قدّم رجل عربي متورّط مع عصابة في قضية سرقة مبلغ مالي كبير عائد إلى إحدى الشركات، مُبرّراً غريباً لمشاركته في تنفيذ الجريمة، عبر الادّعاء بأن «لصوص العصابة سرقوه أولاً، ثم دفعوه عنوة إلى مشاركتهم في تنفيذ جريمة سرقة مبلغ الشركة الذي وصلت قيمته إلى 247 ألف درهم».
«المبرر» للمشاركة في الجريمة كان الطريق الوحيد للرجل للدفاع عن نفسه أمام القضاء، فما كان من القضاء إلا أن ردّ عليه بزجّه في السجن.
بدأت تفاصيل القصة، التي اطّلعت «كل الأسرة» عليها، من الحكم القضائي الصادر بحق الرجل، عندما اجتمع مع 3 آخرين من جنسية إفريقية، واتفقوا فيما بينهم على سرقة أموال من شركة تعمل في مجال السياحة، لعلمهم بوجود مبالغ مالية فيها:
وضع الأربعة الخطة فيما بينهم، ووزعوا الأدوار، ومهام كل واحد منهم، وأحضروا سلاحاً أبيض حادّاً، «ساطوراً»، وفي اليوم المحدد توجهوا إلى مقر الشركة الذي يقع في شقة، بمنطقة تجارية.
قرابة الساعة الرابعة والثلث مساء، وصل الأربعة إلى باب الشقة، وطرق الرجل العربي الباب، ففتحه أحد الموظفين، ليُقدِموا على دفعه إلى الداخل، وإغلاق الباب.
ويروي الموظف الذي تبيّن أنه الوحيد الذي كان في مقر الشركة في ذلك الوقت، تفاصيل ما حدث، فيقول:«أثناء تواجدي في الشركة سمعت قرع جرس الباب، وعندما فتحت الباب أقدموا على دفعي بالقوة، وقام أحدهم بالوقوف خلف الباب، فيما أقدم شخصان منهم على تقييد حركتي، والاعتداء علي بالأيدي، على أنحاء متفرقة من جسدي، وكان أحدهم يحمل ساطوراً».
سرقوا الخزنة
وتابع الموظف: «فتشوا الشقة، ثم أخرجوا مفتاح الخزنة الذي كان داخل جيب بنطالي، وفتحوها، وسرقوا مبلغاً مالياً قدره 247 ألف درهم»، مضيفاً أنهم «حجزوه في الشقة لمدة 10 دقائق».
تمكن الأربعة من تنفيذ الجريمة، مستغلين تواجد الموظف بمفرده في شقة الشركة، ثم لاذوا بالفرار، ومعهم المبلغ المالي، فيما قدم الموظف بلاغاً بالواقعة سارداً ما حدث معه.
سرقوني ثم سرقت معهم...!
قادت التحقيقات الشرطية إلى التعرف إلى هوية الرجل العربي، الذي كان في مقدمة منفذي جريمة السرقة، فتمكنت من إلقاء القبض عليه بعد التعرّف إلى مقر سكنه.
وعلى الفور، أقرّ الرجل بمشاركة باقي أفراد العصابة المتورطين الهاربين في تنفيذ الجريمة، لكنه قدم مبرراً، قال فيه إنه «التقى بثلاثة أشخاص من الجنسية الإفريقية، لا يعرف أسماءهم، حيث قاموا بالإمساك به، وسرقة أمواله وهاتفه، وأخبروه أنهم سوف يعيدون إليه أمواله مقابل مساعدتهم على التوجه إلى إحدى الشركات من أجل طرق الباب فقط!».
وأضاف في ادّعائه: «في يوم الواقعة التقوا بي، وتوجهوا معي من أجل أن أقوم بطرق باب إحدى الشقق، حيث أفادوني بأنهم يطالبون صاحب الشركة بثمن كمية من الخمور لم يتم دفعها، فوافقت على مساعدتهم».
وتابع أن «باقي أفراد العصابة طلبوا منه في يوم الواقعة ارتداء زيّ خليجي، وأنه طرق الباب فدخلوا إلى الشقة، وأمسكوا المجني عليه، وثبّتوه على الأرض، وأقدموا على تفتيش الشقة، ومن ثم أخذوا جهاز حاسب آلي وهربوا من المكان».
وأقر الرجل بأنه «هو من طرق باب الشقة عند دخولهم إليها، وأنه هو أيضاً من أقدم على تثبيت الموظف بداخل الشقة، والاعتداء عليه بالأيدي».
الموظف يؤكد: هو من طرق الباب
عُرض الرجل على الموظف في طابور التشخيص الشرطي، فتعرف إليه، وأكد أنه «هو الشخص الذي طرق الباب، وكان أول من دخل من السارقين إلى شقة الشركة».
التهمة: حجز حرية للسرقة
وعلى الرغم من مزاعمه، والقصة التي حاكها لتبرير مُشاركته في الجريمة، وجهت النيابة العامة إلى الرجل، أمام الهيئة القضائية في محكمة الجنايات، تهمة «حجز الموظف، مع آخرين هاربين، في الشقة، وحرمانه من حريته بغير وجه قانوني، وذلك لغرض الكسب غير المشروع عن طريق الحيلة، واستعمال القوة، والاعتداء عليه بواسطة ساطور، وسرقة مبلغ 247 ألف درهم».
وطالبت النيابة العامة بمعاقبته عملاً بالمادة 395، ضمن بنودها الثاني والثالث والسادس، من المرسوم بقانون الجرائم والعقوبات الاتحادي رقم 31 لسنة 2021، والتي تصل العقوبة فيها إلى السجن المؤبد.
كما طالبت النيابة العامة بإبعاده عن الدولة بعد قضائه مدة الحكم، عملاً بالمادة 126 من قانون الجرائم والعقوبات.
المحكمة: تبريره للتخلص من وزر ما ارتكبه
دانت المحكمة الرجل بالتهمة الموجهة إليه، ورأت أن الرواية التي قدمها في محاولة تبرير فعلته ما هي إلا «وسيلة للإفلات من العقاب والمسؤولية، والتخلص من وزر ما ارتكبه».
وقضت المحكمة في ختام حكمها، بمعاقبة الرجل بالحبس لمدة 3 سنوات، وتغريمه مبلغ 257 ألف درهم، وإبعاده عن الدولة بعد قضائه مدة الحكم.