05 نوفمبر 2025

إنعام كجه جي تكتب: متحف العراق الكبير

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس

مجلة كل الأسرة

بموازاة المهرجان الاحتفالي الضخم الذي رافق افتتاح المتحف الكبير في مصر، كان هناك جدل واسع يشتعل على مواقع التفاعل الاجتماعي، ويعكس نظرة العراقيين إلى هذا الحدث الاستثنائي.

كان غبطة، ولم يكن حسداً، ولنقل إنه انبهار بالقدرات المصرية التي نجحت، عبر سنوات طوال، في التمسك بفكرة المتحف الكبير، والمضي في المشروع منذ تخطيطه على الورق، وحتى لحظة الافتتاح المهيب.

يتساءل العراقيون والعراقيات، ولهم كل الحق، عن السبب الذي يحرم بلدهم من امتلاك متحف ضخم في بغداد، على غرار ما باتت تزدهي به القاهرة. إن لديهم حضارة عريقة لا تقل عن الحضارة الفرعونيّة، بل إنها سبقتها زمنياً، حسب ما هو مذكور في الموسوعات.

مجلة كل الأسرة

كان لحضارات سومر، وأكد، وبابل، ونينوى، الفضل في التوصل إلى ابتكارات كثيرة أهمها الكتابة. وهناك اختراع العجلة التي كانت في ذلك الزمان، أي قبل الميلاد بقرون، بمثابة الصاروخ الذاهب إلى القمر، في زمننا الحالي. ولا ننسى مسلّة حمورابي التي قدمت للبشرية البنود لأول تشريع قانوني في العالم. ولدينا الجنائن المعلقة التي حوت أنواع الأشجار والأزهار. كانت أروع هدية حب عبر التاريخ كله، قدمها الملك نبوخذ نصّر لزوجته ملكة بابل.

صحيح أن الكثير من تلك الكنوز انتقلت إلى خارج الحدود، بسبب النهب الذي قام به المنقبون الغربيون، وهي اليوم تزيّن كبريات متاحف العالم، لكن ما ظل موجوداً يصلح لتأثيث متحف وطني من مستوى فخم.

تركزت كل التعليقات التي سجلها العراقيون على نقطة أساسية، هي كلفة المتحف المصري الجديد. إنها ملياران من الدولارات أسهمت اليابان بجزء كبير منها، ومعها دول أخرى. وقد يبدو هذا المبلغ باهظاً لكنه نقطة في بحر مليارات الدولارات من ثروة النفط العراقي التي ذهبت لجيوب المرتشين، والفاسدين، ولصوص المال العام.

كم متحفاً كان يمكن للجيل العراقي الجديد أن يرتاده ويتفرج فيه على عظمة الأجداد؟ وهل فكّر أحد من المسؤولين في أن يشترط على الشركات الأجنبية الكبرى الحاصلة على عقود في مدن العراق، أن تتدخل لتسهيل استعادة كنوز البلد الموجودة في قاعات كبرى في «اللوفر» بباريس، و«المتروبوليتان» في نيويورك، ومتحف برلين؟

أكتب هذا وأناملي ترتجف. إن آثارنا لديهم في الحفظ والصون، فمن يضمن ألّا تتعرض للتدمير، ونهب السماسرة، في حال عادت إلينا، أو للإهمال في أفضل الأحوال؟