تصوير: السيد رمضان
ألهمها الطبيب الذي كان يتابع حالتها الصحية وهي صغيرة كونها تعاني ربواً حاداً، ما دفعها إلى الرغبة في أن تكون «طبيبة أطفال» لتعدل المسار وتتجه إلى تخصص أمراض النساء والتوليد بسبب عدم قدرتها على التحرر من مشاعرها تجاه فئة الصغار. هي الشيخة الدكتورة علياء حميد القاسمي.
عملت كاختصاصي في أمراض النساء والتوليد لمدة 18 عاماً وأدارت عيادات صحة المرأة في مراكز الرعاية الصحية الأولية التابعة لهيئة الصحة وشاركت في حملات توعوية وتبنت الكثير من القضايا التي تنعكس إيجاباً على مسار المجتمع.
لم تعتزل الطب، بل سعت إلى إحداث فرق ولتكون أول إماراتية تتخصص في الترميم والتجميل النسائي ولتكون الأكثر تفرداً وتميزاً من «باب إحداث أثر فوق التوقعات التي أنتظرها».
«كل الأسرة» حاورتها واطلعت على مسيرة طموحات لا تنتهي كطبيبة وأم وإنسانة بالمستوى الأول.
ما ملامح الطفولة التي رسخت لشخصيتك الحالية؟
عشت طفولة جميلة في إمارة الشارقة وسميت بعلياء تيمناً باسم أغلى إنسانة الشيخة علياء بنت خميس السويدي وهي أم جدي الشيخ صقر بن حميد القاسمي. كطفلة، كنت «مبزاية» (مدللة) ولكن كنت أعاني ربواً حاداً وأقبع في المستشفى في فترات متقطعة وكان هذا الإنسان الذي هو الطبيب يلهمني حيث يولي الاهتمام لصحتي ويطمئن عائلتي.
في عمر الأربع سنوات، أدركت أني سأكون طبيبة ليكون لي أثر في حياة كل إنسان، فكان مسار حياتي المهني واضحاً مذاك الوقت لتكون خطواتي نحو تحقيق هدفي مدروسة.
ما الزاد الذي حملته من الأهل؟
أنا من سلالة عائلة معروفة بالعلم والثقافة وصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة مثلنا الأعلى كما كان جدي الشيخ صقر بن حميد القاسمي يجيد خمس لغات ويحدثنا بالعربية الفصحى. ولكل من أمي وأبي بصمة في مجاله. أمي فاطمة بنت سالم السويدي كانت ناشطة في مجال التعليم، وكان والدي الشيخ حميد بن صقر بن حميد القاسمي منخرطاً في المجال الشرطي. الإلهام والقدوة كانا حولي من كل صوب وكنت «ماخدة الغلا كله».
تربيت في بيئة تعزز قيم الصدق، الشجاعة، المثابرة، العطاء والكرم وهي قيم لها جميل الأثر توارثناها من أهلنا ونعززها لدى أبنائنا.
اللحظة الحالية التي تعيشها لن تعود أبدا..
— 🇦🇪د. علياء القاسمي (@DrAliaAlQassimi) December 26, 2019
كُن حاضراً. ~ #خربشات_علياء #لحضة #وقت #عمر #حياة #حضور #تجربة #قيمة #حكمة #AHQ
لماذا اخترت تخصص أمراض النساء والولادة رغم رغبتك بتخصص طب الأطفال؟
في السنة الأخيرة من التخصص، كنت أقيم ربطاً بالمشاعر بيني وبين الطفل، مما استنزف الكثير من عواطفي، في حين يجب أن أكون أكثر قوة وصلابة كطبيب أطفال.
وخلال التدرب في مجال أمراض النساء والولادة، شعرت أني أعشق هذا المجال لكونه يفتح لي باب التعامل مع الأم والطفل وممارسة التقنيات الجراحية.
فالتخصص كان يتطلب التأهب طول الوقت واتخاذ قرارات سريعة وبالأخص أنني أتعامل «مع روحين»(الأم والطفل).
هل عارضك الأهل في اختيار التخصص؟
لا أحد ألزمني أو عارضني.والدي كان يعرب عن دعمه رغم تخوفه من عدم زواجي ولكن، الحمدالله، أنا اليوم أم لخمسة أبناء.
عملت كاختصاصي في أمراض النساء والتوليد وتبوأت مناصب إدارية.
ماذا اكتسبت من التجربة؟
عملت لـ18 عاما في مجال النساء والتوليد واليوم اعتزلت الولادات لأن طبيعة التخصص تحتاج إلى نظرة وفكر مختلفين
فرغم التعب والجهد، كنت أتلمس نتائج عملي حيث تبنى علاقات مميزة بيني وبين المريضة تمتد الى الحفيدة لدرجة أشعر أني جزء من عائلة كل امرأة أقوم بتوليدها.لم أكن أشعر بتعب وأعود للمنزل سعيدة باعتبار أن أي دعوة من أم أو زوج أو ولد كانت تذهب بالتعب كل.
تبدين شخصية لا تحب الروتين؟
تضحك وتحسم: «لا أحب العادي بل التميز.أحب التفرد للعطاء والإلهام.أرغب أن ألهم بنات جيلي وأدربهن ليستمررن ويتميزن ويرفعن اسم بلادي في كل مجال يتفاخر به المرء.
كيف انتقلت إلى القطاع الاجتماعي؟
كان السؤال الذي يراودني عن كيفية التميز مع وجود عدد كبير من الطبيبات في هذا المجال. خلال مسيرتي، صادفتني فرصة للعمل في القطاع الاجتماعي واعتبرت الفرصة تحدياً لأخوضه.عملي في قيادة قطاع التنمية الاجتماعية أطل بي على التحديات التي تواجه المرأة. ودوري أن أمكن المرأة.
هل هذا البعد يرتبط بتخصصك في مجال نادر؟
بالطبع. فقد اتجهت إلى المجال البحثي ووجدت أن هناك تخصصات غير متوافرة داخل الدولة ومنها تخصص الترميم والتجميل النسائي وهو يجمع بين الجراحة التجميلية وأمراض النساء والولادة .
فاختياري لتخصص جريء نابع من إحساسي بالتميز وإيماني أني الشخص الذي يمكن القيام به. على الفرد أن يكون مؤمناً بنفسه وبقدرته على تحقيق هدفه.
رأيت في التخصص فرصة قد نتميز بها في دولة الإمارات وأتميز بها كطبيبة ويكون لي أثر. قدمت أوراقاً بحثية وسافرت إلى عدة دول لتطوير واكتساب الخبرة في هذا المجال لأكون أول إماراتية متخصصة في الترميم والتجميل النسائيين وحالياً نعمل، في مجلس إدارة أمراض النساء والولادة في جمعية الإمارات الطبية على إنشاء «نادي الترميم والتجميل النسائي «لتوظيف الابتكار في المجال الطبي. كأطباء، من واجبنا طرح الموضوع بما يتناسب مع ديننا وثقافتنا وأصولنا، وأؤكد: «لا يشيل البلاد إلا عيال البلاد».
نعرف أن أدوارك متشعبة. كيف ترصدين قيادتك لقطاع التنمية الاجتماعية؟.
دوري في قطاع التنمية الاجتماعية أكبر من خبير اجتماعي أو رئيس تنفيذي.فقد توليت رئاسة محور الحماية الاجتماعية في استراتيجية دبي للإعاقة على المستوى المحلي في ظل السعي لتكون دبي صديقة لأصحاب الهمم.
والحماية ذات شقين: ضمان الحياة الكريمة لأصحاب الهمم بمستوى معيشي لائق وسهولة الوصول إلى الخدمات وذلك من منظور حقوقي بمعنى أستحق لكوني فرداًَ من المجتمع وليس لكوني من أصحاب الهمم، ما يضمن الحماية الاجتماعية. كما عملنا على سياسة التوظيف الدامج. نعمل كفرق وبالتماس مع المجلس التنفيذي ومع القطاعات الأخرى، إيماناً بتكاملية الأدوار وتجنب الازدواجية.
أين وجدت نفسك أكثر بعد أن عملت إدارياً؟
هذا ميزني لأكون أكثر من مجرد طبيبة في تخصص معين وإثبات خبرتي في الإدارة بشيء علمي حيث حصلت على ماجستير إدارة الرعاية الصحية من الكلية الملكية للجراحين في إيرلندا وأنشأنا ملف رابطة خريجي الكلية الملكية الإيرلندية –دبي، ما وضع دبي والإمارات على خريطة الكلية ذات السمعة العريقة. واعترافا من الكلية بأهمية هذا العمل، اختارتني ضمن شخصيات جدار الشهرة في الجامعة.
مثلت المرأة في كثير من المؤتمرات الخارجية. كيف استطعت نقل صورة الإماراتية للخارج؟
انتسبت الى أكثر من برنامج قيادي كبرنامج القيادات النسائية للتبادل المعرفي مع مملكة السويد. هذا البرنامج منحني فرصة تمثيل المرأة الإماراتية في القطاع الطبي للدول الاسكندنافية وكنت خريجة برنامج القيادات المؤثرة لمركز محمد بن راشد لإعداد القادة وأتيحت فرصة تمثيل المرأة الإماراتية للعمل في القطاع الاجتماعي وقيادة ملف الإعاقة في الأمم المتحدة عام 2015 في مؤتمر دول الأطراف.
كرمت أكثر من مرة. كيف ترصدين المحطة الأهم؟
في يوم المرأة العالمي 2017، تم اختياري كشخصية المرأة ذات العطاء الاجتماعي وعام 2018، تم اختياري من ضمن شخصيات «نساء ذات محتوى»
و”المرأة القيادة لعام 2019" ضمن جائزة الموارد البشرية لدول مجلس التعاون كأول إماراتية في تخصص الترميم والتجميل النسائي
التكريم الأقرب لقلبي هو يوم كرمني صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد كخريجة القيادات المؤثرة وأكبر شرف أن أكون خريجة مدرسة الشيخ محمد بن راشد.
التكريم الأقرب لقلبي هو يوم كرمني صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد كخريجة القيادات المؤثرة وأكبر شرف أن أكون خريجة مدرسة الشيخ محمد بن راشد
هل جرى حوار بينك وبينه آنذاك؟
كان لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، في مسيرتي أكثر من كلمة جعلتني أستمر. كنت في سنتي الأخيرة للتخصص وكان في زيارة لمستشفى راشد في يوم ماطر وكنت في السنة الأخيرة من التدريب في مجال الطب. كنت خارجة من المستشفى عندما نزل من السيارة وبادرني بالسؤال عن أحوالي بلفظ «دكتورة وقال لي كلمة واحدة «استمري»، وكان ذلك قبل 19 عاماً. وفي مجلس رمضان خصص يوماً للأطباء الإماراتيين وكان له حديث معنا ويوم سلمت عليه سألني عن الأهل كونه يعرفني شخصياً وكانت كلماته لا تنسى وهو يعبر عن فخره بنا كأطباء وثروة للدولة.
ثمة لقاء جمعني به صدفة في «دبي مول» حيث كنت أتناول الطعام مع صديقة لي حيث جاء وسألنا: «شو اسم هيدا لا هو غدا ولا عشا؟ (أي عن فترة ما بين الغداء والعشاء بلهجتنا)، فأجبته: «هيور» وبدا مستأنساً كوننا لم ننس رمستنا.
[صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد يسلم الجائزة إلى د.علياء القاسمي]
بأي منظور أمومي، تتعامل الدكتورة والشيخة مع أبنائها؟
أبنائي هم راشد (15 عاماً)، حميد(12 عاماً)، حمدة (10 سنوات)، عائشة (8 سنوات) ومحمد (7 سنوات). أتبع المنهج الذي ورثته وأساسه الوازع الديني وحفظ الله في قلوبنا، استناداً الى قيم الصدق، المصداقية مع النفس، معرفة الذات والضمير الحي الذي يمنعك من ظلم أحد. واحترام وحب الذات بعيداً عن الأنانية وهذا ما يتلمسه أبنائي بالقدوة.
لمن توجهين رسالة؟
رسالتي لكل امرأة، اعرفي نفسك واعرفي ما يسعدك واعرفي تحدياتك حتى تستطيعين التعايش معها وتسخرينها لأن لا شيء مستحيل.
كإماراتيات، نحن قادرات على كل شيء ولا سقف لطموحاتنا وإنجازاتنا وكله يبدأ بوعينا بأنفسنا.
لا شيء مستحيل كإماراتيات، نحن قادرات على كل شيء