فيلم "اغتراب" ، من اخراج التونسي مهدي هميلي .. يتمحور حول وفاة شخص، ولكن صديقه لا يصدق أنها وفاة طبيعية، ليبدأ بعدها النبش في الوقائع بحثا عن حقيقة وفاته .
يعمل محمد (غانم زريلي)، في مصنع ينفث دخانه، ويطلق على الدوام هدير محركاته. قضية محمد أن صديقه عدلي مات خلال عمله نتيجة خطأ وقع فيه. هكذا جاء في التحقيق. لكن محمد لن يصدّق الرواية الرسمية، وسيلجأ إلى استنطاق رفاق عمل، ومسؤولين، وكل من يعرف صديقه، بمن فيهم زوجته (مرام بن عزيزة). هذا البحث المضني الذي سيعرّض محمد إلى أوجه مختلفة من المعاناة، النفسية والبدنية، مردّه إلى أن صداقته لعادل كانت عاطفية. محمد سيسبر غور التحقيق بمفرده قبل أن يبدأ بقتل من يعتبرهم مسؤولين.
عند هذه النقطة يخفق السيناريو في مدّ شخصية بطله بما يلزم من أدوات إقناع. يختار السيناريو ترك محمد يفعل ما يشاء من دون تردّد، أو رهبة، ويضعه في مواقف عنيفة من دون تمهيد.
إخراج هميلي ملهم. يختار أماكن تصويره بدقّة، ويزيّنها بتصاميم وديكورات تنقل وحشة تلك الأماكن، داخلية كانت أو خارجية. الصورة دوماً (ما عدا مشهد وصول محمد إلى مدينة أخرى)، داكنة، وذات لون صفراوي شاحب. الدمج بين اللقطات هادئ، كذلك أسلوب تصويره (بما في ذلك اللقطات البعيدة التي تبرز وحدة بطل الفيلم). في باطن كل ذلك رغبة في كشف فساد إداري وتعاون بين جهات مختلفة لتحقيق الثروة، وترك العمّال يعانون جرّاء ذلك.