بعد أن بات اسمها على كل لسان ، خاصة بفضل دورها الرائع في فيلم «مذكرات بريدجيت جونز»، قررت رينيه زيلويجر ، 53 عاماً، مغادرة هوليوود في عز شهرتها.
أصبحت تفضل اليوم التنزه مع كلبها بدلاً من السير على البساط الأحمر أمام عدسات المصورين. وراحت تقضي وقتها كما تفعل أي ربة بيت ، بل تتعلم حالياً اللغة العربية.. ولكن ما الذي حدث بالضبط؟
عندما بلغت الـ 50 شعرت أنها بداية جديدة تماماً، المرحلة التي بإمكانك التوقف فيها عن الاستماع إلى جميع تلك الأصوات في رأسك وجميع التوقعات والتنبؤات في مخيلة الناس عنك
عندما التقت بها إحدى الصحفيات وحاولت أن تسألها عن «الألم» الذي تشعر به بعد أن بلغت من العمر 53 عاماً ، أجابتها «ماذا؟ أنا كنت متلهفة لأصل إلى سن الـ50، أحببت هذا العمر ، جعلني أدرك أنه لم يكن لدي اهتمام بأن أكون في سن الـ23. عندما بلغت الـ 50 شعرت أنها بداية جديدة تماماً دون تفاهات ، المرحلة التي بإمكانك التوقف فيها عن الاستماع إلى جميع تلك الأصوات في رأسك وجميع التوقعات والتنبؤات في مخيلة الناس عنك ، وأن تصبح أنت نفسك بشكل حقيقي. وكأنك تقول (حظا طيباً أيها الأغبياء جميعاً) لأنه كان علي البقاء على قيد الحياة لأصل إلى هذه السن ، لقد كسبت قوتي وصوتي».
حياة فنية زاخرة بالإنجاز
الفائزة مرتين بجائزة الأوسكار ، والتي حققت أفلامها حوالي 2.3 مليار جنيه إسترليني في شباك التذاكر، كانت ترتدي قطعة علوية تقول إنها معها منذ 20 عاما. لقد تألقت منذ ظهورها الذي هز الوسط الفني في فيلم "جيري ماغواير" ، ثم فيلم "مذكرات بريدجيت جونز" ، ومن جديد في عام 2015 في "رضيع بريدجيت جونز".
حصلت على أول أوسكار لها كأفضل ممثلة مساعدة عن دورها في فيلم "كولد ماونتن" ورسخت مكانتها كواحدة من أعلى ممثلي هوليوود كسباً للأجر. يصفها الكثيرون أنها محبوبة ومتواضعة ، وقال عنها النجم هيو غرانت مؤخراً إنها ذكية ووصفها بالبرعم.
أما عن حياتها ، باختصار ، فقد تخرجت في جامعة تكساس ونالت شهادة البكالوريوس في الأدب الإنجليزي وفكرت جدياً أن تتوجه نحو الصحافة قبل أن تنتقل إلى لوس أنجلوس وتصبح ممثلة.
رينيه زيلويجر في فيلم "بريدجت جونز"
رغم ابتعادها طوال تلك الفترة ، وافقت رينيه على العودة إلى التمثيل من أجل مشروع مسلسل جديد "شيء عن بام" ، وفيه تلعب دور القاتلة الحقيقية "بام هاب" التي ارتكبت جريمة قتل عنيفة في عام 2011 في ميسوري ، ويروي المسلسل قصة الزوجة والأم لطفلين ، بيتسي فاريا ، وزوجها ، روس ، الذي لفق لها التهمة بمساعدة صديقتها المقربة وشريكتها "هاب" التي استمرت في القتل.
علمت رينيه بالقصة وأصبحت هاجساً لها بعد أن استمعت الى بودكاست حول القضية ، وتقول عنها "أصغيت لها بانتباه طوال الطريق من لوس أنجلوس إلى سان فرانسيسكو. فشلنا في شراء حقوق القصة لأنها كانت قد بيعت ، ولكن بعد بضعة أشهر التقينا بالمشترين ووافقوا على مشاركتنا".
رينيه زيلويجر في دور" جودي"
ما هو مثير للإعجاب في رينيه هو كيفية تحولها لتناسب الدور.
انظروا إلى ما فعلته في فيلم "جودي" ودورها عن "جودي غارلاند" الذي فازت به بالأوسكار كأفضل ممثلة عام 2020، أو كيف كانت مقنعة للغاية بدور "بريت" في أفلام "بريدجيت جونز".
بل تعرضت لانتقادات ساخنة نتيجة هذا الأمر ، كما حصل معها في "شيء عن بام" حيث ارتدت بدلة محشوة كي تظهر مثل "هاب" الحقيقية فراجت الإشاعات عنها ، مثلما كتب أحدهم قائلاً "تنكرت زيلويجر لتبدو شخصاً أضخم ، مدمراً ويثير رهاب السمنة".
رينيه زيلويجر في "شيء عن بام"
وفي نفس الوقت ، صرحت نجمات أخريات أنهن ندمن على ارتداء ملابس ضخمة ، مثل سارة بولسون في دورها في فيلم "الاتهام". وعندما سئلت رينيه عن هذا الأمر أجابت بحذر "صحيح أنك تريد أن تكون محترماً ومسؤولاً ، ولكن هناك دوماً حدوداً للمقاربة التي يمكن القيام بها من دون تشتيت".
كي تكون حيوياً وجميلاً عليك أن تتقبل عمرك ، وإلا فإنك تعيش بشكل مأسوف عليه
والسبب الآخر للحذر بالنسبة إليها هو التمحيص والتدقيق الذي تعرضت له بسبب شكلها ، فقد راجت حولها إشاعات تفيد بأنها خضعت لجراحة تجميل. في البداية ظلت صامتة دون أن تعلق ، ولكن في أغسطس من عام 2016 قررت أنها لم تعد تحتمل هذه الإشاعات وكتبت تصريحاً دفاعياً نشرته في إحدى الصحف المعروفة قالت فيه " لا يتعلق فقط بأن هذا الأمر شخصي وليس لأحد علاقة به ، ولكن أيضاً لأني لم أتخذ قرار تغيير وجهي والخضوع لجراحة في العينين".
رينيه زيلوجر، أفضل ممثلة عن دورها في فيلم «جودي»
وتوضح حالياً "كل هذه الإعلانات التي نشاهدها تقول لنا إنه ليس علينا أن نبدو بعمرنا الحقيقي إذا ما اشترينا الكريمات التي يبيعونها والمثبتات وجميع أنواع النفايات التي يرغبون ببيعها لنا. هل تقولون لي إني لم أعد ذات شأن لأن عمري الآن 53 عاماً؟ هل هذا ما تريدون قوله؟ هناك فارق كبير بين أن تكون على أفضل حال وبأفضل حيوية ، وبين أن ترغب أن تكون شخصاً آخر. كي تكون حيوياً وجميلاً عليك أن تتقبل عمرك ، وإلا فإنك تعيش بشكل مأسوف عليه ، وهذا ليس جميل علي الإطلاق بالنسبة لي".
في عام 2010 ، عانت رينيه إرهاقاً واستنزافاً بدنياً وذهنياً فقررت التوقف عن العمل والقيام برحلة مدتها ست سنوات من أجل اكتشاف الذات ، فعلت خلالها كل الأشياء التي لم تكن قادرة على فعلها، وتضيف "أعتقد أني وصلت إلى مرحلة كان يجب فيها أن أفعل شيئاً مختلفاً. لا أعلم إذا ما كان ذلك لكونها تجربة شديدة أن أكون امرأة في هذه السن أو لأن السينما آنذاك كانت مهمة جداً ثقافياً، كانت بطريقة ما مركز وعي كل شخص. ولكن كان شعوراً فوضوياً للغاية".
لذلك سافرت إلى ليبيريا وكمبوديا ، وتلقت دروساً في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس في السياسات العامة والقانون الدولي. كما ذهبت إلى منزلها في تكساس لزيارة والديها (والدها مهندس مولود في سويسرا ، وأمها كانت تعمل قابلة ومربية وهي نرويجية) ، واشترت أيضاً بيتاً في مزرعة في كونتيكيت كي تمضي وقتها بالقرب من أخيها الأكبر ، درو . والأهم ، بالطبع ، أنها كانت تزور معالجاً نفسياً.
أسست شركة "بيغ بيكجر كو" للإنتاج الفني
ومع خبرتها الواسعة ، دشنت رينيه شركتها الخاصة للإنتاج الفني "بيغ بيكجر كو" وتديرها مع شريكتها في العمل ، كارميلا كاسينيلي. والى جانب مسلسل "شيء عن بام" ستنفذ وتمثل بطولة مسلسل تلفزيوني آخر ، علاوة على إنتاج فيلم من إخراج مايكل باتريك. وكي تحافظ على شخصيتها العامة بعيدة عن شخصيتها الخاصة ، لا تزال ناجحة في التملص عن أعين المتابعين والفضوليين ، تحضر عروض الأزياء العالمية أو تمارس رياضتها مع مدربيها بدون لفت الأنظار كثيراً ، وتقول عن ذلك "نعم ، لا أبذل جهداً كبيراً في الذهاب إلى المقهى بالقرب من منزلي. فالأمور مختلفة كثيراً حالياً مع وجود مواقع التواصل ، هناك مثلاً نجوم التيك توك الذين لم أسمع عنهم إطلاقاً ولكن الناس مجنونون بهم. لذلك أنا أقبع تحتهم حالياً في الاهتمام".
في يونيو 2021 التقت صديقها الجديد ، بريت ، عن طريق صديقة لها. وفي العام الماضي باعت فيلتها في "تابونغا كانيون" بمبلغ 5.5 مليون جنيه إسترليني وانتقلت إلى منزل مستأجر بجواره. ويخطط الاثنان أن يقفلان على علاقتهما الباب ويحتفظان بأمورهما الشخصية دون تدخل وأعين الناس.
أما عن روتينها اليومي الذي تحب الالتزام به في الوقت الراهن ، فتجيب "لدي قائمة بالأشياء التي أحب أن أفعلها كل يوم . واحدة منها هي الاتصال بأمي ، والأخرى دراسة لغة عبر الإنترنت (أثناء الحجر بسبب كورونا تعلمت اللغة النرويجية التي هي اللغة الأصلية لأم. أما حالياً فهي تتعلم اللغة العربية). وإذا كنت مضطرة لتفقد هاتفي كل يوم ، فهذا أمر مخيف بالنسبة لي، لأني أفضل أن أكون في الخارج للسير مع كلبَي شيستر و ألي".
وأخيراً ، لنقرأ كلماتها الرائعة عن العلاقة بين العمر وعيش الحياة " إذا ما صدقنا القصة التي يقع المجتمع ضحية الهوس بها وهي الشباب ، فإننا سنتوه. تريد أن تبدو جميلاً؟ حسنا ، بإمكانك الذهاب لتصفيف شعرك أو ترميم بشرتك أو قضاء يوم في منتجع أو أي شيء ترغب في فعله ليجعلك تنتعش. ولكن دع نفسك تسير وراء ما أنت عليه وما تساهم به وكيف تمثل نفسك في هذا العمر. دائماً ما أخوض هذا النقاش مع صديقاتي ، نتساءل مثلاً : من يفعل هذا؟ من يصل إلى سن الـ 50 أو الـ 60 من دون أن يقول (انظروا إلي كيف أبدو بمظهر جميل كما كنت سابقاً). أنا لا أريد تقريبا أن أبدو كما كنت ، أريد أن أكون أفضل بألف مرة ، يجب أن نتحول إلى نموذج ، لا يمكنك أبداً أن تفعل أي شيء له معنى عندما تكون مشغولاً بالقلق على شكلك وهل هو نفسه كما كنت في العشرينات من العمر. لا يمكنك ذلك".