خلال الأيام الماضية شاهدنا جدلاً وخلافاً حول الحسد وعلاماته على الشخص المحسود.. هل هناك علامات ودلالات للحسد؟ وهل الحسد «هواجس نفسية» كما يردد بعض أطباء النفس؟
علامات الحسد
يقول العالم والفقيه د. علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر ورئيس لجنة الشؤون الدينية بالبرلمان المصري ومفتي مصر السابق:
"الحسد حقيقة ورد ذكرها في القرآن، وقد أمرنا الخالق سبحانه بأن نستعيذ ونستعين به للحماية من شرور الحاسدين، فقال سبحانه: «ومن شر حاسد إذا حسد»، فالله سبحانه وتعالى لا يأمرنا أن نستعيذ من شيء وهمي.
لكن ليس للحسد دلالات وبراهين مادية ظاهرة على الإنسان المحسود، ولا يستطيع شخص أن يجزم بأن شخصاً ما ابتلاه الله بداء الحسد يحسده. والحقيقة أن بعض الناس تسيطر عليهم «هواجس نفسية» بأن الآخرين يحسدونهم ويتطلعون إلى ما في أيديهم، وهذه الهواجس النفسية علاجها في الإسلام أن الإنسان يحصن نفسه بالمعوذتين في كل وقت، وخاصة عندما يشاهد شخصاً يعتقد أنه يحسده أو يستكثر نعم الله عليه.
ونحن هنا ننصح كل شخص يعتقد أنه محسود، أن يستعيذ بالله من شرور عيون من يظن أنهم يحسدونه، دون أن يصدر منه ما يسيء لهذا الشخص، فهذا الشعور في حد ذاته يسبب له ارتباكاً نفسياً، ويجعله مضطرباً في حياته، وقد تصدر عنه سلوكيات مسيئة تجاه هذا الشخص الذي يحسده، وكل ما ننصح به هؤلاء الناس أن يتوكلوا على الله، ويحصنوا أنفسهم بالصلاة، وكل أعمال الخير، والدعوات المأثورة والله سبحانه وتعالى خير حافظاً وهو أرحم الراحمين.
التعامل مع الحاسدين
ويؤكد مفتي مصر السابق" ليس في القرآن علاج للحسد غير ما ذكرنا سلفاً، وهو التعوذ بالله من شرور الحاسد، فقراءة المعوذتين «قل أعوذ برب الفلق» و«قل أعوذ برب الناس» إلى جانب الحرص على الصلاة بانتظام، والتقرب إلى الله بكل ألوان الطاعات، هو الذي يحمي الإنسان من كل الأشرار، سواء الحاسدين أو غيرهم.
ونحن هنا نحذر من اللجوء للدجالين أو ممارسة بعض الخرافات للتحصن من الحسد، فالأسلوب الأمثل لمواجهة الاضطرابات النفسية وحالة الهلع والخوف التي تصيب هؤلاء الذين يعتقدون أنهم محسودون، هو قربهم من خالقهم، وتعليمهم ما علمنا إياه القرآن الكريم الذي أمرنا بالاستعاذة بالله من شرور الحاسدين، وليس عمل تمائم وأحجبة والاستعانة بأشياء لا تفيد.
ويكمل" فليس مطلوباً من المسلم أن يذهب إلى دجال أو ساحر أو كاهن ليعالج أو يحمي نفسه من الحسد، بل عليه أن يلجأ إلى خالقه يصلي ويصوم ويزكي ويكثر من الصدقة على الفقراء والمساكين، ويتحصن بآيات القرآن الكريم، وعليه أن يعتقد اعتقاداً جازماً بأن النافع والضار هو الله، ويردد في كل أحواله: «قل لن يصبنا إلا ما كتب الله لنا»، على المسلم أن يرتبط بخالقه، ويتوكل عليه، ويستعيذ به من شرور السحرة والحاسدين، فالتمائم كلها لا تنفع، بل قد تضر المسلم في عقيدته إذا ما اعتقد أنها تفيده وتحميه وتغير من قدر الله له.
واجب المسلم أن يأخذ بالأسباب ويفوض أمره لله، فهو وحده القادر على دفع شرور الحاسدين، وعليه أن يتيقن بأن ما يصيبه في الدنيا مقدر ومكتوب
ويضيف" على المسلم الذي يخشى الحسد أو يعتقد إصابته به أن يردد سورة الفلق التي تقيه من شرور الحاسدين والسحرة، كما يردد سورة الناس التي تقيه من شرور الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس، فقد يكون ما يعتقده الإنسان من حسد ليس أكثر من وهم. لذلك واجب المسلم أن يأخذ بالأسباب ويفوض أمره لله، فهو وحده القادر على دفع شرور الحاسدين، وعليه أن يتيقن بأن ما يصيبه في الدنيا مقدر ومكتوب، فالله سبحانه وتعالى يقول: «ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير. لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور».