25 أكتوبر 2025

أبطال «تحدي القراءة العربي 2025»... تكريم يليق بالكلمة والعزيمة

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

«لن تغرب شمس أمة جعلت من كلمة «اقرأ» فعل حياة»، نبضت تلك العبارة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بالروح على مسرح «تحدي القراءة العربي» واختصرت فلسفة كاملة في بناء الإنسان العربي على أساس المعرفة.

جاءت رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، لتعيد الأمة إلى جذورها الأولى، إلى الكلمة التي بدأت بها الحضارة الإسلامية «اقرأ»، وتحوّل «تحدي القراءة العربي» إلى تجسيد حيّ لهذه الرؤية، مفادها أن الأمم التي تقرأ لا تعرف الغروب، وأن شمس المعرفة هي الأكثر سطوعاً.

بيسان وبيلسان كوكة ، التوأمان الفائزتان بلقب بطل التحدي العربي 2025
بيسان وبيلسان كوكة ، التوأمان الفائزتان بلقب بطل التحدي العربي 2025
محمد بن راشد يكرم سحر مصباح عبد الفتاح ، من مصر
محمد بن راشد يكرم سحر مصباح عبد الفتاح ، من مصر

هذا السطوع القوي تجلى في حفل تتويج أبطال «تحدي القراءة العربي 2025» بمركز دبي التجاري العالمي، في دورته التاسعة، ضمن المبادرة القرائية الأضخم من نوعها على مستوى العالم والتي تنضوي تحت مظلة مؤسسة «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية»، حيث توّج التوأمان بيسان وبيلسان كوكة من تونس (12 عاماً) بطلتي التحدّي، وتكريم ماريا حسن عجيل من العراق بطلة تحدّي القراءة العربي عن فئة أصحاب الهمم، فيما فازت جهاد محمد حسين، من إيطاليا، بلقب بطلة التحدّي على مستوى الجاليات.

سيف بن زايد يكرم مدرسة
سيف بن زايد يكرم مدرسة "طرابلس الحدادين للبنات"، من لبنان
لطيفة بنت محمد بن راشد تكرم جهاد محمد حسين، من إيطاليا
لطيفة بنت محمد بن راشد تكرم جهاد محمد حسين، من إيطاليا

كما فازت سحر مصباح عبد الفتاح من مصر بجائزة المشرف المتميّز في التحدّي، والتي خطت مسيرة ملهمة في نشر القراءة وإقامة 28 مبادرة تحفيزية للقراءة في قريتها كفر الشيخ، وتخطتها إلى رحلة طويلة من مدرسة لأخرى، ومن إدارة لأخرى، لترسيخ القراءة كمنهج وهدف.

كما ذهبت جائزة «المدرسة المتميّزة» مناصفة إلى مدرستي «عاتكة بنت زيد» من الإمارات، و«طرابلس الحدادين للبنات» من لبنان.

بيلسان وبيسان كوكة: القراءة حياة تُكتب بالإرادة وتُضيء الذات

وفي حوارهما مع «كل الأسرة» تتلألأ الكلمات على لسان التوأمان بيسان وبيلسان، اللتين حملتا شغف الحروف ووهج الحلم، لتتوّجا بالفوز في الدورة التاسعة من التحدي.

تقول بيلسان بنبرة تعانق الحلم: «أهم ما تعلمته من القراءة هو أن أتسلح بالإرادة، فكلما تفجّرت في داخلي تلك القنبلة الصغيرة التي تزرع اليأس في قلبي، جاءني صوت الشعر ليوقظ فيّ الأمل».

وتستحضر أبياتاً: «أعلل النفس بالآمال أرقبها... ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل».

ما يميز بيلسان هو قدرتها على تحويل القراءة إلى مرآة تكتشف فيها ذاتها، تبين: «القراءة هي غذاء الروح، هي أسلوب حياة. كنت أجهل الكثير، لكنني من خلال القراءة بدأت أغسل نفسي بين السطور، وأكتشف ذاتي القارئة، تلك الذات الثانية التي لم أكن أعرفها».

وتشرح بثقة: «أنا بيلسان… أنا شخصية وحدي. لكن بيلسان القارئة هي شخصية أخرى تماماً، شخصية تعيش في عالم أوسع وأعمق. بالقراءة تعلمت أن تحدّي القراءة العربي يُخرج من داخلك تلك الأميرة، تلك البطلة التي تسكنك في صمت، الشخصية التي يمكنها أن تقوم، أن تفعل، أن تُنجز».

مجلة كل الأسرة

وبدورها، تؤكد بيسان فضل القراءة وأهميتها بنبرة امتنان وفخر: «بفضل القراءة، خرجت تلك الشخصية القادرة على التغيير، وبها فزت بلقب بطل تحدي القراءة العربي في تونس، ثم في دبي. شكراً لكل من آمن بأن القراءة يمكن أن تصنع بطلاً». وتوجه رسالة مؤثرة إلى أقرانها من الأطفال: «اقرأوا… فالقراءة أسلوب حياة، تُنشد للتاريخ قافية الأمجاد، وتُحيي الفكرة كالنجم اللامع بين السماوات. اجعلوها فرضاً يوميّاً، ناقشوا الكُتّاب، وكونوا أبطال القراءة العربي في المواسم القادمة، وسأشجعكم من هنا، من بين صفحات الأمل التي لا تنتهي».

لطيفة بنت محمد بن راشد  تكرم الطالبة ماريا حسن عجيل، من اصحاب الهمم
لطيفة بنت محمد بن راشد تكرم الطالبة ماريا حسن عجيل، من اصحاب الهمم

ماريا حسن عاجل: «فوزي هو بداية الحلم»

تفتح مشاركة أصحاب الهمم في «تحدي القراءة العربي «أبواب الأمل أمام المجتمع بأسره، والتذكير بأن الإعاقة لا يمكن أن تكون حاجزاً أمام الطموح. من خلال قصصهم الملهمة، يغيرّ التحدي نظرة المجتمع إلى مفهوم القدرة، والإرادة، والإصرار.

كتبت بطلة «تحدي القراءة العربي» ماريا حسن عجيل، من العراق، حكاية نجاحها بالحروف والإرادة.

يحمل صوتها وهجاً خاصاً بغدادي الهوى. توّجت ماريا بطلة التحدي عن فئة أصحاب الهمم لتؤكد أن النور لا يسكن في العينين، بقدر ما ينبع من الإيمان العميق بالقدرة على الإنجاز.

تقول ماريا لـ«كل الأسرة»: «هذا الفوز هو بداية حلمي، بداية هدفي. أنا لن أتوقف هنا، بل سأبدأ من هذه اللحظة لأسعى لتحقيق أهدافي الأخرى».

لا تعترف ماريا بالصعوبات، وإنما تحوّلها إلى حافز مضيء، وتؤكد بثقة: «في الحقيقة، حب التعلم أنساني الصعوبات. أنا الآن لا أشعر بأي صعوبة، لأن في قلبي إيماناً عميقاً بالله تعالى، وبأنني سأقوم مهما تعثّرت».

وتبدي امتنانها لعائلتها التي تقول «إنها السند الأكبر لي، وهي من دعمتني، ومنحتني القوة لأكمل الطريق، ومديرة المدرسة شجعتني كثيراً».

مجلة كل الأسرة

نرجس علي: «لا شيء مستحيل مع الإرادة»

وكان لـ«كل الأسرة» لقاءات مع عدد من الطلاب الذين فازوا بالمراتب الأولى على مستوى دولهم. تتلألأ ابتسامة تلميذة صغيرة لا تعرف المستحيل، إنها نرجس محمد علي، البالغة من العمر تسع سنوات، التي استطاعت أن تكتب اسمها بحروف من ضوء في «تحدي القراءة العربي»، بحصولها على المركز الثاني عن فئة أصحاب الهمم على مستوى العراق. تقول: «التعليم هو المفتاح للخروج من الظلام… ولا شيء مستحيل مع الإرادة. أنا نرجس محمد علي، تلميذة في الصف الرابع الابتدائي في معهد النور للمكفوفين. قرأت خمسة وعشرين كتاباً، منها: هيلين كيلر، ولويس برايل، وغيرها».

وتتوقف موضحة: «اخترت كتاب هيلين كيلر لأن فيه عِبراً أستلهم منها لنفسي. علّمتني أن لا شيء مستحيل مع الإرادة والصبر، وأن التعليم هو المفتاح للخروج من الظلام. الإعاقة ليست نهاية الحياة، بل قد تكون بداية طريق جديد للنجاح. علينا أن نؤمن بأنفسنا، ونثق بأن الله أعطانا طاقات كثيرة، نكتشفها حين نؤمن بها».

كلمات نرجس رسالة مُضيئة من قلب الظلام، تُثبت أن البصر قد يُفقد، لكن البصيرة تبقى قادرة على رؤية أبعد من العيون، وأن من يؤمن بنفسه يستطيع أن يعبر كل الصعاب.

محمد النجار: القراءة طريق النور والمعرفة

يقول الطفل محمد مانع النجار، أحد المشاركين في تحدي القراءة العربي: «فزتُ بالمركز الثالث على إمارة دبي. فالقراءة تنمّي العقل والفكر، وتفتح أبواب المعرفة».

بهذه الكلمات المفعمة بالشغف، يلخّص النجار تجربته مع الكتب التي أضاءت له الدروب نحو الإبداع «أحببتُ القراءة لأنها تجعلني أعيش عوالم كثيرة، وأتعلّم من كل قصة دروساً جديدة»، ويوجز النجار:«النجاح يبدأ من صفحة كتاب، وكل قارئ صغير اليوم هو صانع لمستقبل أكثر وعياً».

مجلة كل الأسرة

محمد كمال: الكتاب طريقنا نحو العالم

ومن جمهورية مصر العربية، يتحدث محمد حسام كمال، من الأزهر الشريف، والفائز بالمستوى الأول على صعيد مصر عن فئة أصحاب الهمم: «لقد قرأت ما يعادل تقريباً 300 كتاب، وشاركت في تحدي القراءة العربي الذي يُعدّ أكبر مبادرة للغة العربية في العالم كله».

ويعّد تكريم ومشاركة أصحاب الهمم اعتباراً من دورته السابعة ضمن فعاليات التحدي، اعترافاً رسمياً بقدرات هذه الفئة ومواهبها، وإضاءة على ما يمكن أن تقدمه عند توافر الدعم والتشجيع. وهذا ما يعبّر عنه محمد كمال بقوله «أتوجه بخالص الشكر والتقدير إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي آمن بأهمية الكتاب والقراءة، وأطلق هذه المبادرة العظيمة، هذا العرس القرائي والمحفل الثقافي العربي، وجمعنا جميعاً حول حب اللغة والمعرفة».

ويتوقف عند أثر القراءة في حياته: «تجربتي مع التحدي أثبتت لي أن الكتاب يفتح العقول ويوسع المدارك، وأن المبادرات الثقافية العربية القوية تمنحنا القوة لنصبح جيلاً واعياً ومثقفاً».

ويمكن القول أنّ تحدي القراءة العربي يعّد نموذجاً عالمياً في دمج أصحاب الهمم وتمكينهم ثقافياً، بحيث أن «هؤلاء يعلّموننا كيف نقرأ الحياة بعيون مختلفة».

مجلة كل الأسرة

إضاءات على «تحدي القراءة العربي 2025» بالأرقام والإحصاءات:

  • مشاركة 32.5 مليون  طالب وطالبة من 50 دولة
  • متابعة 161 ألف مشرف
  • تمثيل 134 ألف مدرسة
  • 11 مليون درهم إجمالي الجوائز

* تصوير: سيد رمضان ويوسف الأمير