في عصر التواصل تراجع التواصل، وبعُدت المسافات، وقلّت اللقاءات، وتهدّدت العلاقات بالانقطاع. اليوم صرنا نكتفي برسالة على «الواتساب»، مختصرة وسريعة، تتناسب مع العصر، نكتفي بها للتعبير عن مشاعرنا؛ سلبية كانت أو إيجابية، نحدّد فيها مواعيدنا، وننجز من خلالها معاملاتنا. والقضية الكبرى تبدأ حين يحدث سوء فهم بين الطرفين المتحادثين، فيغضب أحدهما، أو كلاهما، ويدخلان رويدا رويداً في مرحلة خصام لا يتخللها اعتذار، ولا موعد للوصال، ولا مبادرة للتقرّب واللقاء.
كيف يمكننا التغلب على سوء التفاهم، ووصل ما انقطع، وتوضيح الفكرة من دون قراءة تعابير وجه من نعتذر منه، أو من قد نظن أنه أخطأ في حقنا، ونحن بعيدون تفصل الشاشات بيننا، وتطول المسافات، على الرغم من أننا قد نكون في بلد واحد، أو في منطقة واحدة، أو حتى في شارع واحد؟
يقول قيس: «كنت أتحادث عبر «الواتساب» مع أخي الذي يقطن في شمال البلاد، فطلبت منه زيارة والديه المشتاقَين إليه، فثارت ثائرته، كأنني أطلب منه المستحيل، مسوّغاً غضبه بأننا لا نقدّر ضيق وقته وتعبه. وجرى بيننا نقاش ازداد حدّة، فأغلق في وجهي «الواتساب» وحظرني... كان ذلك منذ ثلاثة أعوام، ولم أزل محظوراً في حساب أخي، لا وصال، ولا كلام».
ويضيف قيس: «يصعب عليّ أن أتصل، وأكون المبادر في حل مشكلة لم أكن السبب فيها، كما أنه لا يحاول الاتصال بأي شكل من الأشكال».
قد تؤدي طبيعة المحادثات على تطبيق «الواتساب» إلى انقطاع في العلاقات بين المتواصلين بسبب سوء فهم الرسائل النصية، لأنها، في أغلب الأحيان، تخلو من نبرة الصوت، أو من تعابير الوجه. كما أن كثرة استخدام التطبيق يمكن أن تؤدي إلى الإرهاق، واعتماد السرعة في المحادثة، فينشأ سوء تفاهم يتخلله نقاش مبهم، وغيرة، وتنمّر. ذلك أن كثيراً من الناس باتوا يعتمدون على «الواتساب» في كل محادثاتهم، فيستخدمون الرسائل النصية بشكل مفرط، الأمر الذي قد يشعرهم بالقلق، خصوصاً عندما لا تكون الردود على رسائلهم مباشرة.
أسلوب التواصل:
«الواتساب» ليس في حدّ ذاته مسؤولاً عن الأخطاء التي يقع فيها المستخدمون، وهو يجب ألّا يكون سبباً مباشراً في قطع العلاقات، ولكن قد يكون تأثيره سلبياً، حسب سلوكات المستخدمين، وتسرّعهم أحيانا. فالزوجة المهملة عاطفياً، قد تستغل التطبيق لإيصال غضبها، ومشاعرها المكبوتة إلى زوجها. كما تؤدي كثرة التواصل لإشغال وقت الفراغ، وبسبب الإدمان، إلى إرسال العديد من الرسائل غير الهامّة التي قد يعتبرها المتلقي تلميحات ذات مغزى، فيعمل على حظر المرسل من دون انتظار أيّ تفسير منه. فعموماً، «الواتساب» أداة تواصل قد تكون ناجحة، أو فاشلة، حسب أسلوب الاستخدام.
علامات الاستفهام:
صبراً أيها المرسل، من تصله الرسالة قد يكون مشغولاً، أو نائماً، أو قد يكون جالساً إلى المائدة يتناول الطعام مع أفراد عائلته، أو قد يكون ترك هاتفه بعيداً عنه لأنه في اجتماع عمل هام... إلخ. فلمَ ترسل الرسائل واحدة تلو الأخرى، وإن لم تحظَ بالرد تتبع رسائلك بعلامات استفهام، وتظن الظّنونا؟
لا تنسخ ثم تلصق:
كثير من مستخدمي «الواتساب» ينقلون محادثاتهم بالنسخ واللصق من شخص إلى آخر عبر التطبيق، فيخلقون الفتن، ويثيرون الغضب، ويولّدون العداوات التي يليها قطع للعلاقات. إعادة التوجيه قد تكون ضرورية أحياناً، ولكنها قد تكون سبباً مباشراً للخلافات.
1- احترم خصوصية الآخرين:
كثير من الناس، خصوصاً في العلاقات العاطفية، وعلاقات العمل، يستخدمون «الواتساب» لمراقبة الآخرين، ولنقل رسائلهم إلى المجموعات، أو الأفراد، وهذا يؤدي إلى قطع العلاقات، وتدميرها.
2- تواصل بصدق:
عندما تكون مشغولاً أو مرهقاً، وغير قادر على الرد مباشرة على الرسائل التي تردك، اعتذر بلطف برسالة قصيرة ومقتضبة، وأخبر الطرف الآخر أنك غير قادر على الرد في الوقت الحالي، بدلاً من تجاهله.
3- استخدم الإعدادات بذكاء:
على كل مستخدم لتطبيق «الواتساب» أن يضبط إعدادات الخصوصية بما يتناسب مع راحته وظروفه.
4- لا تتسرع في إرسال أيّ محتوى:
أكثر مستخدمي «الواتساب» يعيدون توجيه ملصقات أو بيانات وصَلتهم من دون دراسة محتواها، والتأكد ممّا تحمله من معانٍ، وهذا يخلق مشكلات، قد تكون صغيرة أو كبيرة، حسب شخصية المتلقي، وقدرته على فهم المحتوى.
5- استخدم المراسلات الصوتية:
كلما كان بإمكانك، استخدم الرسائل الصوتية لتقليل سوء الفهم الناتج عن قراءة الرسائل النصية المكتوبة.
6- اتصل هاتفياً:
في حال شعرت بسوء فهم المتلقي لرسالتك، اتصل به هاتفياً مباشرة، أو قابله وجهاً لوجه لتوضيح ما قصدته.
7- أحسِن الظن:
قبل أن تحكم على الرسالة التي وصلتك، ضع حسن الظن نصب عينيك، واجعل لأخيك أعذاراً.