21 ديسمبر 2025

د. حسن مدن يكتب: قرّاء «كلّ الأسرة»

كاتب بحريني، يكتب زاوية يومية في جريدة "الخليج" الإماراتية بعنوان "شيْ ما"، صدرت له مجموعة من الكتب بينها: "ترميم الذاكرة"، "الكتابة بحبر أسود"، "للأشياء أوانها"، &a

مجلة كل الأسرة

لم يبق الكثير من السنوات كي تنقضي ثلاثون عاماً، منذ أن بدأتُ كتابة مقالي الأسبوعي في مجلة «كل الأسرة» الصادرة عن «دار الخليج»، التي كنتُ قد بدأت قبل ذلك في كتابة مقالي اليومي في جريدتها الغراء «الخليج»، وشعرتُ، منذ البداية، بأن طبيعة «كل الأسرة»، كمجلة أسبوعية منوعة، وموجهة لكل أفراد الأسرة، تتطلب مقالاً من طبيعة مختلفة عن ذاك الذي أكتبه في «الخليج»، وهذا ما حاولتُ أن أحرص عليه، في حدود ما استطعت. وأيّاً كانت درجة نجاحي في تحقيق ذلك، فإني سرعان ما أدركت أن قرّاء «كل الأسرة»، أو على الأقل أقساماً كبيرة منهم، يختلفون عن قرّاء الجريدة اليومية.

لمست ذلك من خلال ردود الفعل التي تصلني، كتابة أو شفاهة، من بعض هؤلاء القرّاء، الذين عرفوني ككاتب صحفي لا من خلال الجريدة، وإنما من خلال «كل الأسرة»، وأذكر أني حين عدتُ إلى الاستقرار في وطني، البحرين، بعد فترة عيشي وعملي في الإمارات، قابلتُ الكثير من القراء، الذين كانوا في معظمهم شباناً، من الجنسين، وإن كانت نسبة الشابات بينهم أكثر، ممن قالوا لي: نحن من قرائك في «كل الأسرة»، مشيرين إلى أن المقال يعجبهم، ويناسب ميولهم وأهواءهم، على الرغم من معرفتي أن نسبة من يقرأون مقالي في «الخليج» ليست قليلة أيضاً، ولكن قرّاء «كل الأسرة» شريحة مختلفة، لا من حيث العمر ونوع الجندر فحسب، وإنما أيضاً من حيث طبيعة الاهتمامات.

يدعوني ذلك لأن أقدّم لـ«كل الأسرة»، وللقائمين عليها، بخاصة الأستاذة أميرة عبدالله عمران، رئيسة تحرير المجلة، كل الامتنان، لأن المجلة يسّرت وصولي إلى هذه الشريحة من القراء، وأكسبتني الكتابة فيها الكثير؛ كالحرص على انتقاء الموضوعات التي تناسب طبيعة المجلة، ومزاج قرائها، ما تطلّب الكثير من البحث عمّا يحقق هذه الغاية، من الوقوف على أخبار ومعلومات وأفكار، تشكّل عدّة الكتابة لهذا النوع من المقالات، وحفزتني على الاهتمام بجوانب لم تكن محطّ اهتمامي المباشر قبلها، وبعد كل هذه السنوات من الكتابة في «كل الأسرة» راكمتُ حصيلة جيدة من المقالات التأملية، صببت فيها انطباعاتي عمّا أشاهد وأقرأ عن سلوك الذات الإنسانية، ومشاعرها، ومن جهة أخرى، المران ساعدني على بناء لغة خاصة تحمل هذا النوع من الكتابة، وهذه مناسبة أيضاً لتوجيه التحية لروحَي مؤسّسَي المجلة، المرحومين تريم وعبدالله عمران، رحمهما الله، اللذين كان لهما الفضل الأكبر في أن أكون أحد كتّاب المجلة.

يحزنني أن تكون هذه السطور بمثابة تحية وداعية لـ«كل الأسرة»، وفريقها، وقرائها، حيث ارتأى القائمون عليها تجميدها عن الصدور مع بداية عام 2026، بسبب ما يواجهه الواقع الإعلامي، عامة، من مستجدات وتحديّات، وهنا أعيد ما جاء في رسالة الأستاذة أميرة عبدالله عمران لي بهذا الخصوص: «نحن لا نقول وداعاً، ولكننا ندعو الله أن يكون هذا التوقف مؤقتاً».