في قلب المشهد الثقافي الإماراتي، تواصل «بطولة فزاع لليولة» ترسيخ حضورها بوصفها منصة تجمع بين الرياضة التراثية والهوية الوطنية، مقدمة نموذجاً لصون الموروث الشعبي، وتقديمه للأجيال الجديدة بروح معاصرة، حيث تتجاوز اليولة كونها أداء فنياً لتصبح قيمة مجتمعية تعبّر عن الشجاعة، والانضباط، والاعتزاز، بالجذور.
فقد انطلقت النسخة الخامسة والعشرون من بطولة فزاع لليولة بالتزامن مع النسخة الحادية والعشرين من برنامج «الميدان»، بتنظيم من «مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث»، لتؤكد أن البطولة ليست مجرّد منافسة، بل مشروع ثقافي وتربوي يُعنى بإعداد جيل يمتلك المهارة التراثية، والمعرفة، واللياقة، والانضباط الفني.
إيقاع وطني وجمهور حاضر
تأتي عروض اليولة دائماً على وقع أغنية «ملح الإمارات»، التي باتت علامة فنية للبطولة، مع حضور جماهيري واسع وتفاعل لافت، يحوّل مسرح الميدان إلى مساحة نابضة تحتفي بالتراث، وتقدّمه في قالب معاصر.
فقد أكدت نتالي جوزيف أواديسيان، رئيس اللجنة المنظمة للبطولة، أن «فزاع لليولة» تنطلق من رؤية وطنية لصون التراث، باعتبارها منصة ثقافية تتجاوز حدود المنافسة، وتركز على منظومة متكاملة من القيم والمهارات المرتبطة بالموروث الشعبي. وأشارت إلى أهمية البرنامج التدريبي المصاحب للبطولة، الذي يطور مستويات اليويلة بإشراف متخصصين، مع حرص اللجنة المنظمة على احتضان جميع المشاركين، وتحويل الموسم إلى تجربة تعليمية متكاملة تنعكس على حياتهم الشخصية والمجتمعية.
بناء شخصية متكاملة
شهدت مراحل البطولة بروز عدد من اليويلة المتميزين، من بينهم سعيد محمد المهيري من دبي، الذي تأهل إلى المربع الذهبي، ومنصور محمد الأحبابي من أبوظبي الذي حجز أولى بطاقات التأهل، في مشهد يعكس اتساع قاعدة المشاركة، وتنوّع المواهب من مختلف إمارات الدولة، حيث يتميّز مسار البطولة بتنوّع التحدّيات المستلهمة من البيئة الإماراتية، إلى جانب اليولة، مثل السباحة، والرماية، وتركيب الشداد، وعدّ القصيد، وسباقات الهجن، في إطار يسعى إلى بناء شخصية متكاملة تجمع بين القوة البدنية، والذهن الحاضر، والمعرفة الثقافية.
قدم سعيد محمد المهيري أداء متكاملاً عكس جاهزيته العالية وخبرته في التعامل مع تحدّيات البطولة، ليحصد بطاقة التأهل الثانية إلى «المربع الذهبي» بعد تفوقه على عبيد جمعة آل علي، في الحلقة الثانية من المرحلة الثانية من النسخة الخامسة والعشرين لبطولة فزاع لليولة، والنسخة الحادية والعشرين من برنامج «الميدان».
وعلى مسرح الميدان، أظهر المهيري حضوراً واثقاً منذ الانطلاقة، حيث تألق في تحدّي اليولة على أنغام «ملح الإمارات»، قبل أن يفرض تفوقه في باقي التحدّيات، فحسم لمصلحته نقاط السباحة، والرماية بأسلوب الجري والتصويب لمسافة 15 متراً، إضافة إلى نجاحه في تركيب الشداد وعدّ القصيد، مؤكداً دقته وتركيزه وتوازنه الذهني. واكتمل المشهد بأدائه القوي في سباق الهجن لمسافة 1000 متر على مضمار المرموم، ليكسب 20 علامة حاسمة، ويؤكد بأدائه الشامل، أنه أحد أبرز فرسان الميدان هذا الموسم، ومنافس جاد على بلوغ منصة التتويج بكأس فزاع الذهبي.
كما قدم اللاعبان أكمل أحمد علي الحبسي، ومبارك محمد الشامسي أداء لافتاً عكس مستوى عالياً من المهارة والثقة، ليكملا عقد الثمانية المتأهلين إلى الدور الثاني في الحلقة الرابعة، من النسخة الخامسة والعشرين لبطولة فزاع لليولة، والنسخة الحادية والعشرين من برنامج «الميدان»، التي تنظمها إدارة بطولات فزاع في «مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث». وتميّزت الحلقة بدرجة عالية من التنافسية، حيث قدّم فرسان الميدان مستويات قوية أشعلت حماس الجماهير في قلعة الميدان بالمرموم، وهم يواصلون رحلة السعي نحو تحقيق حلم الفوز بكأس فزاع الذهبي. وأثبت الحبسي، ابن إمارة رأس الخيمة، تفوقه بحصده المركز الأول برصيد 80 علامة، فيما أظهر الشامسي من أبوظبي حضوراً متزناً وأداء متقناً أهّله للحلول ثانياً برصيد 60 علامة، ليؤكدا معاً أن المهارة والانضباط والتركيز، عناصر حاسمة في مشوار البطولة، وينضما إلى نخبة المتأهلين من الحلقات السابقة في سباق يزداد قوة وإثارة، مع تقدّم المراحل.