الصوم كباقي العبادات المفروضة له شروط وجوب، وهناك أعذار شرعية تبيح للإنسان أن يفطر.. فما هي شروط وجوب الصوم؟ وما هي الأعذار المقبولة شرعاً والتي تبيح للإنسان عدم الصوم؟ وما حكم الشرع فيمن يجاهر بالفطر في نهار رمضان سواء أكان من أصحاب الأعذار الشرعية أو كان غير ملتزم بفريضة الصوم؟
تساؤلات عديدة عرضناها على نخبة من كبار علماء الأزهر الشريف.. وهنا خلاصة ما قالوه ونصحوا به:
شروط وجوب الصوم
في البداية يؤكد العالم الأزهري د. علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر ومفتي مصر السابق، أن شروط وجوب الصوم خمسة، وهي:
فكل من تتوفر فيه هذه الشروط وجب عليه أن يلتزم بالصوم ويؤدى العبادة، لأنها ركن من أركان الإسلام، ولا يجوز لأحد إهمالها أو عدم الالتزام بها إلا لعذر شرعي.
ويضيف «علينا جميعاً أن نعلم أن الصوم لا يكون مقبولاً إلا إذا صام الإنسان صوماً حقيقياً وتاماً، بأن يكف جوارحه وشهواته، ويمتنع عن المفطرات، وعن المعاصي ما ظهر منها وما بطن، ويمتنع عن الزور وعن العمل به.. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"، والمراد بقول الزور: الكذب، والذي يكف عن الطعام والشراب فيجوع ويعطش، لكنه لا يكف عن الغيبة والنميمة، أو قول الزور، أو العمل به، ولا يحفظ جوارحه عن الآثام لا يجني من صيامه إلا الجوع والعطش، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كم من صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش»، كما قال صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان وعرف حدوده وتحفظ مما ينبغي له أن يتحفظ منه كفر ما قبله»، وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً «إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك ويدك».
من يرخص لهم في الفطر؟
ويوضح د. جمعة، أن الصوم مثل باقي العبادات هناك أعذار تبيح للمسلم عدم الالتزام به، وهي درجات أو أنواع، وعلى الوجه التالي:
المجاهرة بالفطر في شهر رمضان
وعن سلوك الذين يجاهرون بالفطر في نهار رمضان دون عذر شرعي، يقول د. عباس شومان أستاذ الشريعة الإسلامية وعضو مجمع البحوث بالأزهر «من يفعل هذا السلوك المشين مستهتر وعابث بشعيرة مهمة من شعائر الإسلام، ولا يمكن تصنيف هذا السلوك المستفز لمشاعر المسلمين بأنه من الحريات الشخصية؛ بل هو نوع من الفوضى والاستهانة بعبادات الإسلام، لأن المجاهرة بالفطر في نهار رمضان مجاهرة بالمعصية، وهذا سلوك محرم، فضلاً عن أنه خروج عن الذوق العام في بلاد المسلمين، وانتهاك صريح لحرمة المجتمع، وحقه في احترام مقدساته.
وعلى المسلم إذا ابتلي بهذه القسوة أن يتوارى حتى لا يكون ذنبه ذنبين، وجريمته جريمتين. حتى أصحاب الأعذار الشرعية ينبغي أن يستتروا وهم يتناولون طعامهم وشرابهم احتراماً لمشاعر الصائمين، كثير من غير المسلمين يجاملون المسلمين في نهار رمضان ولا يؤذون مشاعرهم بتناول الطعام أمامهم، ولذلك فالأولى بالمسلم المفطر أن يكون على نفس المستوى من الذوق العام، واحترام مشاعر الصائمين في الشوارع والمواصلات ومكاتب العمل والأماكن العامة».
كيف نواجه من يجاهر بالفطر في الشهر الفضيل؟
لكن د. شومان، يؤكد ضرورة مواجهة هذا السلوك المنبوذ شرعاً بعيداً عن العنف.. ويوضح «الوسيلة المثلى لمواجهة من يجهر بإفطاره في شهر رمضان هي توجيه النصح له بالحكمة والموعظة الحسنة. ولا بأس هنا أن تسن الهيئات التشريعية من الضوابط ما يكفل منع المجاهرين بالإفطار في الشوارع والميادين وكافة الأماكن العامة. كما ننصح أصحاب المحال العامة بعدم فتح أبوابها لمساعدة المجاهرين بالفطر في رمضان».