
ترى في عملها رسالة تتجاوز حدود التخطيط والإدارة، حيث تجمع بين الحزم والرؤية الاستراتيجية من جهة، وروح التعاون والاهتمام الإنساني من جهة أخرى، لتقود فريقها نحو تطوير جيل من الدبلوماسيين الإماراتيين القادرين على مواجهة التحدّيات العالمية، بكفاءة ووعي.
في هذا الحوار، نلتقي أسماء البلوشي، مديرة إدارة التدريب التنفيذي في أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية، لتكشف لنا عن أبرز محطات تجربتها، ورؤيتها لمستقبل التدريب الدبلوماسي، وأيضاً عن بعض الجوانب الشخصية التي تشكّل مصدر إلهام بالنسبة إليها:

كيف تصفين دور إدارة التدريب التنفيذي في دعم رسالة أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية؟
تُعد إدارة التدريب التنفيذي إحدى الركائز الأساسية في تحقيق رسالة الأكاديمية، إذ تضطلع بدور محوري في تصميم وتقديم برامج متخصصة، تسهم في تعزيز جاهزية الكوادر الوطنية في المجالات الدبلوماسية والدولية، فهذه البرامج تركز على تطوير المهارات العملية والفكرية اللازمة لتمكين طلابنا من التفاعل بكفاءة مع القضايا الإقليمية والدولية، بما يواكب المتغيرات المتسارعة على الساحة العالمية.
ما الرؤية الاستراتيجية التي تعتمدونها لتطوير القدرات والكفاءات الدبلوماسية الوطنية؟
تركّز رؤيتنا على بناء القدرات التخصصية، وتنمية الكفاءات المستقبلية في مجال العمل الدبلوماسي، ونستند في ذلك إلى الفهم العميق لأولويات الدولة، وسياساتها الخارجية، بما يضمن إعداد كوادر وطنية قادرة على تمثيل الإمارات بفاعلية على الساحة الدولية، والتعامل مع التحدّيات العالمية برؤية استراتيجية، ومهارات متقدمة.

ما أبرز البرامج أو المبادرات التي أطلقتها الإدارة أخيراً لتعزيز منظومة التدريب التنفيذي؟
أطلقنا حزمة من البرامج والمبادرات المصممة لتعزيز كفاءة المنظومة التدريبية، ومواءمتها مع المتغيرات المتسارعة في العمل الدبلوماسي، من بين هذه المبادرات «برنامج القيادات الدبلوماسية»، الذي يهدف إلى إعداد وتأهيل كوادر وطنية قادرة على شغل مناصب قيادية تمثل الدولة بكفاءة على الساحة الدولية، كما تم إطلاق «منصة التدريب التنفيذي» التي توفر محتوى تدريبياً تفاعلياً ومرناً يعزز من تجربة التعليم المستمر.
ما أبرز التحديات التي تواجهونها في إعداد وتأهيل القيادات الدبلوماسية للمرحلة المقبلة؟
من أبرز التحدّيات التي نواجهها هو سرعة التغيّرات الجيوسياسية، وتزايد تعقيد القضايا العالمية، إلى جانب تنوّع بيئات العمل الدبلوماسي، من حيث السياقات الثقافية، والسياسية، والاقتصادية. هذه العوامل تستدعي اعتماد نهج تدريبي، مرن وديناميكي، يواكب المتغيّرات، ويُعزز من قدرة الكوادر الوطنية على التفكير الاستراتيجي، واتخاذ القرارات في بيئات غير مستقرة، ولذلك، نحرص على تصميم برامج تأهيلية تجمع بين الجانبين، النظري والتطبيقي، وتوفر للمشاركين أدوات عملية تساعدهم على التكيف، والاستجابة الفاعلة لمتطلبات العمل الدبلوماسي الحديث.

في رأيكم، ما أهم المهارات التي يحتاج إليها الدبلوماسي المعاصر لمواكبة متطلبات العمل الدبلوماسي؟
في ظل تسارع وتيرة المتغيّرات العالمية، تتطلب بيئة العمل الدبلوماسي المعاصر مجموعة متكاملة من المهارات المتقدمة، من أبرزها: مهارة التحليل السياسي لفهم السياقات الإقليمية والدولية، والتفكير النقدي لاتخاذ قرارات استراتيجية مدروسة، إلى جانب مهارات التفاوض التي تُعد ركيزة أساسية في العمل الدبلوماسي، كما يبرز الاتصال متعدد الثقافات كعنصر محوري لبناء علاقات فعّالة مع أطراف متنوعة، إضافة إلى القدرة على التكيّف مع البيئات السياسية المتغيّرة، ما يُعد من أهم مقومات النجاح للدبلوماسيين في عالمنا اليوم.
نسعى لبناء قدرات المرأة بما يمهّد لها الطريق للمشاركة في مواقع اتخاذ القرار
كيف تسهم الأكاديمية في دعم وتمكين الكوادر النسائية الإماراتية في المجال الدبلوماسي؟
من خلال تصميم برامج تدريبية وقيادية متخصصة تُعنى بتطوير المهارات اللازمة للنجاح في هذا المسار، إذ تُولي الأكاديمية اهتماماً خاصاً ببناء قدرات المرأة في مجالات مثل التفاوض، وصنع السياسات، والقيادة الاستراتيجية، إلى جانب توفير بيئة تعليمية محفزة وشاملة، تُعزز من ثقتها بدورها، وتُمهّد لها الطريق للمشاركة الفاعلة في مواقع اتخاذ القرار، ويُعد هذا التوجه جزءاً من التزام الأكاديمية بدعم رؤية الإمارات في تعزيز تمثيل المرأة في العمل الدبلوماسي على المستويين، الإقليمي والدولي.

كيف أسهمت خبراتكم المهنية السابقة في صياغة أسلوبكم القيادي داخل الأكاديمية؟
شكّلت خبراتي السابقة في العمل المؤسسي والدبلوماسي قاعدة قوية لصياغة نهج قيادي يعكس التمكين والتكامل، فقد ساعدتني هذه التجارب على تعزيز ثقافة التعاون والابتكار، إلى جانب المواءمة بين الرؤية الاستراتيجية والتنفيذ العملي. وأؤمن بأن القيادة الفاعلة تقوم على الاستماع، وتطوير القدرات، وخلق بيئة عمل تُمكّن الجميع من تقديم أفضل ما لديهم، وهو ما أسعى لتطبيقه يومياً في عملي داخل الأكاديمية.
ما أهم الدروس أو الخبرات العملية التي اكتسبتموها خلال عملكم في تطوير القدرات الدبلوماسية؟
الاستثمار في الإنسان هو سرّ نجاحنا الدبلوماسي، وأهم الدروس التي اكتسبتها هو أن بناء شراكات استراتيجية فعّالة يشكّل ركيزة أساسية في نجاح أيّ برنامج تدريبي، كما أدركت أهمية التحديث المستمر للمحتوى ليعكس التغيرات المتسارعة في المشهد الدولي، إلى جانب التركيز على المهارات التطبيقية التي تعكس واقع العمل الدبلوماسي، وتحدّياته اليومية، هذه الخبرات علمتني أن التدريب الفعّال لا يقتصر على نقل المعرفة، بل يرتكز على تمكين طلابنا من تحويل خبراتهم الأكاديمية إلى أدوات عملية قابلة للتطبيق.

كيف تحافظين على توازنك بين متطلبات العمل وحياتك الشخصية؟
في عالمنا اليوم، أصبح إيجاد التوازن بين العمل والحياة الشخصية تحدّياً يواجه الكثيرين، لكنني أعتبر هذا التوازن سرّ الطاقة الإيجابية والإبداع في حياتي، فلا يمكن للإنسان أن يُبدع في عمله إذا لم يمنح نفسه فرصة للاسترخاء، والاستمتاع بأوقاته الخاصة، لهذا السبب أحرص دائماً على وضع حدود واضحة بين ساعات العمل، ووقتي الشخصي.
ما النشاط أو الهواية التي تساعدك على تجديد طاقتك بعيداً عن أجواء العمل؟
ممارسة الأنشطة والهوايات، سواء داخل المنزل أو في الهواء الطلق، لها دور كبير في تجديد طاقتي، ومنحي الشعور بالتوازن والحيوية، فأنا أحب التنوّع بين قضاء الوقت في ممارسة الرياضات الداخلية، مثل اللياقة البدنية أو اليوغا، والاستمتاع بالأنشطة الخارجية مثل الجري، أو ركوب الدراجة، هذا التنوع لا يساعدني على الحفاظ على لياقتي البدنية وصحتي فقط، بل يمنحني أيضاً فرصة للاسترخاء وتصفية الذهن بعيداً عن ضغوط العمل، فالاهتمام بهذه الهوايات ينعكس إيجاباً على أدائي المهني، ويعزز من قدرتي على الإبداع والعطاء المستمر.

أخيراً، ما حلمكِ الشخصي الذي تطمحين إلى تحقيقه خارج إطار العمل؟
حلمي خارج إطار العمل هو أن أخصص جزءاً من وقتي وطاقتي للعناية بالحيوانات ومساعدتها، فأنا أحب الحيوانات كثيراً، لكونها مصدر للحنان والسعادة، وتمنحنا الكثير من الدروس في الوفاء والعطاء، من دون مقابل، وأتمنى أن أتمكن في المستقبل من إنشاء ملجأ صغير، أو الانخراط في مبادرات تدعم رعاية الحيوانات المشردة، وتوفير بيئة آمنة لها.