دبي تحتفي بالوقت... أسبوع الساعات يجذب عشّاق الفخامة والابتكار في برج بارك
تحتل الساعات مكانة خاصة في المجتمع الإماراتي، إذ لا تُعد مجرد وسيلة لمعرفة الوقت، بل رمزاً للذوق الرفيع، والهوية الشخصية، وعلامة على التقدير للفخامة والحرفية الدقيقة. ويُقبِل المواطنون، والمقيمون في الإمارات، على اقتناء الساعات الفاخرة بوصفها جزءاً من أسلوب الحياة، وامتداداً لقيم الأصالة والاهتمام بالتفاصيل، إضافة إلى كونها استثماراً طويل الأمد، وتراثاً يمكن توريثه. وفي مجتمع يجتمع فيه التنوع الثقافي مع الطموح والرفاه، تحوّلت الساعات إلى لغة مشتركة تعبّر عن المكانة والتميّز، وتعكس شغف سكان الدولة بكل ما يجمع بين الفخامة والإبداع.
وقد انطلقت، أمس، فعاليات أسبوع الساعات في دبي، في منطقة برج بارك، بالشراكة مع «دبي للثقافة»، الحدث الذي ينتظره عشّاق الساعات من مختلف أنحاء العالم، ليكون منصة للتفاعل، واكتشاف أحدث الابتكارات في عالم الوقت. ومنذ الساعات الأولى للافتتاح، شهدت الفعالية توافداً كبيراً لعشاق الساعات، والخبراء، والمستثمرين، والجمهور الذين يشكّلون قاعدة واسعة من محبي الفخامة والرقي في الإمارات، والمنطقة.
تحوّل الحدث إلى مساحة نابضة بالحياة، تضم علامات عالمية عريقة، جاءت لتكشف عن أحدث إصداراتها وإبداعاتها التقنية، إلى جانب قِطع نادرة لا تُعرض سوى في مناسبات عالمية محدودة. ولم يكن الإقبال مفاجئاً؛ فدبي أصبحت خلال السنوات الأخيرة مركزاً محورياً في تجارة الساعات الفاخرة، بفضل سوقها المزدهر، ونسبة المهتمين بالعلامات الراقية، وموقعها الذي يجمع الشرق والغرب في نقطة تواصل، ثقافي واقتصادي، واحدة.
المتجوّل في أروقة الحدث يلاحظ مزيجاً من الزوار: هواة يجمعون الساعات بدافع الشغف، ومستثمرون يبحثون عن قطع ترتفع قيمتها مع الزمن، وشباب يسعون لاقتناء قطعة تعبّر عن هويتهم، وخبراء يتبادلون المعرفة حول أحدث التقنيات. وفي قلب هذا الحراك، تتجلّى الحقيقة الأساسية: الساعات ليست مجرّد أداة للوقت، بل عنوان للفخامة، ورمز للهوية، واستثمار طويل الأمد.
أسبوع الساعات في دبي... منصة عالمية للابتكار والحرفية
يبرز في الحدث عرض نماذج مبتكرة تعتمد على التعقيدات الميكانيكية المعقدة، مثل التوربيون، والتقويم الدائم، والكرونوغراف، والتقنيات التي تدمج بين الميكانيكا التقليدية والمواد الحديثة، كالكربون، والتيتانيوم، والسيراميك. وتعرض بعض الدور ساعات محدودة الإصدار، لا يتجاوز بعضها 5 أو 10 قطع، ما يجعلها محط اهتمام جامعي الساعات النادرة، الذين يعتبرون هذه الإصدارات «جواهر استثنائية» تضيف قيمة، فنية ومادية، إلى مجموعاتهم.
كما تنظم الدُور العالمية جلسات حوارية، وورشا متخصصة تتناول مستقبل صناعة الساعات، وتأثير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في تطوّرها، وديمومة الحِرف اليدوية التقليدية في عصر رقمي سريع التغيّر.
الساعات ذاكرة شخصية
يرى بعض هواة الجمع أن معارض الساعات ليست مجرّد فرصة للشراء، أو الاطلاع، بل فضاء للغوص في عالم يحمل الكثير من الذكريات والمشاعر. فلكل ساعة قصة، ولكل تفاصيلها حكاية. وبالنسبة إلى سالم محمد، اقتناء ساعة فاخرة يشبه اقتناء «لحظة زمنية خالدة»، فهي تستحضر مناسبة ما، إنجازاً، أو ذكرى عائلية، وتتحول مع مرور الزمن إلى إرث يمكن توريثه.
الساعات أصول ثمينة
من جهتها، تتعامل نايلة لوتاه مع الساعات من منظور استثماري، وتقول: «هذه المعارض ذات أهمية كبيرة، لأنها تسمح لنا برؤية القطع عن قرب، وتقييمها وفق معايير دقيقة، مثل الندرة، الحركة الميكانيكية، المواد، والطلب العالمي. والساعات، خصوصاً السويسرية ذات الإصدارات المحدودة، لا تفقد قيمتها، بل ترتفع أحياناً بشكل مذهل، ما يجعلها استثماراً بديلاً مشابهاً للفن والعقارات».
الحفاظ على التراث الإنساني
بالنسبة إلى الكثير من الخبراء، فإن هذه الفعاليات تؤكد أن صناعة الساعات ليست ترفاً، بل إرث بشري يستحق الاحتفاء، ويبيّن محمد جرير: «الحركات الميكانيكية الدقيقة التي تعتمد على مهارات يدوية متوارثة عبر أجيال، باتت اليوم رمزاً للحِرفية العالية، في عالم أصبح فيه كل شيء رقمياً وسريعاً. والمعارض في دبي تحافظ على هذه الروح، وتُظهر جانباً من الإبداع الذي لا يزال قائماً، على الرغم من هيمنة الساعات الذكية».
الساعات كهوية وأسلوب حياة
وأخيراً، يرى وليد الأنصاري أن الساعة بالنسبة إلى الشباب ليست مجرّد إكسسوار مكمل، بل قطعة تعبّر عن أسلوب حياة وشخصية «الإقبال اللافت من الشباب على المعرض يدل على تحوّل الساعات إلى رمز للهوية، سواء عبر العلامات العصرية، أو التصاميم الجريئة، أو الإصدارات التي تضيف لمسة من الفخامة والتميّز على طلة صاحبها. الحدث بالنسبة لنا مساحة لاختبار أحدث الاتجاهات، وفهم قصص العلامات الكبرى التي تجمع بين الماضي والمستقبل».
دبي… مدينة تعيد تعريف الفخامة
باحتضانها هذا الحدث العالمي، تؤكد دبي، مرة أخرى، مكانتها كمدينة تقود المشهد الفاخر في المنطقة. وتنظيم أسبوع الساعات في أجواء برج بارك ليس مجرّد فعالية تجارية، بل هو احتفال بالثقافة، والابتكار، والفخامة التي أصبحت جزءاً من الهوية، البصرية والاقتصادية، للإمارة.
