سعى والد مطلق (في الفجيرة) إلى التقرب من ابنته التي كانت بحضانة الأم. لم يكن من حل أمامه سوى استخدام السحر والشعوذة أملاً في كسب قلبها. قدم لها هدية على شكل قلادة بيد أنها كانت تحتوي على طلاسم بالحبر الأسود وكتابات غريبة وما كان من الأم إلا أن اكتشفت الأمر وأوصلته إلى الجهات الأمنية لمواجهة الأب الذي كان يدافع عن نفسه بأن محتوى القلادة ليس سوى رقية شرعية، ناكراً تهمة استخدام السحر والشعوذة للتأثير في ابنته ونيل رضاها.
هو «سحر المحبة» الذي عمد الأب إلى استخدامه وقد يجد من البعض تعاطفاً لافتاً كون للفعل ما يبرره إنسانياً، إلا أنه «من أكبر الضرر الذي يقع على الإنسان» من الناحية الشرعية وهو محرم كونه يسلب الفرد إرادته وهو مجرم من الناحية القانونية تحت بند الاحتيال.
كلاً من سحر المحبة (سحر العطف) وسحر الكراهية (سحر الصرف) محرم شرعاً
يؤكد الدكتور عبدالله محمد الحمادي، كبير الوعاظ في الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، أن «كلاً من سحر المحبة (سحر العطف) وسحر الكراهية (سحر الصرف) محرم شرعاً وقد نبه القرآن الكريم والسنة المطهرة من تخريم السحر وإتيانه وتعاطيه وتجريم من يمارسه ويطبقه على الناس».
و يشير د. الحمادي إلى «أن السحر من أكبر الضرر الذي يقع على الإنسان، لأنه سلب لإرادة الإنسان التي منحها الله له، فيعبث الساحر بهذه الإرادة فيقلب المحبة إلى كراهية أو العكس، أو يمرض الإنسان في سحر المرض ولا يترك طبيباً، ولا يعرف العلاج ويحير الأطباء، وقد يموت بسبب السحر في نهاية المطاف، وكم من صريع في قبره بسبب السحر وعليه أيّ سحر محرم ولو كان للمحبة، لأنه لا يكون إلا بالذهاب للكهنة والسحرة والعرافين، الذين حرم الله إتيانهم بقوة ووضوح.
يتوقف د. الحمادي عند حالات سحر من قبل زوجات: «إحداهن قامت بعمل سحر المحبة لزوجها، ليزداد حباً لها، فتأثر بالسحر ومرض ومات، بسبب ما تناول من سحر ممزوج بالقاذورات والشر والأدوية المتلفة للأعضاء».
وفي حالة أخرى، انقلب السحر على الساحر حيث «تحول سحر المحبة الذي قامت به زوجة لزوجها إلى كراهية، عقوبةً من الله، والرجل إذا اكتشف فيما بعد أن زوجه كانت تسحره سيكرهها، ولو كان سحر محبة؛ لأن السحر متعب وممرض، ولو كان سحر محبة فهو يؤذي ويرهق الجسد، لأنه تدخل خارجي مسلط على الجسد والنفس ولا يقع الإنسان في السحر المحرم ويخسر رضا ربه، لأجل محبة شخص فالقلوب بيد الله.
ويؤكد ثمة وسائل وسبل حلال كثيرة لكسب ود الآخرين يستعرضها كبير الوعاظ من «المعاملة الطيبة، والإهداء وإعطاء الحقوق للآخرين، والحكمة في التصرف معهم، وكذلك الدعاء من أقوى الأسباب لزيادة المحبة وقوتها واستمرارها بين الزوجين مثلا، أو الأب وأولاده، لأن القلوب بيد الله يصرفها كيف يشاء.
"أعمال السحر تندرج تحت الاحتيال في القانون الإماراتي"
تلفت الدكتورة منى كامل تركي مستشار بحث علمي وعضو اللجنة العلمية بجمعية الاجتماعيين بالشارقة إلى أن هذه الحالات تنتشر بين الخادمات حيث «تعمد بعضهن إلى استخدام السحر لتقبل أهل بيت مخدومها لها ومعاملتها معاملة حسنة، ولذلك نجد الكثير من أعمال السحر والطلاسم التي تكتشفها بعض الأسر وتكون الخادمة استخدمت فيها البول، اللعاب وحتى الدم».
وتورد الجانب القانوني للقضية حيث تؤكد أن «قانون العقوبات الاتحادي رقم (3) لسنة 1987 والمعدل بموجب المرسوم بقانون اتحادي رقم(24) لسنة 2018 يخلو من الإشارة الصريحة والواضحة إلى عقوبة مرتكب جريمة السحر والشعوذة، وبصفة عامة أياً ما كان الغرض من عملية السحر فهو جريمة تستحق عقوبة واضحة بنص قانوني صريح، ومع ذلك تضمنت المادة (399) من قانون العقوبات الاتحادي عقوبة الحبس والغرامة لكل من توصل إلى الاستيلاء لنفسه أو لغيره بالاستعانة بطريقة احتيالية أو باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة متى كان من شأن ذلك خداع المجني عليه مع علمه بسبق تصرفه فيه وكان من شأن ذلك الإضرار بغيره، وهذه المادة في العقوبة التي تندرج تحت عنوان الاحتيال».
وتخلص د. تركي إلى أن «قانون العقوبات لا يتضمن مادة صريحة تعاقب من يرتكب أعمال السحر والشعوذة، ما يعني أن قضايا السحر والشعوذة وفق القانون الإماراتي تندرج تحت عنوان الاحتيال، الأمر الذي يستوجب إضافة المشرع نصاً صريحاً يجرم هذه الأعمال، لأنها تتكرر، وتضر المجتمع، وأتمنى من المشرع الإماراتي، إدخال نص خاص يعاقب من يقوم بالسحر والشعوذة، وليس تطبيق عقوبة النصب والاحتيال».
هل تؤمن بالسحر؟