04 سبتمبر 2025

رغم طعنه.. شاب يعفو عن صديقه

فريق كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

في تصرّف نبيل، رفض شاب أن يزجّ بصديقه في السجن، على الرغم من أن الأخير أقدم على طعنه باستخدام سكين، وكاد يُنهي حياته لولا تدخل الأطباء العاجل جراحياً، في غرفة العمليات، فعفا عنه من أجل صداقتهما بعد صدور حكم بإدانته، ليضرب بذلك مثالاً يُحتذى في العفو عند المقدرة.

تفاصيل القصة التي اطّلعت «كل الأسرة» عليها من حكم قضائي، تعود إلى أن الصديقين يعرفان بعضهما بعضاً منذ ما يقارب العام، فهما يعملان معاً في شركة واحدة، ويسكنان في المكان ذاته.

ورغم قوة صداقتهما، إلا أنهما كانا يتشاركان صفة سلبية، تتمثل في تعاطي المشروبات الكحولية في وقت متأخر من الليل بعد انتهاء العمل، ما كاد يتسبب بهذه الكارثة.

طعنة سكين.. أثناء النوم

ففي يوم الواقعة، عاد الشاب «الجاني»، إلى مقر سكنه في الساعة الحادية عشرة ليلاً، بعد أن تعاطى المشروبات الكحولية، وتوجه نحو سريره في الغرفة التي يقطنها صديقه الضحية، وعدد من الأشخاص الذين كانوا نائمين، وفي حالة هدوء.

وبشكل مفاجئ، استيقظ زملاء السكن على صوت مشادة كلامية بين الصديقين، وإذا بالمجني عليه يصرخ بعبارات: «لقد طعنني… لقد طعنني».

ويروي أحد الزملاء في السكن: «كنت نائماً في الغرفة، فسمعت صراخ المجني عليه وهو يقول: لقد طعنني، وعندما أفقت شاهدته واضعاً يده على جرحه، ويتوجه نحو خارج الغرفة، ثم سقط على الأرض».

أما زميل آخر، فيقول: «شاهدت المشادة الكلامية بين الصديقين، وتركتُهما وتوجهت إلى دورة المياه، وعند عودتي فوجئت بأن المجني عليه مُلقى على الأرض، والمتهم يجلس بجانبه، واضعاً قطعة قماش على جرحه بعد أن طعنه».

أقدم زملاء السكن على الاتصال بالشرطة وسيارة الإسعاف، فيما أصاب الشاب الطاعن الخوف، فهرب من المكان هائماً على وجهه.

في تلك الأثناء، حضر المسعفون إلى مقر السكن على وجه السرعة، ليتبيّن لهم أن طعنة المجني عليه خطرة، وأن حياته في خطر شديد، فأخذوه إلى المستشفى، وأدخلوه غرفة العمليات من أجل إنقاذ حياته التي كانت تتدهور.

ووفقاً للتقرير الطبي، فقد كانت الطعنة في مقتل، حيث ورد فيه أنها «كانت أسفل إبطه الأيسر، وكادت تودي بحياته نظراً لطبيعتها الطعنية، وما تسببت به من استرواح هوائي دموي في الصدر، ولولا التدخل الجراحي السريع، لتوفي».

الشاب بعد ضبطه: طعنته لمحاولته خنقي

في تلك الأثناء، باشرت الجهات الشرطية البحث عن الشاب الفارّ بعد طعنه لصديقه، إلى أن تمكنت من إلقاء القبض عليه.

وفي روايته حول ما حدث، قال الشاب: «تربطني بالمجني عليه علاقة صداقة وعمل منذ نحو عام تقريباً، لكونه يعمل معي في الشركة ذاتها، ويقطن معي في الغرفة ذاتها».

وأضاف: «في يوم الواقعة عدتُ إلى السكن، وحضر المجني عليه وهو ثمل، وطلب مني مالاً لشراء الكحول، فرفضت، فأقدم على سبّي بعبارة نابية، فرددت عليه بالمثل».

وتابع: «نزل من سريره، ووجّه عدة لكمات إلى رأسي وظهري، ثم أمسك بي من رقبتي محاولاً خنقي، وكنت حينها جالساً على السرير، فشاهدت السكين موضوعة بالقرب مني، فأخذته وطعنته في الجهة اليسرى من جسده طعنة واحدة، وعندها سالت الدماء منه».

صُدم الشاب عندما شاهد الدماء تسيل من صديقه…، يقول عن تصرفه وقتها: «قمتُ بوضع قطعة قماش على جرحه، ثم حضر زملاؤنا في السكن، ومن شدة الخوف رميتُ السكين في المكان ذاته، وهربت من الغرفة».

ويؤكد الشاب أن ما فعله كان نتيجة إمساك المجني عليه به من رقبته ومحاولة خنقه، وأنه لم يستطع أن يتحرر منه إلا عندما شاهد السكين بالقرب منه، فأخذها وطعنه بها.

المجني عليه: لا أعتقد أنه كان يقصد قتلي

أما المجني عليه، وبعد أن أنقذه الأطباء من الموت، فأكد أن صديقه المتهم كان تحت تأثير المشروبات الكحولية وقت الواقعة، وكان غير مدرك لتصرفاته، مبيناً أنه أقدم على الاعتداء عليه، ما دفعه إلى الابتعاد عنه بعد مشادة بينهما.

وقال: «بعد أن ابتعدت عنه، وأثناء خروجي من الغرفة، فوجئت بالمتهم يُقدم على طعني أسفل إبطي الأيسر بواسطة سكين، فسقطت على الأرض، ثم تم نقلي إلى المستشفى وأُجريت لي عملية جراحية، وقضيت في المستشفى أتلقى العلاج لمدة 10 أيام».

ويؤكد المجني عليه في أقواله: «في اعتقادي أن صديقي لم يكن يقصد إزهاق روحي، ولو كان يقصد ذلك لاستمر في طعني، إلا أنه طعنني مرة واحدة فقط».

حكم المحكمة.. والعفو

رفعت النيابة العامة لائحة اتهام بحق الصديق الطاعن إلى الهيئة القضائية في محكمة الجنايات، بتهمة «الشروع عمداً في قتل صديقه»، مشيرة إلى أن «الطعنة كادت تُودي بحياته، إلا أن أثر الجريمة قد توقف لسبب لا دخل لإرادته فيه، وهو إسعافه ونقله إلى المستشفى لتلقي العلاج والتدخل الطبي العاجل»، مطالبة بسجنه وإبعاده.

نظرت المحكمة القضية، ورأت في منطوق حكمها أنها «اطمأنت إلى أن المتهم لم يقصد قتل المجني عليه، وأن ما بدر منه من أفعال بالاعتداء عليه وإصابته في مقتل، كان القصد منه تعمّد الإصابة، وليس إزهاق الروح، ما أدى إلى إصابة أعجزته عن أعماله الشخصية لمدة تزيد على عشرين يوماً».

عدّلت المحكمة وصف التهمة «من الشروع العمل في القتل إلى الاعتداء على سلامة جسم المجني عليه»، وقضت بمعاقبة المتهم بالحبس لمدة 6 أشهر، وأمرت بإبعاده عن الدولة.

ولكن بعد وصول القضية إلى محكمة الاستئناف، أنقذ المجني عليه صديقه من المكوث في السجن، بعد أن عفا عنه وقدّم تنازلاً عن القضية، مؤكداً تصالحهما وصفحه عمّا بدر منه، لتأخذ المحكمة بتنازله عن القضية، وتحكم بانقضاء الدعوى لتصالح الطرفين.