العنود خليفة الكعبي
التقينا العنود خليفة الكعبي، مديرة البرامج التعليمية بمكتب شؤون التعليم بديوان ولي عهد أبوظبي، لنتعرف إلى طبيعة عملها وجانب من حياتها الشخصية:
تضيف محطات العمل مزيدا من الخبرات المتراكمة لحياة الإنسان، فما الذي اكتسبته قبل أن تتولي مهام منصبك الحالي؟
بدأت حياتي المهنية عام 2007 في مؤسسة الإمارات للشباب والتي تعمل على تشجيع تلك الفئة على الابتكار والإبداع القائم على العلم والمعرفة، إذ أسست وفريق عملي برنامج التوطين وربطه باحتياجات القطاع الخاص، وكانت تلك المرحلة في غاية الأهمية اكتشفت فيها شغفي بتلك البرامج القيادية، التي تؤسس لإنارة درب الشباب نحو بناء ذاته وتحديد هويته العملية. وبعد ذلك التحقت بالعمل في مجلس أبوظبي للتعليم لأتشرف بخوض تجربة أكثر ثراء وانضممت لمدة 3 سنوات لبرنامج التطوير المهني للمعلمين والمديرين، وهو ما جعلني على مقربة وتماس من رؤية نظر أخرى مرتبطة بصناع القرارات الخاصة بسياسات المدارس، وبعد ذلك أتيحت لي الفرصة لأن أكون ضمن فريق تأسيس برامج توعوية وتطويرية في إدارة البرامج التعليمية في مكتب ولي عهد أبوظبي.
تحرصون دائما على الارتقاء بالمعلم كونه المسؤول عن تزويد المجتمع بالعقول والشخصيات القادرة على صناعة التغيير في المستقبل، فما أهم المبادرات التي تصب في مصلحة تلك الفئة؟
يعد منتدى «قدوة» مظلة تجمع تحت سقفها خبراء التعليم ورواد المعرفة وصناع القرار التربوي، ويعتبر من أهم المبادرات التي تتيح تبادل الرؤى والأفكار وزيادة الخبرة التراكمية للمجتمع التربوي بمختلف تخصصاته ومستوياته، فالمعلم عصب العملية التعليمية وكلما توافرت المسوغات التطويرية والمهارية الموجهة إليه، انعكس ذلك إيجابا على المنظومة التعليمية بأكملها، لتأتي المؤشرات الخاصة بالمتلقي، وهو الطالب محور العملية التعليمية، جيدة ومبشرة، فالمنتدى يجمع خبراء المجال حول العالم ليتبادلوا الخبرات مع المعلمين لدينا وهو ما يتيح الفرصة للارتقاء بالمنظومة كلها.
أطلقتم كتابا مهما يسلط الضوء على الدور المحوري للمعلم، فما المضمون الذي يحتويه؟
يسعى كتاب «التعليم في دولة الإمارات»، والمتوفر باللغتين العربية والإنجليزية، إلى تلبية احتياجات المعلمين وتطلعاتهم تجاه الرغبة في تبني أحدث التقنيات في التعليم، والتعرف إلى أفضل الأساليب لإحداث تغيير إيجابي في نظام التعليم، ويأتي إطلاقه في إطار المبادرات المنبثقة عن منتدى «قدوة» ونسعى من خلاله إلى تقديم سبل الدعم التي تسهم في تحقيق النمو المهني والعمل بشكل تعاوني على رسم معالم بيئة التعليم في المستقبل.
أكبر تحد يواجهه المعلم هو مواكبة التغيرات من حوله
من وجهة نظرك ما أهم التحديات التي يواجهها المعلم في زمن التكنولوجيا المتسارع؟
أكبر تحد يواجهه المعلم هو مواكبة التغيرات من حوله، ففي السابق كان هو المصدر الوحيد الموثوق فيه لإعطاء المعلومة، ولكن مع التطور الهائل الذي نشهده في مجال التكنولوجيا وسهولة الحصول على المعلومة من مصادر مختلفة وبطرق متنوعة وجاذبة، بات على المعلم أن يوجد لنفسه مكانا في هذا العالم ليظل محتفظا بمكانته عند طلابه، وأن يبتكر الأسلوب الذي من خلاله يصل إلى عقل وفكر الطالب، فدوره صار أكثر تركيزا على فهم تركيبة وشخصية طلابه وفهم مشاعرهم والتعرف إليهم عن قرب وليس تلقينهم المعلومة فقط، وكم أثبتت المواقف أن كفاءة المعلم ليس بتمكنه من مادته فحسب، بل بفهمه لاحتياجات كل طالب وأن يكون له بمثابة الأب والصديق قبل أن يكون معلما.
تعملون على عدة مبادرات لدعم الشباب وصقل مهاراتهم، فما الهدف الذي تسعون إلى تحقيقه من خلالها؟
نسير وفق رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وكلمته التي وجهها لشباب الوطن «أنتم جيل مهم.. نريد أن ننافس بكم دول العالم»، ولكي يحدث ذلك لابد أن ننمي مهارات وقدرات قادة المستقبل، ونسلحهم والمجتمع كله بالعلم والمعرفة، حتى يستطيع كل فرد أن يسهم بدوره في بناء مستقبل دولتنا العظيمة.
ورشة عمل عن التربية الأخلاقية بمنتدى عام ٢٠١٩
اختتمت مؤخرا فعاليات الدورة الثالثة من «مجلس محمد بن زايد لأجيال المستقبل»، فما المحاور التي تمت مناقشتها خلال جلساته الافتراضية؟
يجسد «مجلس محمد بن زايد لأجيال المستقبل» رؤية الإمارات التنموية، التي تنطلق من أن الشباب هم الثروة الدائمة التي ينبغي العمل على تنميتها وتعظيم الاستفادة منها، فهو نموذج فريد لإثراء التواصل التفاعلي مع الشباب من خلال تنظيم حوارات تفاعلية مشتركة افتراضية تسهم في تحفيزهم على تبادل الرؤى والأفكار والوصول إلى حلول تسهم في صناعة المستقبل، وكذلك ترسيخ ثقافة جديدة قائمة على الابتكار يكون الشباب المحور الرئيس فيها، إذ اعتمد في دورته الأخيرة على 3 محاور رئيسية تواكب احتياجات الشباب هي «عالم متغير»، و«فرص جديدة»، و«الخمسون عاما القادمة».
تم الكشف خلال تلك الدورة عن نتائج دراسة تعد الأولى من نوعها على مستوى الدولة، لرؤى الشباب حول أجندة الدولة في الخمسين عاما القادمة، فهل رصدتم وعيا لديهم باستشراف المستقبل؟
أجرينا دراسة استطلاعية للشباب سألناهم عن مخاوفهم وآمالهم وتطلعاتهم المستقبلية، وكانت النتائج محفزة تعكس نظرتهم التفاؤلية للمستقبل، فعلى سبيل المثال ينظر الغالبية للتكنولوجيا كونها المتسببة في تقليص العديد من الوظائف، لتأتي نظرة الشباب لتبرهن عكس ذلك إذ يرون أنها المحرك لفتح العديد من المجالات التي ترتقي بمعيشتهم وتحفزهم نحو مستقبل أكثر رخاء، وهو ما تم إثباته بالفعل أثناء جائحة «كورونا» إذ صار الاعتماد على التكنولوجيا هو الغالب، فمن خلالها دارت عجلة الحياة دون توقف وتحولت البيوت إلى خلايا نحل يؤدي كل واحد فيها دوره العلمي والوظيفي وهو في مكانه.
فوجئنا بما قدمه الشباب من مقترحات وحلول سوف نظهرها للعلن في «إكسبو 2020 دبي»
يعد «مختبر اليوبيل» منصة للأفكار والإبداع، فما الآلية التي يعتمد عليها لتحقيق أهدافه؟
يهدف مختبر اليوبيل التابع لمجلس محمد بن زايد لأجيال المستقبل إلى الاطلاع على آراء الشباب بشأن المستقبل الذي يرغبون في صنعه، إذ طلبنا من شركائنا في الميدان بترشيح نخبة من الشباب كي ينضموا إلى المختبر الافتراضي، وأدهشتني القائمة التي وصلت إلينا وضمت أسماء لطلاب من الجامعات الإماراتية والطلاب الإماراتيين في الخارج وشعرت بالسعادة لمشاركتي بعضهم برامج وفعاليات سابقة وهم ما زالوا صغارا، ليأتوا اليوم ويؤكدوا أنهم كالثمار التي تحصدها الدولة جراء استثمارها في الإنسان، فما يتم بذله من مجهود لا يضيع، بل نراه على أرض الواقع متجسدا في هؤلاء الشباب، الذين جعلوني أشعر بالفخر لما لديهم من طريقة تفكير تحمل رؤى وتطلعات ملهمة، وبالاعتماد على حلول مختلفة وأكثر جرأة.
أما أهم ما تمت مناقشته، فقد طلبنا من المئة طالب الذين تم اختيارهم، أن يعرضوا علينا تحديا لديهم شغف تجاهه ورغبة حقيقية في إحداث التغيير فيه، وطلبنا منهم استخدام منهجية التفكير التصميمي والتي يعتمدها مختبر هارفرد للابتكار، وقلنا لهم تخيلوا أعماركم بعد خمسين عاما واستعرضنا عليهم حلولا للتحديات التي كانت قائمة وبدأنا بالاعتماد على الهندسة العكسية للرجوع للوقت الحاضر، وطلبنا منهم أن يضعوا لنا تصورا عن المستقبل كما يودون أن يعيشوه، وقسمناهم إلى 4 مجموعات رئيسية تعمل وفق أجندة خريطة المستقبل، والتي تشمل «أساليب تعلم جديدة»، «نحو بناء دولة أكثر استدامة وتقدم وقوة»، «العوالم الرقمية وأبطال الابتكار»، «فرص جديدة في الخمسين عاما القادمة»، والحقيقة أننا فوجئنا بما قدمه الشباب من مقترحات وحلول سوف نظهرها للعلن في «إكسبو 2020 دبي» كي نطلع العالم على ابتكارات شبابنا وإسهاماتهم في بناء مستقبل دولتهم.
من خلال رصدكم لقضايا شباب الجيل الحالي، ما أبرز التحديات التي يواجهها؟
أكبر تحد يواجهه الشباب هو إصلاح ذواتهم، فنحن في وقت يمتاز بالعديد من الفرص للتطوير والابتكار والتعلم، وفي نفس الوقت توجد العديد من الملهيات مثل الاستخدام غير الرشيد لوسائل التواصل الاجتماعي، والتي تهدر الوقت وتضيع كثير من الأشياء التي يمكن الاستفادة منها كالانخراط في برامج التطوع وتطوير الذات وغيرها من المجالات التي ترتقي بالإنسان، ورسالتي للشباب هي استغلال الوقت والصحة في الأشياء المفيدة وأن يكونوا أكثر فاعلية في المشاركة بالنشاطات البدنية والفكرية واقتحام مجالات جديدة ومختلفة، وعندما يميلون لتخصص دون غيره عليهم تنمية مهاراتهم فيه، كما أوصي أبنائي بأهمية القراءة حتى لو كان الإنسان غير محب لهذه الهواية المفيدة فليبحث عن وسائل أخرى تخدم هذا الجانب وليكن بالاستماع والإنصات الجيد للتجارب الملهمة من حوله.
يواجه العالم تحديا حقيقيا يفرض الانتقال من التعليم التقليدي إلى الحديث، كيف تقيمون التجربة الإماراتية في ظل جائحة «كورونا»؟
أثبتت التجربة الإماراتية نجاحها خلال تعاملها مع ملف التعليم أثناء الجائحة، ففي الوقت الذي توقفت فيه الحياة في دول متقدمة، استطاعت هي أن تجتاز الصعاب وتسير عجلة الحياة بكل اقتدار ليس في التعليم فقط ولكن في كل جوانب الحياة، فتحية كبيرة للعاملين في الميدان التربوي والذين أثبتوا كفاءتهم في إدارة العملية التربوية عن بعد.