لم تكن تعلم تلك الطفلة التي تعلقت بفيلم ديزني «أميرة الثلج»، الذي يتحدث عن قصة طالبة بالمدرسة الثانوية تسعى لتحقيق حلمها باحتراف التزلج، أن ذلك الشغف سيتحول في يومٍ ما إلى طريق ونقطة انطلاق لجيل جديد من المتزلجات، لتتمكن بعد ذلك من تحقيق نجاح تلو الآخر، هي زهرة لاري المتزلجة التي دون التاريخ اسمها بأنها أول محترفة ترتدي الحجاب تمكنت من انتزاع اعتراف الاتحاد الدولي للتزلج بأحقية المرأة في المشاركة في البطولات مرتديةً حجابها، كما ساهمت في انضمام الإمارات إلى اتحاد التزلج الدولي كأول دولة عربية وأول إماراتية تشارك في بطولة تأهلية عام 2018.
ولدت زهرة في إمارة أبوظبي لأب إماراتي وأم من الولايات المتحدة الأمريكية وأخت لشقيقين، تميزت بالذكاء والفطنة وتفوقها الأكاديمي، تخرجت في المدرسة الثانوية الأمريكية الدولية لتحصل بعدها على درجة البكالوريوس في الأدب والعلوم من جامعة أبوظبي.
ما سبب اختيارك لهذه الرياضة البعيدة عن بيئة ومناخ دولة الإمارات؟
جاء اختياري لرياضة التزلج وأنا طفلة بعمر 12 عاماً بعد مشاهدتي لفيلم ديزني «أميرة الثلج» وتعلق قلبي بهذه الشخصية، ازداد حماسي لها منذ اللحظات الأولى التي تزحلقت فيها على الجليد، عندها طلبت من والدي أخذي للحلبة لأخذ دروس في رياضة التزلج.
وكيف كان رد فعل الأسرة، خاصة أنها رياضة غريبة على عادات وتقاليد المجتمع الإماراتي؟
في البداية واجهت معارضةً كبيرة من والدتي التي كانت قلقة على تأثيرها في تحصيلي الدراسي، بترتيب من والدي تمكنت من الحصول على حصة تدريبية واحدة لمدة 30 دقيقة أسبوعياً على حلبة مدينة أبوظبي الرياضية حيث كانت البداية، واصلت التدريب لثلاث سنوات متواصلة كانت فيها أمي المرافق الدائم لي، كان إقناع والدي بضرورة مشاركتي المنافسات الدولية هو بداية الصراع الذي عاشه وهو يرى أن هذه الرياضة لا تناسبني وأنا أكبر، وأنها يجب أن تكون مجرد هواية، لأنها بعيدة عن ثقافة وتقاليد المجتمع الإماراتي لكن بعد إصراري ومحاولاتي العديدة التي استمرت لأشهر عديدة تمكنت من إقناعه بالاستمرار ودخول المنافسات الدولية.
ما شعورك كونك أول امرأة إماراتية تمارس هذه الرياضة؟
من الشرف لي أن أوصف بأول إماراتية تتزلج على الجليد ومحظوظة بوجودي في دولة تدعم المرأة في مختلف أدوارها، كل مرة أشارك فيها بطولة أو منافسة أشعر بالفخر وأنا أرى العلم الإماراتي مرفوعاً فكل ما وصلت إليه كان بفضل دولتي الحبيبة.
كيف تعاملت مع ردود فعل وانتقادات المجتمع؟
لأكون صريحة تفاجأت بهذا القدر من الاهتمام، شعرت في ذلك الوقت بأني أقوم بشيء خيالي يمكن أن يغير من تفكير النساء في المنطقة تجاه هذه الرياضة، أما فيما يتعلق بالتعليقات السلبية لم أترك لها المجال بأن تعيق تقدمي، كنت أعرف أن ما أقوم به ليس فيه أي خطأ، الأشخاص من أصحاب التفكير السلبي موجودون في كل مكان من العالم وهم ليسوا جزءاً من الأشخاص المقربين بالتالي هم لا يشكلون أهمية بالنسبة لي، أنا فخورة بما أنجزته وأشجع كل فتاة على ملاحقة أحلامها وتسعى لتحقيقها.
هل كانت الصدفة أم التخطيط والطموح هو من قادك لتكوني أول امرأة ترتدي الحجاب وتتزلج وتشارك في الألعاب الجامعية الشتوية العالمية لعام 2019 في روسيا؟
بالتأكيد هو الطموح والتخطيط، لسنوات عديدة وأنا أطمح للمشاركة في هذه المنافسة، وبما أن من شروط المنافسة التي كانت تقام كل عامين أن يكون المشارك من الطلبة الجامعيين فقد كنت أخطط للمشاركة فيها بشكل صحيح، كل ذلك كان بدعم من جامعة أبوظبي و الاتحاد الدولي للألعاب الجامعية FISU اللذين ساعداني على تحقيق حلمي.
كيف شعرت لحظة سقوطك خلال دورة الألعاب الجامعية الشتوية التي أقيمت في مدينة كراسنويارسك، وكيف كان رد فعل المشجعين؟
في بداية مشاركتي هذه المسابقة أحسست بتوتر، إفراطي في التفكير كان سبب سقوطي وسط هذا العدد الكبير من المتفرجين على الرغم من استعدادي الجسدي إلا أن رد فعل جمهور مدينة كراسنويارسك وتشجيعه الإيجابي أعطاني شعوراً عظيماً على الرغم من أني لم أقدم أفضل ما عندي.
بدأت ممارسة هذه الرياضة في وقت متأخر مقارنة بأقرانك من الرياضيين. كيف تمكنت من مواكبتهم؟
بالفعل بدأت في وقت متأخر جدًا مقارنة بزملائي الرياضيين، أول مرة تزلجت فيها على الجليد كنت في الثانية عشرة في ذلك الوقت لم أكن جدية في التدريب حتى بلغت الخامسة عشرة، في العادة يبدأ معظم المتزلجين تدريبهم وهم في سن 3 سنوات، لكني لم أدع ذلك يكن عقبة في طريقي، بالعمل والاجتهاد يمكن تحقيق أي شيء.
التزلج رياضة تحتاج للكثير من الوقت والجهد، كيف تمكنت من تحقيق التوازن بين الدراسة والتدريب؟
على طوال مسيرتي حصلت على الدعم من الأسرة والمدرسة، كما أجدت التعامل مع جميع الظروف وأصبحت خبيرة في إدارة الوقت، كما يقال «عندما توجد الإرادة تجد الطريق»، أثناء دراستي الجامعية حصلت على دعم جامعة أبوظبي بالسماح لي بالسفر للمشاركة في المسابقات، ولا يزال يتعين علي الموازنة بين عملي الرياضي ودراستي وأفخر بأني تمكنت من الحفاظ على مستوى جيد طوال فترة دراستي.
ما هي أهم البطولات والمسابقات التي شاركت فيها؟
شاركت في مسابقات محلية ودولية، كنت بطل الإمارات الوطني 5 مرات، كما كنت أول لاعبة إماراتية تشارك في مباريات عالمية بعد انضمام الإمارات إلى عضوية الاتحاد الدولي للتزلج التي أصبحت من خلالها أول دولة عربية تنال هذه العضوية التي تعتبر أساسية من أجل المشاركة في كل البطولات العالمية، كان أهمها الألعاب الشتوية للجامعة العالمية في روسيا والألعاب الشتوية الآسيوية في اليابان، التصفيات الأولمبية في أوبرستدورف في ألمانيا والمشاركة في برنامج الأحلام في بيونغتشانغ في كوريا الجنوبية وأول منافسة دولية لي كانت في إيطاليا.
بماذا شعرت وأنت الفتاة الصغيرة التي تمكنت من تغيير اللوائح الخاصة بإلغاء نقاط الخصم المحسوبة على ارتداء الحجاب؟
هذا الوقت والتاريخ كان شاهداً على تحقيق المساواة، أجد نفسي محظوظة وفخورة بالدور الذي لعبته في هذا التغيير كما أشعر بالامتنان لأعضاءَ الاتحاد الدولي للتزلج على الجليد على قرارهم الحكيم بإنصاف اللاعبات المحجبات على ساحات المنافسة الدولية.
هل تجدين من الممكن أن تكون شخصيات الأفلام أو وسائل التواصل الاجتماعي هي القدوة للباحثين عن النجاح؟
أعتقد علينا ألا نقارن أنفسنا بالآخرين وأن يفهم كل شخص أن ما يعرض على التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي ليس بالضرورة أن يكون دائماً صحيحاً، على كل شخص أن يجد مساره الخاص ويضع لنفسه أهدافاً خاصة، من المهم أن يكون الشخص واثقاً وحازماً وصبوراً وقوياً وملتزماً ليتمكن من الوصول لما يريد تحقيقه.
وكيف هي علاقتك بمتابعيك على وسائل التواصل الاجتماعي؟
تكشف لنا الأيام والظروف الصعبة التي نمر بها في بعض الأوقات خاصةً عندما لا تسير الأمور بالشكل الصحيح طبيعة الأشخاص الحقيقيين الصادقين، هذا ما تلمسته من متابعي على وسائل التواصل الاجتماعي الذين كانوا حقاً داعمين ومشجعين، يمكن لرسالة أو تعليق بسيط من متابع أن يعيد الابتسامة إلى وجهي بعد يوم تدريب صعب ومجهد، ويساعدني على استعادة قوتي والعودة للجليد لأتدرب أكثر وأكثر.
كونك أول متزلجة ترتدي الحجاب، كيف تمكنت من الحصول على الزي الذي يناسبك، وهل من مواصفات خاصة له؟
لا يستلزم الزي شروطاً معينة هو خيار شخصي غير أنه يجب أن يتناسب وأسلوب اللاعبة والموسيقى وتصميم الرقصات، البحث عن الزي بدايةً كان رحلة بحد ذاتها خضت فيها تجارب خاطئة باختيار قطع غير مناسبة إلى أن تمكنت من الاتفاق مع مصممتين صممتا لي الأزياء والحجابات التي أحتاجها.
كيف كان انطباع المجتمع الدولي لمشاهدته متزلجة ترتدي الحجاب؟
كانت علامات الدهشة تعتلي وجوه الكثير من المدربين والمتزلجين والجمهور من مشاركة فتاة من دولة عربية ومسلمة ترتدي الحجاب، هذا الاهتمام قربهم مني، على أثره جمعتني بالكثير منهم علاقات صداقة ما زالت قائمة إلى الآن.
من أين تحصلين على الدعم ؟
حصلت على دعم العائلة والأصدقاء وقيادتنا الرشيدة التي هيأت لي كل الدعم للوصول لأهدافي بالإضافة إلى دعم مجموعة Nike وطيران الإمارات.
ما طموحك، وما هي خططك للمستقبل؟
كل ما أطمح له هو مواصلة التدريب والتطور للوصول للنجاح، المستقبل بالنسبة لي كتاب مفتوح يمكنني أن أضيف له يوماً بعد آخر.
بماذا تنصحين الفتيات الراغبات في ممارسة هذا النوع من الرياضة؟
على الفتيات الراغبات في ممارسة هذه الرياضة اتباع شغفهن ومتابعة أحلامهن، النجاح ليس بالأمر السهل والبسيط، لكن بالعمل الجاد كل شيء يصبح ممكناً.
اقرئي أيضاً:
نورة السركال… أول مصممة إماراتية تدمج بين جمال المجوهرات وجاذبية العطور
المصممة الإماراتية الجود لوتاه: أحلم بالوصول بأعمالي إلى العالمية