يشرح لنا د. أحمد عمر هاشم، عالم السنّة النبوية وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، معنى حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم «لا ضرر ولا ضرار»، وعلاقته بالحفاظ على البيئة العامة سليمة نقية، فيقول «هذا التوجيه النبوي الكريم يؤكد أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يستهدف بتوجيهاته توفير البيئة السوية التي تساعد على توثيق علاقة المسلمين ببعضهم بعضاً، حيث يجمع بينهم على الحب والمودة والرحمة والتعاون، وعلى كل ما ييسّر وسائل العيش الكريم والحياة الطيبة. ويعلن في هذا المضمار ذلك المبدأ الخالد «لا ضرر ولا ضرار»، فيحذّر من اقتراف أي عمل، أو قول يترتب عليه أذى، أو يكون فيه شر يحيق بالفرد، أو بالمجتمع، أو يثير فتنة، أو يُحدث فرقة، أو يُوغر الصدور، وينفث سموم الحقد والعداوة في النفوس».
ويضيف العالم الأزهري «من بين ما أوصى به رسول الله، لتحقيق هذه المقاصد المرفق الهام الذي يستخدمه كل الناس (الطريق)، من حيث إنشائه وتمهيده، حتى يتيسر استخدامه والحفاظ عليه من كل ما يعيق صلاحيته، أو يعطل الانتفاع به، وبقدر رعايته والعناية به تكون ثمرته في جميع فروع الحياة: زراعية وصناعية وتجارية وثقافية واجتماعية. وتحذير النبي، صلى الله عليه وسلم، من الجلوس على الطرقات يستهدف منع الأذى والضرر الذي يمكن أن يقع من طرف على آخر، من الذين يستخدمون الطريق العام، لكن إذا كانت هناك ضرورة أو حاجة للجلوس على الطريق فليس هناك حرج في ذلك، بشرط الحفاظ على حق الطريق، وأول هذه الحقوق التي ينبغي أن يراعيها كل من يجلس، أو يسير في الطريق: غضّ البصر، وهو أمر إلهي قبل أن يكون توجيهاً نبوياً.. فالله سبحانه وتعالى يقول: «قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ».
وقوله صلى الله عليه وسلم: «وكفّ الأذى» يعني ذلك ألا يؤذي الناس، بالقول أو بالفعل، وربّ العزة تبارك وتعالى يقول: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ» ويقول: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ».
ومن ذلك، ما يصدر عمّن لا خلاق لهم، من فاحش القول يؤذون به الغاديات والرائحات من دون وازع من حياء، أو دين، إلى تلك النظرات الآثمة التي يلاحقونهن بها، بلا رقيب ولا حسيب، ولو علم هؤلاء أنهم بصنيعهم هذا يسيئون إلى أعراضهم - الأم والأخت والزوجة والبنت - لما فعلوا ذلك، ففي الحديث: «عفّوا تعف نساؤكم».. وفي الأثر: «كما تدين تُدان وبالكيل الذي تكيل به تكتال».
اقرأ أيضاً: د. أحمد عمر هاشم: 7 وصايا نبوية للفوز بالصوم المقبول