30 نوفمبر 2025

جوائز الفيلم الأوروبي... أفلام جديدة من القارّة القديمة

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

مجلة كل الأسرة

ستة وخمسون فيلماً، هو عدد الإنتاجات السينمائية التي اندرجت في قائمة ترشيحات جوائز الفيلم الأوروبية، التي أُعلنت قبل ثلاثة أيام، والتي ستُقام حفلتها في السابع عشر من الشهر الأول، من العام المقبل 2026، في مدينة برلين.

مجلة كل الأسرة

هي المناسبة الثامنة والثلاثون لهذه الجائزة السنوية الخاصّة بالأفلام الأوروبية، أو الأوروبية التي يُداخلها تمويل جانبي غير أوروبي. موسم الجوائز ينطلق- رسمياً- عبر هذا الإعلان، وستليه، في الثلاثين من هذا الشهر، ترشيحات جوائز السينما البريطانية المستقلة، ثم جوائز «كريتيكس تشويس» الأمريكية، و«غولدن غلوبز»، ثم البافتا، وجوائز سيزار، وجوائز نقابات التمثيل والإنتاج والإخراج، وصولاً (بعد عدد كبير آخر من هذه المناسبات السنوية) إلى جوائز الأوسكار، في الخامس عشر من شهر مارس المقبل.

ما يميّزها عن سواها هو أنها محدّدة بالدول الأوروبية، وهي تشمل مسابقة «الأفلام الأوروبية»، و«مسابقة الأفلام غير الروائية»، ومسابقة لسينما الرسوم (أنيميشن)، ثم رابعة لأفضل مخرج صنع فيلماً في أوروبا (ليس بالضرورة أن يكون أوروبي الولادة أو الهوية)، وجوائز لأفضل تمثيل، وأفضل اكتشاف، وأخيراً جائزة باسم «جائزة المشاهدين الأوروبيين الشبّان».

مجلة كل الأسرة

أفلام تتصدر بأكثر من ترشيح

ككل مناسبة أخرى مماثلة، هناك أفلام تتوزع ترشيحاتها في أكثر من مسابقة، وتحصد، بالتالي، عدداً أكبر من سواها من الترشيحات. في المقدّمة هذا العام فيلم واكيم تراير «قيمة عاطفية»، (Sentimental Value) الذي كان خطف جائزة لجنة التحكيم الكبرى، في مهرجان «كان» الماضي. ومن «كان» كذلك فيلم الإسباني أوليفر لاكس «صراط» (Sirat)، وفيلم جعفر بناهي «مجرد حادثة» الذي فاز بذهبية ذلك المهرجان الفرنسي، هذا العام.

ونجد «قيمة عاطفية» مُنافساً في خمسة أقسام، هي أفضل فيلم أوروبي ،وأفضل مخرج، وأفضل سيناريو، وأفضل ممثلة (رينات راينسف)، وأفضل ممثل (ستيلان سكارسغارد).

أما «صِراط» (الذي تقع أحداثه في الصحراء المغربية)، فيتبعه بأربعة ترشيحات، هي أفضل فيلم، وأفضل مخرج، وأفضل سيناريو، وأفضل ممثل (سيرغي لوبيز). أما «مجرد حادثة» فهو ضمن ثلاث مسابقات، هي أفضل فيلم، وأفضل سيناريو، وأفضل إخراج (جعفر بناهي).

باقي الإنتاجات المرشّحة لجائزة أفضل فيلم أوروبي (15 فيلماً)، فازت بترشيح واحد أو إثنين. بعضها سبق أن نال جوائز من مهرجانات رئيسية سابقة، لكن ليس جميعها، وهي، بطبيعة الحال، ذات موضوعات مختلفة. هناك فيلم إيغور بازينوفيتش «Fiume o Morte‪!  «فيومي (أو الموت»)، وهو إنتاج مشترك بين كرواتيا وإيطاليا وسلوفاكيا، ويتحدث عن الشاعر غبريال د. أنونزيو الذي أمضى، سنة 1919، عاماً ونصف العام في مدينة فيومي

هذا الفيلم التسجيلي يلتقي مع فيلم تسجيلي آخر عنوانه Afternoons of Solitude  عن حياة مصارع الثيران أندرياس روكا راي، كما يلخصها المخرج ألبرت سيرا في منوال يوم واحد، من حين وصول أندرياس إلى الميدان، وارتدائه ثياب العمل، حتى نهاية ذلك اليوم.

مجلة كل الأسرة

أفلام رسوم فرنسية

هذان الفيلمان التسجيليان ليسا الوحيدين في نطاق هذا النوع ضمن أفلام مسابقة الفيلم الأوروبي. وإضافة، لدينا «أغاني عن موت أرض بطيء» (Songs of Slow Burning Earth) الذي يمثّل أوكرانيا، ويتعامل (كما يدل عنوانه) مع الحرب القائمة هناك.

وهناك أيضاً الفيلم الألماني «رايفنشول» لأندريه فايل عن المخرجة لني رايفنشتول التي تعاونت مع النازية، وقدّمت فيلمين من أفضل الأعمال الوثائقية، هما «انتصار الإرادة» (Triumph of the Will)، سنة 1935 و«أولومبيا» في جزأيه، سنة 1938. ودافعت المخرجة خلال حياتها (1902-2003) عن نفسها بأنها كانت تنفّذ طلب السُلطة النازية، ليس إلّا. مهما يكن، فإن هذين الفيلمين ما زالا من تلك الباهرة، في مضمونهما، كما في تشكيلهما فنياً.

تحتوي المسابقة ذاتها على أفلام أنيميشن، على الرغم من وجود مسابقتين متخصصتين، واحدة للسينما التسجيلية، والأخرى لسينما الرسوم.

في هذا النطاق نجد أفلام «أركو» (Arco)، أوغو بيانفينو (أفضل هذه الفئة من الأفلام)، و«أوليفيا والزلازل غير المرئية» (Olivia and the Invisiblle Earthquack)، لإرين أيبورا ريزو، و«إميلي الصغيرة» لمايليس فالاد وليان- تشو هان. هذه الأفلام الثلاثة الفرنسية شاهدة على عدد متزايد لهذا النوع من الأفلام في رحى السينما الفرنسية. تتميّز بهويّتها الخاصة، لكنها أبعد من أن تكون بالضرورة مماثلة في إنجازها الفني من أفلام أوروبية، أو يابانية، أو أمريكية، على سبيل المقارنة.