مجلة كل الأسرة
30 نوفمبر 2025

سارة المهيري: أوثق ذاكرة الإمارات بالصورة والكلمة

فريق كل الأسرة

على غلاف
على غلاف "كل الأسرة" لهذا الشهر سارة المهيري

تتولى سارة المهيري، قيّمة فنية وناشطة ثقافية، توثيق تراث الإمارات عبر الكتابة، والتصوير، والأفلام الوثائقية، ليصبح مشروعها مرآة حية لهويتها وثقافتها الغنية، إثر دراستها، وعملها بين الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، ولندن.

مجلة كل الأسرة

في لقائنا معها، الذي أجرته الزميلة سلام ناصر الدين، توضح سارة معالم المسار الذي قادها إلى الاهتمام بالتراث: «خلال سنوات الدراسة في مجال «الإعلام والفن»، والتخصص في المجال الوثائقي والعمل في الخارج، كان كثيرون يسألونني عن الإمارات، وكان ثمة قصور معرفي من قبلهم في هذا الشأن، ما أيقظ داخلي حاجة إلى إعادة اكتشاف جذوري، وكنت حين أعود إلى الإمارات خلال الإجازات، أصوّر عائلتي، والحياة في الإمارات، كما أصوّر تراثي».

مجلة كل الأسرة

خلال التصوير، أدركت المهيري أمراً هاماً: «لكوني إماراتية، وعشت طوال حياتي وسط هذا التراث لا يعني أنني أفهمه حقاً. كانت تجربة جميلة حيث كنتُ أعلّم الآخرين، لكنني في الوقت ذاته كنتُ أعلّم نفسي».

ومن خلال تلك الرحلة البصرية، أدركت سارة المهيري أن الانتماء معرفة نصوغها بالوعي والاكتشاف، وتحولت الرغبة في الفهم إلى رحلة واسعة عبر الإمارات، من العين إلى أبوظبي، ومن رأس الخيمة إلى دبي، تسافر وتصوّر الحِرف، العادات، طرق الصيد، صيد اللؤلؤ، وفصول الحياة اليومية التي تصنع هوية المكان.

مجلة كل الأسرة

وبعد عامين من هذا المسار، تواصت معها إحدى الجهات التي ترغب في إنتاج أفلام قصيرة لتعريف طلبة المدارس إلى تراث الإمارات، لتكون نقطة الانطلاق نحو مشروع ضخم، امتد عاماً كاملاً.

وتقول: «خلال هذا العام، أنجزت نحو 120 فيلماً وثائقياً قصيراً، تنقلت خلاله بين إمارات الدولة لتوثيق قصص حول شجرة الغاف، صناعة التمر، التلي، الصيد، الحياة البحرية، الصحراء، الجمال، وغيرها».

وكل أسبوع كانت سارة المهيري تمضي إلى مكان جديد، تلتقي الناس، تسألهم، وتستعيد عبرهم تفاصيل كانت تحسب أنها تعرفها من قبل، وتجمع ما تتعلمه في ملاحظات ودفاتر صغيرة، حتى أدركت أنها تكتب كتاباً، من دون أن تخطط لذلك. فسألت نفسها: لماذا لا أنجز كتابي؟ وهكذا، ولدت الفكرة.. تروي: «جمعت المعلومات المتراكمة عبر السنوات، وصغتها بأسلوب مبسّط، واعتمدت على الصور التي التقطتها بنفسي لتتحول لاحقاً إلى الإيضاحات المصاحبة للكتاب».

مجلة كل الأسرة

شعرت سارة بأن الكتاب «التزام عميق تجاه التراث، بخاصة أنّه (أيّ التراث) يتسرّب بصمت من بين أصابع الجيل الجديد. وعندما بدأت أدقق وأراجع المعلومات، كنت أكتشف أن كثيراً من صديقاتي الإماراتيات لا يعرفن الكثير عن تراثهنّ، فبدأت أعلّمهنّ، ثم اتسعت الدائرة لأعلّم أفراداً من محيطي وعائلتي، وحتى السياح، وكل من يقف باحثاً عن نافذة يرى من خلالها الإمارات كما أراها».

يجب إنقاذ ما يمكن إنقاذه من ذاكرة المكان قبل أن يختفي، ولننقله إلى الجيل الجديد الذي يعيش في عالم مختلف

وتضيف سارة: «اليوم نعيش زمن الذكاء الاصطناعي والتقنيات الجديدة، وهذا شيء رائع، لكنه جعل تراثنا مهدّداً بالغياب. فالحرفيّون الذين حملوا المعرفة جيلاً بعد جيل يختفون واحداً تلو الآخر، ويجب إنقاذ ما يمكن إنقاذه من ذاكرة المكان قبل أن يختفي، ولننقله إلى الجيل الجديد الذي يعيش في عالم مختلف».

وتكشف ردة فعلها: «لذلك، بدأت، في الفترة الأخيرة، بتصوير أفلام قصيرة توثّق حياة الحرفيين الذين قابلتهم، أولئك الذين ساعدوني، وقدّموا لي معلومات لا تقدّر بثمن».

مجلة كل الأسرة

وعن المسؤولية التي تشعر بها، تقول بصدق: «كإماراتية، أدركت أنّ الجيل الجديد، وليس السياح أو الزوار فقط، يجهل الكثير من تفاصيل تراثه. لذلك أشعر بأن دوري اليوم هو الحفاظ على ما يمكن الحفاظ عليه».

وتخلص بحماسة: «شيء جميل جداً أن أستمر في هذا المشروع. وإن شاء الله، في العام المقبل سأباشر إقامة معارض صغيرة، تروي للسياح حياتنا الإماراتية بطريقة مباشرة وحية، تشعرهم بجمال تراثنا وثقافتنا، كما نعيشها نحن».

تصوير الغلاف: حمود المقبالي @humoud.mosabih
تصوير: Sam Allison@allisonsam