08 أكتوبر 2025

هند راشد: لقب «أفضل تشكيلية لعام 2025» هو التكريم الأقرب لقلبي

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

منذ الطفولة، ولدت الشرارة الأولى التي ربطت الفنانة التشكيلية الإماراتية هند راشد بعالم الفن، لتصبح اللوحة، منذ ذلك الحين، مرآة المشاعر. وفي الفن التجريدي تحديداً، وجدت هند المساحة الأوسع لترجمة مشاعرها وأفكارها بلا قيود، محتفظة بروح الثقافة، والعناصر الأصيلة التي تمنح لوحاتها هويتها الخاصة.

ومن مشاركاتها، المحلية والدولية، إلى معارض بارزة مثل «فنون العالم دبي»، حازت هند راشد لقب أفضل فنانة تشكيلية إماراتية لعام 2025، لتصنع، عبر رحلتها، حواراً بصرياً يحمل رسائل جمالية وإنسانية تتجاوز الحدود. وبين اللوحة اليدوية والتقنيات الرقمية، تصرّ هند على الاحتفاظ ببصمتها الخاصة، معتبرة أنه «لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن ينتزع العلاقة بين الفنان والفرشاة».

بدايتك الفنية ارتبطت بالطفولة. ما الذكريات الأولى التي تواكب شغفك بالألوان، والفن التجريدي تحديداً؟

كنت أحب أن أرسم منذ مرحلة الروضة، وكان الفن هو الصديق والملاذ الذي أستطيع أن أعبّر فيه عن أفكاري وشعوري، حتى اليوم، كما اعتدت المشاركة في المعارض الفنية، في الروضة والمدارس، وهذه التجارب غرست في نفسي حب المغامرة، ورسخت شغفي بتعلّم الرسم، ومشاركته مع الآخرين. أما الفن التجريدي، فقد وجدت فيه فضاء أرحب للتعبير بحريّة عما أريد إيصاله، من أفكار ومشاعر، مع الحفاظ على القيم الثقافية، والعناصر الفنية للوحة، بطريقة جمالية متجدّدة.

من هو الشخص الذي أثر في مسيرتك وفي تعزيز ثقتك بموهبتك؟

أستاذة سلمى، معلمة الفنون الجميلة في المدرسة الإعدادية، كان لها أثر كبير في مسيرتي. كانت تدعمني باستمرار، وتشجعني على الرسم، وتسعى دائماً إلى تنمية موهبتي. كنت أحرص على حضور حصصها الفنية، إذ كنت أتعلم الكثير من طريقة تحليلها للأعمال الفنية، ما أضاف إلي معرفة، وخبرة عززت ثقتي، ودعمت شغفي بالاستمرار.

مجلة كل الأسرة
من مجموعة
من مجموعة"في انتظار الأخبار المفرحة"

كيف تحافظين على بصمتك الخاصة في زمن تختلط فيه الحدود بين اللوحة اليدوية والإبداع الرقمي؟

أحافظ على بصمتي الخاصة من خلال الاستمرار في الرسم اليدوي كوسيلة للتعبير، فالعلاقة بين الفنان، والفرشاة، والألوان، علاقة إحساس وتجربة، لا يمكن للأدوات الرقمية أو الذكاء الاصطناعي أن يعبّرا عنها بالعمق نفسه. إن مزج الألوان يدوياً، وتكوين العناصر بلمسة شخصية يمنح اللوحة روحاً لا يمكن أن تضاهيها التكنولوجيا. ورغم أهمية الإبداع الرقمي اليوم، أراه أداة مساعدة للتخطيط، أو بعض الجوانب التقنية، لكنه لا يمكن أن يحل محل الرسم اليدوي.

شاركتِ في معارض محلية ودولية. كيف أسهمت هذه المشاركات في تطوير أسلوبك الفني، وما أبرز الأعمال التي تفخرين بها؟

كانت المشاركة في المعارض، المحلية والدولية، محطة مهمة جداً في مسيرتي الفنية، فتحت أمامي آفاقاً جديدة للتعرّف إلى فنانين، ومحبي الفن من مختلف الدول، وفرصة لتبادل الخبرات، وصقل مهاراتي. كما ساعدتني هذه المشاركات على عرض أعمالي أمام جمهور متنوّع، وشرائح أوسع من المجتمع. أما أبرز أعمالي، فأنا أعتبر كل لوحة تجربة، وقصة خاصة بي، لكن ربما أكثرها قرباً إلى قلبي لوحتا «قوة المرأة»، و«كنوز الصحراء»، حيث تجسدان رسائل عميقة مستوحاة من البيئة، والثقافة الإماراتية، وتسلطان الضوء على جمال الطبيعة ورموزها، وتدعوانا إلى التأمل في تفاصيل تخفي الكثير من الجمال والمعاني.

مجلة كل الأسرة
كنوز الصحراء
كنوز الصحراء

تم اختياركِ، لعشر سنوات متتالية، لعرض أعمالك على مسرح «فنون العالم دبي»، كيف ترين هذا التكريم المتكرر؟

مشاركتي في معرض «فنون العالم دبي» لعدة سنوات متتالية، كانت فرصة ثمينة لعرض أعمالي الفنية، والتواصل مع عدد كبير من الفنانين، ومحبي الفن، ومقتني الأعمال الفنية من مختلف أنحاء العالم. هذا الحضور المتكرر هو نتيجة لإيماني بأن الإصرار يولّد النجاح، وأن المجال الفني يتطلّب الكثير من الصبر والمثابرة، حتى تصل الرسالة الفنية إلى جمهور أوسع. أما تكريمي كأفضل فنانة تشكيلية إماراتية عام 2025 من قبل «فنون العالم دبي»، فهو محطة أعتز بها كثيراً، لكنه ليس نهاية الطريق، بل بداية جديدة تدفعني إلى تقديم المزيد.هذا التكريم كان الأقرب إلى قلبي، لأنه يعكس فخراً مضاعفاً بكوني فنانة إماراتية.

وكنت من بين الفنانين الأربعة الذين تمّ اختيارهم لإنتاج عمل فني بصيغة NFT؟

كانت تجربة جميلة، ولكن أفضّل أن أعرض أعمالي الأصلية بصيغة اللوحات الملموسة|، أكثر من كونها أعمالاً رقمية بطريقة NFT.

مجلة كل الأسرة

*عملك كمدربة للفنون التشكيلية ضمن برنامج «روائع» لوزارة التربية والتعليم، وتُوّج بفيلم وثائقي عُرض في «إكسبو» 2020، ماذا أضافت إليك هذه التجربة؟

كانت تجربة عزيزة على قلبي. وعلى الرغم من قصر مدتها، إلا أنها كانت مملوءة بالتحدّيات، بخاصة أننا كنا مطالبين بإنجاز لوحات فنية مع الطلبة خلال فترة زمنية قصيرة.روعلى المستوى الفني، أضافت إلي هذه التجربة الكثير في مجال التدريب، حيث تعلّمت أساليب جديدة في توصيل المعلومات الفنية، والتعامل مع فئات عمرية مختلفة. أما على المستوى الإنساني، فقد كانت فرصة رائعة للتعاون مع مؤسسات تعليمية، والمساهمة في اكتشاف وتطوير مواهب طلابية واعدة، ما منحني شعوراً عميقاً بالرضا والمسؤولية.

عالم الثقافة والإبداع يحتاج إلى صبر ومثابرة... والفن رحلة شغف طويلة بالنسبة لي

اليوم نسمع عن دخول الذكاء الاصطناعي إلى عالم الفن… هل ترينه تهديداً أم إضافة إلى الإبداع الإنساني؟

أراه مجرّد أداة مساعدة يمكن أن تساعد على التخطيط، أو في بعض التفاصيل التقنية، لكنه لا يستطيع أن ينجز لوحة فنية كاملة، أو أن يعبّر عن مشاعر الفنان بالعمق ذاته. بالنسبة لي، يبقى الفن فعلاً إنسانياً أصيلاً، ولا يمكن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي اعتماداً تاماً، في إتمام وإنهاء اللوحات الفنية.

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

تصممين أعمالاً فنية مرتبطة بالاستدامة، كيف تترجمين هذا المفهوم الإنساني والبيئي إلى لغة بصرية؟

في تصميم أعمالي الفنية المرتبطة بالاستدامة، أحب دائماً أن أوظّف أسلوبي الفني الخاص، مستعينة بعناصر من الطبيعة. وأحرص على دمج العناصر الفنية التقليدية مع مواد طبيعية بطريقة متوازنة، بحيث يكمّل كل عنصر الآخر، ليكوّن في النهاية لوحة تحمل رسالة جمالية وبيئية، في آنٍ واحد. كما أختار الألوان بعناية لتنسجم مع فكرة اللوحة، وتعكس روح الطبيعة التي أستلهم منها الكثير.

عبر لوحاتك التجريدية، كيف تعكسين مشاعرك وأحاسيسك الداخلية لتصل إلى المتلقي؟

الفن التجريدي يمنحني مساحة أوسع للتعبير عن أفكاري ومشاعري، مع الحفاظ على العناصر الأساسية للفن التشكيلي. ومن خلال الألوان والخطوط والمساحات، أرسل رسالة تجعل المتلقي يتأمل، ويغوص، ويتعمّق في تفاصيل اللوحة ليستكشف غموضها، ومعانيها.

مجلة كل الأسرة

سؤالنا الأخير: كيف تجدين حضور المرأة الإماراتية في عالم الثقافة والإبداع وما هي رسالتك لنفسك؟

المرأة الإماراتية اليوم تحظى بحضور قوي وبارز في مجالات الثقافة والإبداع، وأثبتت قدرتها على الإسهام الفعّال في بناء مجتمع معرفي وفنيّ متطوّر. أتمنى أن يستمر هذا التقدّم، وأن نرى مزيداً من الأسماء النسائية في المحافل المحلية والدولية.

أما رسالتي لنفسي، فهي: واصلي، ولا تتوقفي. فكل تجربة، سواء كانت تحدّياً أو إنجازاً، تضيف إليكِ، وتقرّبك من تحقيق رؤيتك، ورسالتك الفنية.

* تصوير: سيد رمضان ومن المصدر