نظرة فنية على أفلام الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر 2025
افتتح مهرجان «البحر الأحمر» دورته الخامسة، الخميس الماضي، بفيلم بريطاني الإنتاج عنوانه «عملاق» (Giant)، ويستمر حتى الثالث عشر من الشهر، كاشفاً عن 139 فيلماً، تتوزّع على 13 قسماً، من بينها مسابقات لأفلام طويلة، وأخرى قصيرة تهدف لنيل جوائز المهرجان الرسمية حال إعلان النتائج في الليلة الأخيرة من الدورة.
«عملاق» اختيار صائب على مستويين: الأول أنه العرض الثاني فقط عالمياً، إذ سبق لمهرجان لندن السينمائي أن كشف عن هذا الفيلم في الثامن عشر من أكتوبر الماضي. الثاني، هو أنه فيلم يعجب المشاهدين العرب لكونه يتحدّث عن ملاكم من أصول يمنية، ونشأته في بريطانيا، وما مرّ به من معاناة منذ صباه، لكي يصبح بطل ملاكمة عالمياً، معروفاً باسم «ذَ برنس». لكون الحكاية حقيقية وليست مؤلفة، والشخصية مسلمة، وممثلها (أمير المصري) كذلك، وكون الفيلم يتحدّث إيجابياً عن عربي شق طريقه من القاع إلى القمّة، كفيل بأن يحقق بين الحاضرين الاهتمام الكبير، إن لم يكن الإعجاب أيضاً.
قسم سعودي خاص
لكن باقي الأفلام المنتخبة لا تقل إثارة للاهتمام، وموزّعة على الأقسام الثلاثة عشر، على النحو التالي: 18 فيلماً في المسابقة الدولية، 12 فيلماً في قسم «اختيارات عالمية»، 5 أفلام في قسم روائع عربية، 46 فيلماً قصيراً من بينها 22 فيلما سعودياً، و24 في مسابقة عالمية.
هناك عشرة أفلام في قسم «رؤى البحر الأحمر»، وثلاثة في دائرة «السينما العائلية» (بينها فيلمان كرتونيان).
الأفلام السعودية الطويلة لها قسم خاص مؤلف من خمسة أفلام جديدة، هي «رأيت رسم الرمال» لعبدالله الحمدي، و«دوائر الحياة» لخالد الدسيماني، و«نور» لعمر المقرّي، و«سبع قمم» لأمير الشنّاوي، وفيلم آخر من إنتاج سعودي ناطق بالإنجليزية هو «المد البشري» (Human Tide) لديفد وورد.
وتحت قسم بعنوان «كنوز البحر الأحمر» تطالعنا ستة أفلام، من بينها «عايدة» لأحمد بدرخان (1946)، ثم هناك ما يعرف بـ«عروض خاصّة»، وهو عبارة عن فيلمين يشهدان حالياً اهتماماً دولياً، هما «صوت هند رجب» لكوثر بن هنية، و«صراط» لأوليفر لاكس.
تحت أسم «روائع عالمية» ستة أفلام، بينها فيلم الافتتاح، ومنها الفيلم الفرنسي «ساحر الكرملِن» لأوليفييه أساياس، والفيلم السعودي الناطق بالإنجليزية «محاربة الصحراء» (Sesert Warrier) لروبرت وايات، ومن بطولة أنطوني ماكي، وعائشة عارت، وغسان مسعود، وبن كينغسلي.
إطلالات عربية
بعض هذه الأقسام، مثل مسابقتي الأفلام الطويلة والقصيرة وقسم «الأفلام السعودية»، و«روائع عربية»، تتميّز بأن ما تعرضه ينتمي إلى الاسم الذي تنتمي إليه، لكن هناك أقسام أخرى عدّة، كان يمكن الإقلال من عددها، لأن الأفلام التي تعرضها تستطيع التموضع في أقسام أخرى شبيهة. على سبيل المثال ما يتكوّن منه قسم «رؤى البحر الأحمر»، لا يختلف عن «عروض خاصّة»، أو عن قسم «روائع عالمية».
هذه الملاحظة وردت هنا قبل عامين، لكنها ما زالت مطروحة، خصوصاً أن الناتج بالنسبة إلى الجمهور هو الالتفاف حول العنوان، وليس حول القسم الذي يعرض الفيلم فيه، وكلما توحّدت العناوين تحت أقسام أقل، كلما سهّل ذلك اكتشافها، واختيارها.
أما من حيث التنوّع في موضوعات الأفلام، فإن ذلك مؤمّن عليه بالاختيارات التي عملت عليها إدارة المهرجان طويلاً.
ولكون القضية الفلسطينية بقيت على محك الاهتمام العربي والعالمي طوال هذا العام، فإن من الطبيعي أن يستقبل المهرجان السعودي الفيلمين اللذين يقودان تعريف العالم بأصول هذه القضية، كما يفعل «فلسطين 36»، لآن ماري جاسر، المعروض في قسم «روائع عربية»، و«صوت هند رجب» لكوثر بن هنية («عروض خاصّة»).
هناك فيلم ثالث حول الموضوع الفلسطيني ممثّل بفيلم «اللي باقي منك» لشيرين دبس الذي يعرض دراما تقع أحداثها في فلسطين ما بين 1948 و2022.
هذا يدلف بنا إلى عدّة أفلام المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة التي تحفل بالأعمال المهمّة. المخرجة السعودية شهد أمين تودِع في المسابقة فيلمها الروائي الطويل الثاني «هجرة» الذي سبق وشهد عرضه في مهرجان فينيسيا.
المخرج العراقي محمد جبارة الداجي يعرض «إكالا حلم كلكامش» في المسابقة الرئيسية، ويشاركه طموح الفوز كل من اللبنانية سيريل عريس عبر «نجوم الأمل والألم»، والمصري أبو بكر شوقي في «القصص»، و«اللي باقي منك» لشيرين دعيبس (وهو إنتاج مشترك ألماني- قبرص- فلسطيني)، و«يونان» لأمير فخر الدين، و«غرق» لزين الدريعي وهو إنتاج سعودي- أردني-قطري- فرنسي مشترك، ومن الصومال فيلم «بارني»، الفيلم الروائي الطويل لمخرجه محمد شيخ.
أما قسم «روائع عربية» المُشكّل من خمسة أفلام من بينها «فلسطين 46»، كما تقدّم، فيعرض أربعة أفلام أخرى تستحق الاكتشاف وهي «المجهولة» لهيفاء المنصور (السعودية)، و«جوازة ولا جنازة» لأميرة دياب (مصر)، و«رهين» لأمين الأخنش، و«مسألة حياة أو موت» لأنس باطهف (وكلا الفيلمين سعودي).
