اعتباراً من الشهر الجاري، باشرت ليا سلامة مهمتها الجديدة كمقدمة لنشرة أخبار المساء من القناة التلفزيونية الفرنسية الرسمية. ومهمة قارئ النشرة في الغرب لا تقتصر على كونه مذيعاً يتلو أخباراً مكتوبة على لوحة ضوئية أمامه. فهو صاحب النشرة ومديرها. أي صحفي عالي التأهيل، يتابع الأنباء المحلية والخارجية، ويبرمجها حسب تقديره للأهمية. وهو يشرف على إعداد التقارير، ويستضيف السياسيين للإضاءة على الأحداث، ويتابع عمل المراسلين.
حلول ليا سلامة في هذا الموقع، كان نصف مفاجأة. إن السيدة البالغة من العمر 45 عاماً قديرة، إي نعم، لكنها لا تشبه اللواتي سبقنها في الجلوس على ذلك الكرسي المرموق. فهي لبنانية المولد، والدها غسان سلامة شغل مناصب دولية، وهو اليوم وزير للثقافة في بلده. أي أنها ليست فرنسية «أصيلة» ذات شعر أشقر طبيعي، وعينين ملونتين. عدا عن أن مسيرة صعودها ترافقت مع منافسات ضارية لا يخلو منها المشهد الإعلامي.
ليا سلامة ذات حضور قوي. رأيناها في برامجها السابقة شجاعة في المواجهة. امرأة لا تعرف غضّ الطرف. تلقت تعليماً جيداً، وتجيد لغات عدّة. وطوال الشهر الماضي انتشرت في شوارع باريس ومحطات القطارات ملصقات تحمل صورتها. نظمّت القناة لها حملة ترويجية لافتة. ونظراً لشخصيتها الجذابة، فإن هناك من يتهمها بأنها تمارس «الشارم»، أي السّحر. ونحن نعرف أن للّبنانيات جاذبية خاصة. لكن بخور السّحر لا يشتغل وحده من دون جمرة قوية تنفخ فيه. تعرف صاحبة البرنامج السياسي كيف ترفع الكلفة بينها وبين الكبار. كان الرئيس هولاند يتحدث عن الهجرة، في مقابلة على الهواء، وقال إن سياسته متطابقة مع أنجيلا ميركل... وقاطعته ليا سلامة: «أهذه مزحة؟».
والطفلة التي نجت من الحرب في لبنان، وتقدمت في الساحة الفرنسية، خطوة إثر خطوة، تثير الفضول والحسد. هذا ما يحدث عادة مع كل امرأة تتقدم في المجال العام. وكان من الطبيعي أن تتحول صحفية «دخيلة» متفوقة، مثل ليا سلامة، إلى مادة للصحافة. اختاروها كأفضل من تجيد السير بالكعب العالي. وبهذا الكعب العالي ستمشي المذيعة البيروتية في أرض الأخبار المفخخة. نتمنى لها النجاح.