04 ديسمبر 2025

في عيد الاتحاد الـ54... قصص اللؤلؤ جسر بين الماضي والمستقبل

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

في عيد الاتحاد الـ54، تبرز النماذج الإماراتية كمرآة صادقة تعكس روح الإمارات وهويتها، داخل حدود الوطن، وخارجه. فمِن قمم الجبال إلى فضاءات التراث، ومن ميادين الإبداع الفني إلى ساحات العلم والابتعاث، إلى حضور المطبخ الإماراتي في المحافل الدولية ورحلات الهجن في الصحراء، يحمل أبناء الإمارات رسائل مضيئة تجسّد قيم الدولة، وتروي جزءاً من قصة مجدها للآخرين.

ويمثل اللؤلؤ أصالة التراث الإماراتي ويسلط الضوء على العلاقة بين الفرد الإماراتي والبحر، وكيف اتقن الغوص على اللؤلؤ، وحافظ على إرثه هذا عبر الأجيال.

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

مزرعة لآلئ السويدي... تجربة متكاملة تعرّف الزوار بقصص اللؤلؤ

في قرية الرمس، عند سفح جبال الحجر، في رأس الخيمة، تقف مزرعة لآلئ السويدي شاهداً حيّاً على تاريخ اللؤلؤ، أحد أبرز مفردات الهوية الإماراتية، لتبرز كيف كان اللؤلؤ حجر الأساس في بناء مجتمع متصل بالبحر، معتزّ بتراثه، وقادر على تحويل ذاكرته إلى مستقبل مزدهر.

تعيد مزرعة لآلئ السويدي وصل ما انقطع من حكاية اللؤلؤ العربي، بعد أكثر من قرن على أفولها، وقد تأسست عام 2004 على يد عبد الله راشد السويدي، حفيد أحد أشهر نوخذة اللؤلؤ في المنطقة.

مجلة كل الأسرة

ويعدّ بيت اللؤلؤ أكثر من وجهة سياحية، إنه رحلة عبر الزمن يخوضها الزوار والسياح، ويعيشون تجربة حقيقية تعيدهم إلى زمن الغواصين الأوائل الذين واجهوا عمق البحر بشجاعة، وإلى النوخذة الذين قادوا السفن، وغامروا، وغاصوا في الأعماق، حيث تروي التجربة تفاصيل حياتهم اليومية، من آلام الغوص على اللؤلؤ، إلى فرحة العثور على لؤلؤة نادرة.

ولا تقتصر المزرعة على الجانب التراثي فقط؛ فهي جسر يصل الماضي بالمستقبل، عبر منهج علميّ مستدام، يعرّف الزوّار بالبيولوجيا الدقيقة لتكوين اللؤلؤ داخل المحار، وبالدور الحيوي لهذه الكائنات في حماية النظم البيئية البحرية.

مجلة كل الأسرة

داخل المزرعة، يتعرّف الزائر إلى تجارة اللؤلؤ القديمة التي جعلت من موانئ الخليج ملتقى عالمياً، للتجار والمستكشفين، وإلى الدور الهام الذي لعبه اللؤلؤ في تعزيز موقع الإمارات التاريخي في التجارة البحرية. كما تُروى أساطير اللؤلؤ العربي التي تناقلتها الأجيال، مثل قصص اللؤلؤة التي «تختار قلب الغواص»، وحكايات البحارة الذين كانوا يرون في كل لؤلؤة روحاً.

تفتح المزرعة أمام زوّارها باباً لتجربة لا تُنسى، تضعهم في قلب الحكاية البحرية القديمة؛ إذ يُتاح لهم اختيار محارة أمضت عاماً كاملاً في أحضان الماء حتى اكتملت دورتها، ثم عيش لحظة فتحها بأيديهم بحثاً عن دانة قد تخبّئها الصدَفة بين طياتها. كما يشاهد السياح غواصاً يهبط إلى عمق الخور ليجسّد بدقّة طقس الغوص الأول، وتترافق هذه المشاهد مع أهازيج البحارة، لتتحول الزيارة إلى رحلة حسّية تعيد وصل الإنسان بالبحر، وروحه الأولى.

مجلة كل الأسرة

على صعيد آخر، يمثل الحفاظ على التراث الإماراتي مسؤولية جماعية، ولو بأشكال مختلفة . صانع المجوهرات الإماراتي عدي الفردان يشير إلى أن «اللؤلؤ حجر كريم يجسد تاريخ وهوية الدولة يجب أن نحافظ عليه، ونبرز جماله من خلال تصميم قطع مجوهرات مبتكرة تسهم في الحفاظ على إرثه، وليس مجرّد قيمته المادية».

يؤكد الفردان أن «العمل في قطاع اللؤلؤ والمجوهرات الثمينة ليس مجرّد تجارة، بل مسؤولية ورسالة جمالية»، مشيراً إلى أن «صناعة المجوهرات الإماراتية اليوم قادرة على تقديم قطع تواكب ذائقة العالم المعاصر، وتُعبّر في الوقت ذاته عن هوية راقية تستحق أن تحمل اسم الإمارات».

ويعتبر الفردان أن «استخدام اللؤلؤ في صناعة المجوهرات وسيلة فعّالة لحماية الإرث الوطني، وتعزيزه، إذ تتحول كل قطعة إلى رسالة ثقافية تبرز الهوية الإماراتية وتاريخها العريق، حيث هدفنا ينصب على زيادة الوعي حول أهمية هذا الحجر الكريم، وتعريف العالم بعراقة التراث الإماراتي».

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

وفي ظل العولمة والتغيرات الحديثة، تتزايد الحاجة إلى الحفاظ على إرث اللؤلؤ، كإرث وطني أصيل. لذا، يبرز دور استخدام اللؤلؤ في صناعة المجوهرات كوسيلة فعّالة لحماية هذا التراث وتعزيزه، حيث تتحول القطع المصممة بعناية إلى رسائل ثقافية تُعرّف العالم بجمال هذا الحجر الكريم، وأهميته، ودوره.

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

وفي هذا الصدد، يقول عدي الفردان «تمثيل الإمارات في الخارج مسؤولية تحمل في جوهرها رسالة الخير»، مؤكداً «أبناء الدولة أينما وجدوا يشكّلون مرآة لوطنهم، ويجسدون القيم التي غرسها فيهم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، من صدق، ومبادرة، واحترام للإنسان».

ويتوقف الفردان عند بصماته، داخل الدولة وخارجها، في تقديم صورة بهية عن صناعة المجوهرات الإماراتية «نحن حاضرون في أسواق الشرق والغرب، نحمل تراث الإمارات إلى الهند، ونصل بقطعنا إلى زبائن من الولايات المتحدة، لأن صناعة المجوهرات تاريخ يمتد عبر أجيال. ورغم أننا نجلب اللؤلؤ من أنحاء العالم، فإن الحصول عليه أصبح أكثر صعوبة من أيّ وقت مضى، ما يعزز قيمة كل قطعة تُصاغ وتُزيَّن به».

وبمناسبة عيد الاتحاد الـ54، يوجّه الفردان رسالته بـ«أهمية الحفاظ على إرث اللؤلؤ كامتداد لهويتنا، ورسالة جمال وثقافة إماراتية تواصل رحلتها إلى العالم».