فيلم «الست»... منى زكي تعيد إحياء أسطورة أم كلثوم في ليلة سينمائية لافتة بدبي
يظلّ تجسيد شخصية أم كلثوم في الدراما والأفلام المصرية مهمة خاصة، تستدعي الكثير من الدقة والحسّ الفني، فهي ليست مجرّد أيقونة غنائية، بل جزء من وجدان، المصريين والعرب. وعندما تتناول الدراما مسيرتها، فإنها تعيد فتح باب زمنٍ صنعته حنجرة استثنائية، وموهبة لا تتكرر، وتقدّم للأجيال الجديدة صورة قريبة من المرأة التي وقفت خلف الأسطورة. ومن خلال الأعمال التي روت حكايتها، أثبتت الدراما المصرية قدرتها على حماية إرثها الفني، وتقديمه بروح تحاكي تأثيرها الخالد الذي ما زال يرافقنا حتى اليوم.
فقد شهدت ريل سينما بدبي، ليلة فنية لافتة مع العرض الخاص لفيلم «الست»، بحضور النجمة منى زكي، والنجم سيد رجب، إلى جانب نخبة من الإعلاميين، وصنّاع السينما، ومحبي الفن السابع. وقد تحوّل الحدث إلى مساحة حوارية حول السينما العربية المعاصرة، والدور المتنامي للمرأة في الدراما والفن، بخاصة مع تفاعل الجمهور الكبير مع بطلة العمل، وفريقه.
قصة الفيلم
يدور فيلم «الست» في إطار دراما اجتماعية إنسانية، تتناول حياة امرأة تجد نفسها وسط تحولات قاسية، في العائلة والمجتمع، ما يضعها أمام قرارات صعبة تُعيد تعريف علاقتها بذاتها، وبمن حولها. ويركّز العمل على قوة الإرادة النسائية، وقدرتها على مواجهة الضغوط، مع إبراز تفاصيل حياتية بسيطة، لكنها عميقة الأثر، تجعل المشاهد قريباً من بطلة القصة، وعالمها.
تفاعل الجمهور بشكل لافت مع ظهور منى زكي على السجادة الحمراء في العرض الخاص بدبي، حيث أشاد كثيرون بعودتها إلى بطولة عمل يقدّم صورة مختلفة للمرأة العربية، فيما عبّر سيد رجب عن سعادته بعرض الفيلم في دبي التي باتت محطة أساسية لإطلاق أهم الأعمال السينمائية. وشهدت الأمسية حوارات ودّية بين الحضور حول موضوع الفيلم، ورسائله الاجتماعية، إضافة إلى جلسة قصيرة تبادل فيها النجمان الحديث عن كواليس التصوير، والتحديات الفنية التي واجهتهما أثناء تجسيد شخصيتيهما.
منى زكي والإصرار على الاستمرارية في تجسيد «الست»
وفي حديثها مع «كل الأسرة»، أوضحت النجمة منى زكي أن تجربتها في تجسيد شخصية أم كلثوم كانت محطة فارقة في حياتها الفنية، ليس لأنها قدمت خلالها شخصية استثنائية فقط، بل لأنها منحتها جرعة كبيرة من الثقة والإيمان بالاستمرارية في النجاح. وتوضح أن الغوص في عالم «كوكب الشرق» جعلها أكثر حساسية تجاه التفاصيل، وأكثر إدراكاً لمسؤولية الفنان تجاه أعماله، مؤكدة أن هذا الدور كان من أهم التجارب التي صقلت رغبتها في التطوّر المستمر، والبحث عن أدوار تُحدث فرقاً في مسيرتها.
لقب «الست» سيظل مرتبطاً بأم كلثوم. وعن سؤال حول ما إذا كان يمكن أن يرتبط لقب «الست» باسمها، أكدت منى زكي بحزم أن هذا اللقب يخصّ أم كلثوم وحدها، لأنها حالة فنية لا تتكرر، ورمز من رموز الهوية الموسيقية العربية. وتضيف، أن الهدف من الفيلم ليس منح ألقاب، بل تعريف الأجيال الجديدة بالقيمة الفنية المصرية، وبشخصية استثنائية صنعت تاريخاً فنياً لا يضاهى. وتشير إلى أن تقديم هذا العمل حمل معه تحدّيات كبيرة، أبرزها الاقتراب من روح أم كلثوم من دون الوقوع في فخ التقليد، ونقل قوتها، وحضورها الفني، بما يليق بإرثها.
التحضير لشخصية أم كلثوم
وتكشف منى زكي أنها اعتمدت في التحضير للدور على ما قدّمه المخرج مروان حامد من دعم، ورؤية دقيقة ساعدتها على فهم الشخصية من الداخل، إلى جانب مشاهدتها لبرامج أرشيفية، ولقاءات نادرة مع أم كلثوم، ومراجعة حفلاتها الشهيرة التي تُظهر أدقّ ملامح حضورها على المسرح. واختتمت حديثها بالتعبير عن سعادتها الكبيرة بفريق العمل، مؤكدة أن كل فرد شارك في الفيلم قدّم أفضل ما لديه، ما جعل التجربة واحدة من أقرب التجارب إلى قلبها، وأكثرها تأثيراً في مسيرتها الفنية.
الأب في حياة أم كلثوم
أما الفنان الكبير سيد رجب، فهو يقدم شخصية والد أم كلثوم، الشيخ إبراهيم البلتاجي، وأوضح أن أكثر ما جذبه في شخصية والد أم كلثوم هو قيمته العميقة كأب لعب دوراً محورياً في تشكيل شخصية ابنته، الفنية والإنسانية. وأضاف، أنه حاول في تجسيد الدور إبراز تلك العلاقة الفريدة التي تجمع بين أب بسيط، وابنة تحمل موهبة استثنائية تفوق إمكانات عصرها. كما أشار إلى أن الشيخ إبراهيم لم يكن مجرّد والد، بل كان أول مَن آمن بصوتها، ورافق خطواتها منذ بداياتها، ورأى في عينيها ذلك النور الذي يستحق أن يُصان ويُدعم، فكان يقف خلفها كجبل، يمنحها الثقة والجرأة في مواجهة المجتمع.
وأكد سيد رجب أن شخصية الأب في الفيلم تُظهر رجلاً، صلباً وحكيماً، تشكّلت شخصيته من تجربته مع ابنته، تماماً كما تشكّلت شخصية أم كلثوم من حكمته، وصبره، وقدرته على اتخاذ القرارات المصيرية للحفاظ على لقمة العيش. وقال إنه حاول نقل تلك الروح التي بدت واضحة في حياة «الست»، فهي تعلمت منه كيف تتحكم في المواقف الحاسمة، وكيف تحوّل التحديات إلى فرص، بخاصة أنه كان مصرّاً على أن تستمر ابنته في طريق الفن، لأنها تحمل موهبة لا تشبه أحداً. وأشار إلى أن تقديم هذه التفاصيل الإنسانية كان أحد أهم ملامح التجربة بالنسبة له، لأنها تكشف جانباً نادراً من القصة وراء ولادة أسطورة.
وبهذا الحدث الفني، قدّم فيلم «الست» نفسه كواحد من الأعمال المنتظرة عربياً، هذا الموسم، مؤكداً مكانة دبي كمنصة رائدة لاحتضان التجارب السينمائية الجديدة، وتعزيز حضورها في المشهد، الثقافي والإبداعي، في المنطقة.
