30 أكتوبر 2025

«حافلة مشؤومة»... تعطلت وسُرقت وقادت 6 رجال للمحكمة ثم اختفت

فريق كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

كل ما يمكن أن يُقال عنها إنها «حافلة مشؤومة»، اشتراها مطعم لاحتياجاته اليومية، فتعطّلت، وكبّدته خسائر مالية كبيرة، ثم تعرّضت للسرقة، ثم بيعت أكثر من مرة، وفي النهاية، جميع من لمسها وجد نفسه في قفص الاتهام أمام القضاء.

6 رجال قادتهم هذه «الحافلة المشؤومة» في رحلتها الأخيرة إلى المحكمة، وجميعهم تكبدوا غرامات مالية، وأحدهم تعرض للحبس، فيما كان مصيرها الختامي «الاختفاء عن الوجود».

بدأت قصة الحافلة عندما اشتراها أحد المطاعم من أجل تلبية احتياجاته بمبلغ قدره 75 ألف درهم، من أحد الأشخاص، لكن سرعان ما تعرّضت لعدة أعطال، ما اضطر القائمين على المطعم إلى إيقافها في ساحة رملية بعد نفاد صبرهم معها.

استمر توقفها في الساحة الرملية لمدة 9 أشهر، وذهب دفع ثمنها «هباء منثوراً»، إلى جانب خسائر تصليحها.

أين الحافلة؟

في صباح أحد الأيام، توجه مدير المطعم لبدء العمل، لكنه فوجئ باختفائها بشكل غريب ومُريب، ما دفعه إلى التساؤل عن مصيرها بعد أن كبّدتهم كل هذه الخسائر.

قدّم مدير المطعم بلاغاً إلى الشرطة عن اختفاء الحافلة، فحضرت الشرطة إلى الساحة الرملية، وباشرت التحقيقات التي قادت إلى أن الحافلة غادرت المنطقة على ظهر سيارة رافعة، «ونش كبيرة».

تمكنت الشرطة من التعرف إلى سائق الرافعة، فطلبت منه الحضور فوراً، وسألته عن مصيرها، فأبلغهم أن هناك شخصاً طلب منه أن يأتي ليأخذها من أجل نقلها إلى أحد محال التصليح في المنطقة الصناعية.

يروي السائق: «أرسل لي هذا الشخص موقع الحافلة عن طريق برنامج التواصل «واتساب»، فتوجهت إلى مكان وقوفها وقابلته».

وتابع: «استفسرت منه عن مفاتيح الحافلة، فأخبرني بأنه فقدها، أخيراً، فسألته عن ملكيتها، فردّ علي بأنها ليست بحوزته، وأكّد لي أن الحافلة تابعة له».

وأضاف: «قمت برفع الحافلة على الرافعة ونقلتها إلى أحد محال التصليح، الذي سبقني إليه، وكان في انتظاري هو وبرفقته عدة أشخاص، أخذوا بمعاينتها، ثم أبلغني أنهم لن يقوموا بتصليحها، وطلب مني أن أنقلها إلى مكان آخر، ففعلت، وقابلت رجلاً، وعاينها، ثم أنزلتها له، وغادرت».

من هذا الشخص؟

من هذا الشخص الذي طلب من السائق نقل الحافلة؟ هنا كانت المفاجأة، إذ باشرت الشرطة التحقيق للبحث عن المجهول، ووضعت الموظفين في المطعم ضمن دائرة الشك، لذلك طلبت من مدير المطعم إحضار صورهم ليشاهدها السائق.

قلّب سائق الرافعة الصور، لكنه لم يجد الشخص ضمن الموظفين الحاليين، فقرّروا عرض صور الموظفين السابقين عليه، ليشاهد صورة ويبدأ في الصراخ: «هذا هو».

تبيّن أن من يقف وراء اختفاء الحافلة، أحد الموظفين السابقين، فباشرت الشرطة البحث عنه، وتمكنت من إلقاء القبض عليه، ليعترف بسرقتها، وبيعها بطريقة غير قانونية، ومن دون أوراق ملكية.

من جديد... أين الحافلة؟

تبين أن الموظف السابق أقدم على بيع الحافلة لأحد الرجال بقيمة 20 ألف درهم، أي بأقل من قيمتها السوقية الحقيقية بـ55 ألف درهم، فبدأت الشرطة البحث عن المُشتري، وتمكنت من إلقاء القبض عليه.

تبين أيضاً أن المُشتري باع الحافلة لرجل ثالث فتم إلقاء القبض عليه، لتبدأ بعد ذلك رحلة البحث عنها، ويظهر أنها تعرّضت لعدة عمليات بيع وسمسرة، إلى أن وصلت قيمة آخر عملية بيع لها إلى 50 ألف درهم، وفي كل مرة كانت تُباع عبر ورقة مُبايعة من دون تسجيل قانوني.

6 رجال متورطين

تابعت الشرطة مسار عمليات بيع الحافلة إلى أن وصل عدد الرجال المتورطين والمُلقى القبض عليهم في قضيتها إلى 6 أشخاص، بينهم الموظف السابق في المطعم، فأحالتهم جميعاً إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.

لائحة اتهام

أما النيابة العامة، فرفعت لائحة اتهام بحق الرجال الستة، إلى الهيئة القضائية في محكمة الجنايات، تضمنت في بدايتها اتهام الموظف السابق في المطعم بسرقة الحافلة، وطالبت بمعاقبته عملاً بالمادة 443 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 31 لسنة 2021 بإصدار قانون الجرائم والعقوبات، التي تنص على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر أو بالغرامة كل من ارتكب جريمة سرقة…»، إلى جانب المطالبة بإبعاده عن الدولة بعد قضاء مدة الحكم، عملاً بالمادة 126 من قانون الجرائم والعقوبات.

أما الخمسة الآخرون، فوجهت النيابة العامة لهم تهمة «حيازة الحافلة المسروقة المتحصلة من جريمة مع علمهم بذلك»، والمعاقب عليها بالمادة 456، بعقوبة الحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر، والغرامة التي لا تزيد على 20 ألف درهم، أو إحدى هاتين العقوبتين.

عواقب التعامل مع الحافلة

بعد نظر القضية، دانت المحكمة الابتدائية الجميع في قضية الحافلة، وقضت بمعاقبة الموظف السابق في المطعم بالحبس لمدة شهرين، وإبعاده عن الدولة.

أما الخمسة الآخرون، فقررت تغريم كل واحد منهم مبلغ 10 آلاف درهم عن التهمة الموجهة إليه، إلى جانب تغريمهم جميعاً «الستة»، متضامنين قيمة الحافلة المسروقة البالغة 75 ألف درهم، ليصل إجمالي الغرامات إلى 125 ألف درهم بسبب هذه الحافلة.

اختفاء الحافلة

أما السؤال الأخير عن مصير الحافلة «المشؤومة»، فأجاب عنه آخر المتهمين، «السادس»، في القضية، وآخر المُشترين والمشاهدين لها تقف على عجلات، حيث أكد أنه أقدم على تقطيعها وبيعها كقطع غيار، لذلك لم تعد موجودة.