درست الغناء الشرقي في المعهد الوطني العالي للموسيقى في لبنان، وعندما سمع صوتها الفنان الكبير وديع الصافي، قرّر اصطحابها إلى لندن للاشتراك معه في إحدى الحفلات التي حققت نجاحاً كبيراً، وأشادت بها الصحف، ما شجّعها على احتراف الغناء، فعادت إلى لبنان واشتركت في برنامج المواهب (كأس النجوم)، ونالت كأس الفنانة لطيفة التونسية..
قدّمت ألبومات غنائية مع شركة روتانا، قبل أن تُنتج لنفسها، وصوّرت كليبات زادت نجاحها وانتشارها الفني في العالم العربي.. اليوم هي موجودة بقوة على الساحة الفنية من خلال الحفلات، في لبنان والدول العربية، بينما تغيب عن الإصدارات الجديدة.
لماذا هذا الغياب؟
لأنني، وبكل صراحة، حائرة في أمري بالنسبة إلى الاختيارات، فإذا أكملت في خطي يقولون أنت كلاسيكية جداً، وإذا أخترت الشعبي يقولون ابتعدي عن هذا النوع.
تبنين اختياراتك على أساس قناعاتك أم بناء على طلب الجمهور؟
أحاول الموازنة بين الاثنين، ولكن الجمهور اليوم بات متوجهاً في مصر إلى أغاني المهرجانات، وفي بلاد الشام إلى الرديّات، وأنا لا أستطيع مُسايرة هذه الموجة.
ماذا تقصدين بالرديّات؟
ارتجال الكلام على المسرح، والذي يكون أحياناً كلاماً بذيئاً، فما هي هذه الثقافة التي يحاولون نشرها، وكيف سيكون حال جيل المستقبل في ظلّها
مهمتكم كفنانين تصويب المسار ليتحسن ذوق الجمهور..
لا يُمكن أن ننكر واقعاً نعيشه ونلمسه يومياً، وأكبر دليل على ذلك، الأغنيات التي أصدرتها أخيراً، والتي حاولت جاهدة أن تكون بالمستوى المطلوب، كلاماً ولحناً، ولكن للأسف، سطوة الموجة أضاعت جهودنا، وكادت أن توصلنا إلى مراحل اليأس، والدليل على كلامي أن أصحاب أغنيات الـ«هشّك بشّك» لا يهدأون، بينما يجلس فنانو الصف الأول في منازلهم ليحيوا حفلتين، أو ثلاث حفلات في العام.
الحفلات الضخمة يتركز معظمها في الرياض، كأنها باتت الدرع الواقية للفن الأصيل..
هذا صحيح، ولكن مع ذلك يتم تغييب فنانين يستحقون الوقوف على هذه المسارح.
هم يختارون الفئة «ألف»
هذا ليس خطأ، ولكن هناك مواهب لا تقل شأناً عن محترفين وصلوا مصادفة إلى هذا الصف.
الشللية موجودة دائماً في الوسط الفني، هل حاولت أن تكوني جزءاً منها؟
كل الناس يعرفون أنني مسالمة، ولا أحب المشاكل، وليس لي أعداء، ومع ذلك، لا أُجيد التبخير، أو تبييض «الطناجر»، وتمسيح الجوخ، وأقول دائماً أنا موجودة، ونجاح حفلاتي التي لا تهدأ يشهد على كفاءتي، ولكن يُمكن أن أكون في مكان أفضل، لو حظيت بيد تمتد لتساندني.
الإنتاج أصبح محصوراً بعدد قليل من الفنانين الذين تثق الشركات بأنهم «يبيعون في السوق»
هل انحصر دور شركات الإنتاج في تنظيم الحفلات أكثر من إنتاج الأعمال الفنية؟
هذا واقع ليس بجديد، والإنتاج أصبح محصوراً بعدد قليل من الفنانين الذين تثق الشركات بأنهم «يبيعون في السوق»، لأن أسعار كلفة الأغاني وكلفة تسويقها عبر وسائل الإعلام والمنصّات كلها زادت، في وقت غابت فيه حماية الملكية الفكرية، ولذلك قرّروا التوجّه إلى الحفلات.
رصيدك الغنائي يكفي للوقوف على المسارح الضخمة؟
هو يكفيني للغناء ساعتين متواصلتين، ولكن الناس يحبون الأغاني الضاربة، ولا يعنيهم من يُغنّيها، كفى اختباء خلف الأصابع، هناك أغنيات تُطلب مني على المسرح لا أعرف من يُغنّيها.. وهناك أغنيات عراقية تتصدر «الترند» اليوم، وكذلك أغنيات مصرية، لذلك أحاول المتابعة لأنتقي الجيد منها تحضيراً لحفلاتي، لأني لا أريد أن أُساير الهابط، وكذلك لا أُريد أن أظهر من كوكب ثان.
أين أنت من السوق المصري اليوم؟
عُرض عليّ كثيراً أن أنتقل للعيش في مصر، ولكن مُشكلتي أني لا أستطيع العيش خارج لبنان، وعندما أُسافر أُنهي عملي وأعود سريعاً، إلى أهلي وناسي ومجتمعي، الذين بت أكثر تمسّكاً بهم، بعد وفاة والديّ، وربما كان قراري خاطئاً من الناحية العملية، ولكنه كان الأفضل في نظري من الناحية الإنسانية، فأنا لا أستطيع أن أفصل في حياتي بين الناحيتين.
ما زلت تتطلعين إلى مزيد من الأعمال التمثيلية؟
التمثيل موهبة اختبرها وأشاد بها كل المخرجين الذين صوّرت معهم أغنياتي، فلم أكن أكرر أي مشهد أؤديه، حتى في فيلم «آخر كلام» لم أكرّر المشاهد، إلّا نادراً.
ولماذا بقي يتيماً؟
كنت ضيفة شرف في فيلم آخر، ولكن بعد ذلك لم يُعرض عليّ ما يُمكنه أن يُضيف إليّ، ولا تنسَي أن غزارة الإنتاج التي كانت في حينها لم تعد موجودة اليوم، فعندما كنّا نصور «آخر كلام»، كان السبكي وحده يصور في السنة نفسها ثلاثة أفلام، بينما اليوم بالكاد يقدّم فيلماً واحداً.. كل شيء تغير.
تفوقت الدراما اليوم على حساب السينما؟
إلى حد كبير.
عُرض عليك العمل في مجالها؟
حتى الآن لم أجد فرصتي في مجالها.
هل من أدوار معينة تتطلعين لأدائها؟
أتطلع إلى الدور الذي يُظهر إمكاناتي وطاقتي، ولا شك في أن من يعرض علي دوراً يكون في ذهنه ما يُناسب شخصيتي.
الإبداع يكون في الأغلب بأداء الأدوار التي لا تشبه شخصيتك..
هذا صحيح، ولكن اختياري لن يكون على أساس تمثيلي مئة في المئة، لأن هناك ممثلات أجدر مني للأمانة، ولكن هناك أدوار يمكن أن أُضيف إليها، بشكلي وشخصيتي.
سيرة ذاتية؟
منذ فترة عُرض عليّ تقديم شخصية الفنانة نادية لطفي، وبعدها عُرض عليّ تقديم شخصية الفنانة هدى سلطان، وحتى الآن لم يُنفّذ أي من هذين العملين.
هل يُقاس احترام الفنان بأجره؟
الفنان الذي يبذل الجهد والتعب ليقدّم أفضل ما عنده، لا بُدّ أن يُكافأ بالحب والأجر.. كل شيء له مُقابل في الحياة، علماً بأني قدّمت الكثير من الحفلات المجانية، ولم أندم يوماً لأني أختار من يستأهلها، ولكن لكل مقام مقال.