مهرجان الشارقة السينمائي للأطفال والشباب... منصة للإبداع وصوت الجيل الجديد

نجح مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للأطفال والشباب، على مدار دوراته المتتالية، في تمكين الأجيال الصاعدة من التعبير عن أنفسهم وقضاياهم، عبر لغة السينما. فمن خلال ما يقدمه من ورش تدريبية وعروض أفلام، محلية وعالمية، أتاح المهرجان للأطفال والشباب فرصة صياغة رؤاهم الخاصة، وصناعة أعمال تحمل بصماتهم، وتعكس اهتماماتهم وأحلامهم، ليصبح فضاء محفزاً على الإبداع، ومعبّراً عن أصواتهم، وجسراً يربطهم بالعالم من حولهم. بهذه الرؤية، يواصل المهرجان ترسيخ مكانته كإحدى أهم الفعاليات الثقافية والفنية الموجهة للأجيال الجديدة في المنطقة.

وقد افتتح سمو الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي، نائب حاكم الشارقة، مساء الأحد، فعاليات النسخة الثانية عشرة من مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للأطفال والشباب، الذي تنظمه مؤسسة «فن» على مسرح الجامعة القاسمية، بمشاركة واسعة من صناع الأفلام والمبدعين من مختلف أنحاء العالم. وشهد حفل الافتتاح تكريم عدد من الفنانين بجوائز الإنجاز مدى الحياة، وجوائز الشباب، إلى جانب عرض فيلم تعريفي عن أهداف المهرجان الذي يركز على رعاية المواهب الناشئة، وتطوير مهاراتهم في مجال السينما. وتستمر فعاليات المهرجان حتى 12 أكتوبر الجاري، بمشاركة 74 فيلماً، من 26 دولة، مع احتفاء خاص بالسينما الكورية، ضيف شرف النسخة الحالية.

بدورها أجرت «كل الأسرة» مقابلات مع ضيوف وصناع السينما، من المحكّمين والمشاركين في حفل افتتاح المهرجان، لاستطلاع آرائهم حول أبرز القضايا التي يمكن أن يتم طرحها ومعالجتها من خلال مهرجان السينما للأطفال والشباب:

عبدالله صالح: تكريم يفتح الحوار مع الأجيال

عبّر الفنان الإماراتي عبدالله صالح، المكرّم في مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للأطفال والشباب، عن شكره وامتنانه للقائمين على المهرجان لمنحه فرصة التواصل مع الأجيال الجديدة، عبر هذا الحدث الثقافي والفني البارز. وقال إن هذا التكريم يحمل له قيمة كبيرة، لأنه يأتي في إطار مهرجان يضع الأطفال والشباب في صدارة اهتماماته. وأضاف أن المشهد الفني اليوم يواجه تحدّياً يتمثل في انشغال الجمهور، خصوصاً الشباب، بمتابعة التمثيل، السطحي والمفتعل، عبر منصات التواصل الاجتماعي، في حين يتم إغفال جوهر الفن الحقيقي الذي يقدمه المسرح والسينما بعمق ورسالة. ودعا إلى إعادة الاعتبار للفن الراقي الذي يثري الوجدان، ويصنع وعياً حقيقياً للأجيال.

يارا صبري: الهوية قضية ملحّة في زمن العولمة

أشارت الممثلة يارا صبري إلى أن فقدان الهوية يُعد من القضايا العميقة التي تتمنى أن يطرحها مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للأطفال والشباب، موضحة أن الجيل الجديد يواجه تحدّيات متعدّدة في ظل العولمة والانفتاح الرقمي، ما يجعل الحفاظ على الهوية الثقافية والإنسانية أمراً بالغ الأهمية. ولفتت إلى أن السينما قادرة على معالجة هذه القضية بطريقة مؤثرة، من خلال قصص تعكس جذورنا وقيمنا، وتمنح الأطفال والشباب مساحة للتعبير عن انتمائهم وهويتهم، وسط عالم سريع التغيّر.

هيفاء حسين: هناك قضايا تهدّد حياة المراهقين

قالت الممثلة هيفاء حسين إن قضية تدخين «الفيب»، السجائر الإلكترونية، بين المراهقين تستحق أن تكون محوراً للنقاش في مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للأطفال والشباب، باعتباره منبراً يسلط الضوء على القضايا التي تمسّ هذا الجيل بشكل مباشر. وأوضحت أن «الفيب» لم يعد مجرّد ظاهرة عابرة، بل تحوّل إلى خطر حقيقي يهدّد صحة المراهقين، ويؤثر في وعيهم ومستقبلهم، مؤكدة أن السينما قادرة على نقل هذه المخاطر بلغة يفهمها الشباب، ويتأثرون بها، بما يسهم في توعيتهم وحمايتهم من الوقوع في هذه الآفة.

حمدان البلوشي: تجربتي الأولى تطرح قضية التنمّر

أعرب المخرج الشاب حمدان البلوشي عن سعادته بمشاركته الإخراجية الأولى في مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للأطفال والشباب، من خلال فيلمه «نغم»، مشيراً إلى أن هذه التجربة منحته فرصة ثمينة لطرح قضايا قريبة من واقع الأجيال، مثل مواقف التنمّر بين الأصدقاء، وما تسببه من إضعاف للثقة بالنفس. وأكد أن السينما بالنسبة له وسيلة حوارية وتربوية قادرة على توصيل رسائل مؤثرة، وأن مشاركته في المهرجان خطوة أولى نحو مسيرة سينمائية يطمح أن تلامس قلوب الشباب، وتلهمهم لمواجهة التحدّيات، بشجاعة وإيجابية.

حلا الترك: جيلنا يستحق مساحة للتعبير الحر

قالت الفنانة الشابة حلا الترك، إنها تشعر بانتماء عميق إلى جيلها الذي يستحق أن يُمنح المساحة الكاملة للتعبير عن قضاياه، وتجارب حياته، من دون فرض وصاية، أو إملاءات مباشرة. وأكدت أن الشباب اليوم يمتلكون وعياً، ورؤية خاصة تمكنهم من صياغة قصصهم بطريقتهم، مشيرة إلى أن المهرجانات السينمائية الموجهة لهم، مثل مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للأطفال والشباب، توفر منصة حقيقية تسمح لهم بأن يعبّروا عن أنفسهم بصدق، بعيداً عن الخطاب الوعظي، ليصل صوتهم إلى المجتمع كما هو، نابضاً بالحياة والتجربة.

من جانبها أكدت الشيخة جواهر بنت عبدالله القاسمي، مدير مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للأطفال والشباب، في كلمة الافتتاح أن المهرجان يجسد رؤية الشارقة في احتضان الطفل، ورعاية مواهبه، وإلهام أحلامه، مستنداً إلى فكر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وقرينته سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي. وأشارت إلى أن المهرجان، الذي يواصل مسيرته منذ 12 عاماً، يطرح السينما كوسيلة للتعليم والتأمل، وتبادل الخبرات، ويقدم هذا العام ورشاً وجلسات ولقاءات ملهمة، تمنح الشباب مساحة للتعبير عن أنفسهم، وصناعة أحلامهم. كما لفتت إلى دوره في تطوير السينما، المحلية والعربية، واحتفائه بالسينما الكورية كضيف شرف، إلى جانب مشاركات عالمية جديدة. وكشفت عن تخصيص عائدات التذاكر لدعم مبادرات إنسانية لحماية وتمكين الأطفال المستضعفين، تأكيداً على التزام المهرجان بمسؤوليته المجتمعية.