضمينها مواضيع دسمة. لم أتحدث عن التسامح بعبارات غناءة بل أعلم الطفل كيف يكون متسامحاً مع نفسه ومحيطه ويمارس التسامح في سلوكه و حياته اليومية كما ضمنت قصصي مفهوم التخطيط الاستراتيجي.
تصوير: محمد السماني
أنت الأمين العام و مديرة منصة 2071 للابتكار في «الفجيرة الثقافية». ما أبعاد هذه المنصة وعلام ترتكز الشراكات مع بقية الجهات في الدولة؟
هذه المنصة هي إحدى المبادرات التابعة لجمعية الفجيرة الاجتماعية الثقافية، تم تأسيسها عام 2019 وجل جهودها تصب في أربعة أهداف رئيسية وهي:
في سنتها الأولى، ركزت المنصة على نشر الثقافة المجتمعية وعلى عنصر المبدعين إذ نظمنا أول ورشة في استشراف المستقبل تنظم من قبل جمعية ذات نفع عام وقدمها خبير إماراتي.
نحن نشكل حلقة وصل بين المبتكرين والجهات المختصة في الإبداع والابتكار وأبوابنا مفتوحة لأي فكرة يتم تطبيقها
تحرصون على ابتكار صياغات جديدة تسهم في تعزيز الأعمال الإنسانية وتحويل الأفكار إلى مشروعات مبتكرة، كيف ذلك؟
نرغب بتحفيز الشباب على توليد الأفكار والإبداع لنضمن استدامة الابتكار، ولذلك ننظم ورشاً نستقدم فيها مبتكراً من بيئة وإمارة الفجيرة لاستهداف فئات طلاب الجامعات والكليات والشباب الذين يهتمون بمجال الابتكار ونشكل ما يشبه منصة تشاورية مع أصحاب الخبرة، ما يولد تفاعلاً في الأسئلة الموجهة للمبتكرين والهدف هو الخروج من الحلقة المغلقة والمساهمة في إيجاد حلول للمبتكرين الشباب لمشكلات في مجالهم.
نحن نشكل حلقة وصل بين المبتكرين والجهات المختصة في الإبداع والابتكار وأبوابنا مفتوحة لأي فكرة يتم تطبيقها لأن دعم الموهوبين والمبتكرين هو الهدف الأسمى من المنصة.
كما تطرقنا إلى مواضيع جديدة إذ تم ربط الابتكار بالعمل الإنساني وقمنا بتنظيم ورشة عمل «الابتكار في صناعة الأمل» كما تطرقنا إلى الابتكار في الأسرة واستتبع النشاط بفعاليات واستقطاب نماذج إماراتية حقيقية بدأت من الأسرة ووصلت للعالمية وحصلت على براءات اختراعات وميداليات عالمية.
كرمت في أكثر من محطة، ما التكريم الذي لا يغادر ذاكرتك؟
التكريم الأكبر كان من قبل صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي، عضو المجلس الأعلى حاكم إمارة الفجيرة، وولي عهده الشيخ محمد بن حمد بن محمد الشرقي، وهما الداعمان الأكبر لنا في الجمعية وهناك متابعة حثيثة من قبلهما وتوجيهات دائمة بالتطوير والاستدامة والتركيز على خدمة المجتمع.
أما التكريم الثاني وهو تكريم معنوي لمس قلبي عندما خدمت أحد العملاء كنت وجدته في موضع حاجة ليقصد المدير الذي استدعاني آنذاك لأسمع الثناء من العميل الذي أكد امتنانه لمساعدتي رغم أن ذلك لم يكن من مهام عملي، بل من مهام قسم آخر.
أثناء تكريمها من صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي، حاكم الفجيرة
ماذا تحدثنا حياة الحمادي عن أسرتها، وما القيم التي تحاول رفدها لها؟
عن أسرتي أولاً أمي وأبي. المرأة الأقوى في نظري هي أمي والرجل الأول في حياتي هو أبي ثم زوجي، وهو الرجل الذي كان السند والداعم الأكبر لي في جميع التحديات ولم يقصص أجنحتي حيث يردد البعض أن الزواج يحد من طموح المرأة.
لدي ثلاثة من الأطفال أسميهم «أبطالي الصغار» سعيد ومنصور وعلي، أحاول أن أزرع فيهم حب الله قبل خوفه، وأعلمهم أن السعادة تنبع من الداخل وبالأخص في ظل المظاهر التي تسود حالياً في وسائل التواصل الاجتماعي والحياة الافتراضية غير الحقيقية وأعلمهم أن على كل فرد أن يضع نفسه الأهم والرقم واحد ليستطيع أن يسعد نفسه ويسعد الآخرين.