ألين لحود، ابنة العائلة الفنية العريقة، وصلت إلى مرحلة من النضج الفني والإنساني جعلها تتمسّك أكثر بقناعاتها..
عن الغناء والدراما والإنتاج كان لنا معها حديث بدأناه من جديدها الذي أطلقته مع «الدي جي مارك»، مؤخراً، لمناسبة عيد استقلال لبنان، وتجسّد بأغنية الفنانة الراحلة داليدا «حلوة يا بلدي»:
لماذا اخترت أغنية «حلوة يا بلدي» بالذات؟
انطلق المشروع من فكرة تعاون طرحها مارك عليّ، واقترح أن تُبصر النور في هذه المناسبة الوطنية، فبدأنا التفكير في عمل يُشبهنا، وفي الوقت نفسه يكون بعيداً عن الكليشيهات المعتادة، فاستقر رأينا على هذه الأغنية التي تنبض بالحياة، ووجدنا أنها الأقرب إلى الشباب اللبناني الذي لا يزال متمسكاً بأرضه، رغم كل الصعاب، وإلى المغترب الذي يضج بالحنين إلى أرضه، إضافة إلى أنها كانت أفضل طريقة للتعبير عن جمال بلدنا، ومدى تعلّقنا به، وصورة جديدة عن الاستقلال، والجيل الجديد.
ماذا بعد أغنية «حلوة يا بلدي»، ولماذا تتأخرين كل مرة تقدمين فيها عملاً جديداً؟
أنا فنانة انتقائية، لا يعنيني التواجد من أجل التواجد، وتنسيقي مع الـ«دي جي مارك» استغرق نحو ثمانية أشهر، ليخرج العمل بالشكل الذي يُرضيني، في الوقت نفسه، كنت بصدد التحضير لأول أغنية من كتابتي وتلحيني، ولكني أردت أن يكون بين إصداريهما فارق زمني، كي لا أحرق الأغنية التي أُقدّم فيها نفسي ككاتبة وملحّنة، للمرة الأولى في مشروع محترف، خصوصاً أنني أُنتج لنفسي، وأحتاج إلى تسويق عملي بالطريقة المناسبة، لذلك لا بدّ من التأني ودراسة الموضوع بشكل جيد، إضافة إلى كوني موسيقية محترفة لا يعجبني أي عمل، وقد سمعت على مدى عام ونصف العام، الكثير من الأعمال من محترفين ومبتدئين، ولكنها لم تنل إعجابي.
ماذا تقولين في تجربتك الأولى في الكتابة والتلحين؟
بدأت بوحي من عمي في الفترة التي فقدته فيها (روميو لحود)، فوددت لو أن بإمكاني طرح فكرة عشتها لتخرج من قلبي بالطريقة الموسيقية الأحب إلى قلبي، لأجد الجمل تنساب على الورق غير مصدّقة، وعندما عرضت الأغنية على والدي وعمتي قالا لي: أين كانت تختبئ موهبتك؟
ما هو موضوعها؟
هي صرخة أمل بعد تجربة مريرة عشتها، كما يمكن أن تكون كل فتاة عاشتها، ومغزاها أن أي اختبار في الحياة، مهما كان مؤلماً، يجعلنا أكثر نضجاً، وأكثر قوة في الحياة.
ستكررين التجربة؟
كل من سمع الأغنية من العاملين في المجال يحمسّني على تكرارها، علماً بأن الموضوع ليس سهلاً في انتقاء الكلمات، واللحن، وتفصيلهما على الأصوات والأنماط المختلفة، ولكن الموضوع حاضر بقوة في ذهني، وقد تعلمت في الحياة ألا أقول «لا» بالمطلق، ولا «نعم» بالمطلق، بل اترك الأمور للظروف.
كان لديك فرص للوصول إلى العالمية من أبواب كثيرة، ومع ذلك تصرّين على المحليّة؟
آخر فرصة رفضتها من أشهر قليلة، وهي عبارة عن مشروع فرنسي ضخم جداً، يتضمن جولات أوروبية تستمر فترة طويلة. أنا متعلقة بأرضي، وهناك ألفة ومحبة وحرارة لا أشعر بها إلّا هنا، وأنا لا أُنظّر، بل أتحدّث عن خبرة فتاة عاشت في فرنسا عاماً ونصف العام، وفي القاهرة عاماً، إضافة لفترة سنتين لم أعرف فيها طعم الاستقرار، فكنت دائمة السفر الذي لا أنكر أنني أحبه. وعندما أعود لبلدي ينتابني شعور غريب لا أستطيع وصفه، خصوصاً أنني أسست لعملي هنا، وتعبت في تنظيم حياتي كلها هنا، لذلك لا أشعر بأن شيئاً ما يُمكن أن يقتلعني من جذوري، إلّا لفترات مؤقتة.
إذا بقيت شركات الإنتاج تلفّ وتدور حول نفس الأشخاص ستقع في مأزق الرتابة
نعيش اليوم عصر الدراما والفضائيات والمنصّات، أين أنت منها؟
لم يُعرض عليّ شيء في إطارها، وأمامي عرض لفيلم سينمائي قد يكون محلياً، أو عربياً مشتركاً، وأنا سعيدة بخوض هذه التجربة الجديدة بشخصية لذيذة، أما لناحية الدراما فطالما هناك مجموعات تحكمها ستبقى الوجوه نفسها تدور في دائرتها. وإذا بقيت شركات الإنتاج تلف وتدور حول نفس الأشخاص ستقع في مأزق الرتابة التي بدأت الانتقادات تطالها بشأنها، وأنا لا أتحدّث عن نفسي، لأني متحصنة بموهبة الغناء أقلّه، وأستطيع العمل في مجالها، إلا أن هناك أشخاصاً يعتاشون من مهنة التمثيل، فحرام ظلمهم لحسابات شخصية فقط، أو لأنهم غير فاعلين عبر مواقع التواصل، ولا يحصدون نسب متابعة عالية، من دون النظر إلى الموهبة، والجهد، والتعب. للأسف، هناك سخافة في التعاطي من قبل بعض المحطات، ومن قِبل شركات الإنتاج التي تسعى لإرضاء هذه المحطات من أجل تسويق أعمال ملّها المشاهد، وبات يهرب منها، باختيار المنصّات التي تناسبه مثل «نتفليكس».
ولكن بدأنا نرى وجوهاً جديدة مثل ستيفاني عطا الله، رزان جمال، وغيرهما؟
هذا بفضل محطة «إم بي سي» التي تُعطي هذه الفرص مشكورة، لأنهم يختارون الممثلين الطبيعيين، وغير المستهلكين، مع مأخذ لا بُدّ من الإشارة إليه في ضعف النصوص، والتطويل غير المبرر. عند شركات الإنتاج اللبنانية بتنا نضيع في أعمالها، لاحتوائها على الوجوه نفسها، ونوعية الأدوار التي تعتمد على الشباب نفسها، فلماذا لا يُعطون كارمن لبس، ورولا حمادة، وراندا كعدي، وتقلا شمعون، أدوار البطولة، مثلما يحصل في الخارج، حيث نرى كاترين دو نوف، وميريل ستريب في أدوار بطولة لعمرهما، لأنهما تتقنان عملهما، وليس لأنهما ملكتا جمال، أو عارضتا أزياء؟ الدراما كلما اقتربت من الواقع كلما نجحت أكثر، وهنا أوجّه تحية للكاتب طارق سويد الذي عملت معه في مسلسل «بالقلب» الذي نجح لقربه من الواقع، ولبساطته، لأنه يُشبه أهل قُرانا، والناس العاديين، لم يكن فيه بيوت وفلل. لماذا في أمريكا ينقلون الصورة التي تشبههم، وكذلك في مصر، حتى البيئة الشامية؟ لدينا الآن فرصة في ظلّ التنوع الاجتماعي الذي نعيشه اليوم، وفي ظل انفتاح الدول على بعضها بعضاً، من خلال الدراما المشتركة لتقريب الدراما من هذا الواقع.
أخيراً، هل يُمكن أن نراك في سيرة الراحلة سلوى القطريب؟
الفكرة مطروحة من والدي الذي بدأ بوضع الأفكار لكتابة سيرتها بعد رحيلها، بفترة قصيرة، ولا يزال المشروع قائماً، وسيكون تنفيذه تحت إشراف العائلة لكي لا يحصل اللغط الذي حصل سابقاً في مسلسلات السِّير الذاتية، سواء مع عائلة الفنانة الراحلة صباح، أو عائلة كوكب الشرق، وغيرهما كثير، ولكني لن أكون بطلته، بل ستكون الممثلة الأقرب إلى شكل وشخصية سلوى القطريب.
مثل رزان جمال؟
ربما تكون أحد الخيارات المطروحة، فهي ممثلة «كلاس»، وهي تملك شيئاً من سلوى في الطول، والطلّة، والرواق، في كل حال سيكون الكاستينغ مفتوحاً لجميع المواهب التي تستحق، وهنا أودّ أن أعلن أني بصدد تأسيس شركة تُخلّد اسم سلوى القطريب، والتي ستكون نوعاً من الأكاديمية التي تشمل كل الفنون الموسيقية، التمثيلية، والإخراجية، والكتابية.
اقرأ أيضاً: سلمى الشلبي: شركات الإنتاج تنبهت إلى أن الجمال وحده لا يكفي