لماذا تزدحم المهرجانات السينمائية الكبيرة في موسم واحد؟ صحيح أن العديد منها يقع في مطلع، أو ربيع، أو منتصف السنة، إلا أن الأشهر الأربعة الأخيرة من السنة هي التي تشهد الازدحام الأشد.. ما السبب؟
تتوالى المهرجانات العربية والعالمية على نحو مكتظ في الأشهر الأربعة الأخيرة من كل سنة، ولا يختلف الأمر هذه السنة على الإطلاق.
عربياً، ينطلق مهرجان الجونا في مصر ما بين 16 و24 من أكتوبر، يليه مهرجان القاهرة ما بين 12 وحتى الحادي والعشرين من نوفمبر، وحال انتهائه يبدأ مهرجان الدوحة من العشرين وحتى الثامن والعشرين منه، وفي يوم ختامه ينطلق مهرجان مراكش حتى السادس من ديسمبر، أي بعد يومين من إطلاق الدورة الرابعة من مهرجان البحر الأحمر في مدينة جدّة، الذي يستمر تسعة أيام، ما بين الرابع وحتى الثالث عشر من الشهر.
ختاماً، لهذه المهرجانات العربية هناك أيام قرطاج السينمائية السنوي في تونس. تبدأ دورته الجديدة في الثالث عشر من كانون الأول، وحتى العشرين منه.
الوضع بالنسبة إلى المهرجانات الغربية أشد حدّة. حقيقة الأمر أن المدة ما بين منتصف الشهر الماضي، يوليو، وحتى نهاية السنة مملوءة بالمهرجانات المتوالية. ينتهي الواحد منها ليبدأ الآخر، وفي أحيان كثيرة تتقاطع، فإذا بأحدها يبدأ قبل نهاية المهرجان الذي قبله بأيام.
لا نتحدّث عن المهرجانات الصغيرة، فهذه تتوالى بمعدل مهرجانين، إلى ثلاثة، كل يوم من أيام السنة، لكننا نتحدث عن مهرجانات من وزن التشيكي كارلوفي فاري، والإسباني سان سابستيان، والسويسري لوكارنو، والإيطالي فينيسيا، والكندي تورنتو، والأسترالي ملبورن. كل هذه هي جزء من كل، فالعدد الكامل من المهرجانات التي تتوالى من نصف الشهر المذكور حتى نهاية السنة يبلغ 145 مهرجاناً.
قد تتساءل: إذا ما كان هناك كمّ كافٍ من الأفلام لكي تغطي كل هذه المهرجانات؟ والجواب نعم. على سبيل المثال، يعرض مهرجان لوكارنو أكثر من 20 فيلماً عرضاً أول، ويعرض فينيسيا نحو 30 فيلماً عرضاً أول، داخل المسابقة الرئيسية وخارجها، أما تورنتو فلديه هذا العام 18 فيلاً لم يسبق عرضها.
الباقي لا بأس إذا ما استعارته المهرجانات من بعضها بعضاً، من دون أن يعني أن ما يعرضه مهرجان لندن مثلاً، أو ملبورن، قائم على أفلام التبادل فقط. كلاهما سبق وتخصص- كما مهرجان تورنتو- بعرض الأفلام التي سبق عرضها في المهرجانات التي سبقت كل واحد منها. حينها (حتى التسعينيات) كانت تُعرف بـ«مهرجان المهرجانات»، وهي تسمية مناسبة لمهرجان لا يجذب ما يكفي من العروض العالمية الأولى ويختار، كبديل، عرض أهم ما سبق لمهرجانات أخرى توفيره.
وكان مهرجان لوكارنو قد انتهى في السادس عشر بعد دورة رائعة أثبت فيها تميّزه كمهرجان متخصص في الأعمال الأولى أو الثانية، للمخرجين الجدد. وقد عرض هذا العام 15 فيلماً في المسابقة، و22 فيلماً خارجها.
المهرجان الكبير التالي له ذو التاريخ العريق هو ملبورن الدولي، الذي بدأ في السابع من هذا الشهر، وينتهي في الرابع والعشرين منه. إلى جانب مهرجان سيدني الذي يُقام في الشهر السادس من كل عام، الاثنان عريقا الحضور، ولو أن الإقبال العالمي عليهما ينحصر غالباً في المنطقة الجغرافية القريبة، ومن تتم دعوته من المخرجين المشاركين.
أما زينة الشهر المقبل فهو مهرجان فينيسيا بلا ريب. المنافس الأول لمهرجان «كان» الذي كثيراً ما يعرض أفلاماً في المسابقة هي- إلى جانب أنها عروض أولى عالمياً- من أفضل ما يمكن للناشط والهاوي مشاهدته من أفلام. ينطلق في دورته الـ82 في السابع والعشرين، ويستمر حتى السادس من الشهر التالي، سبتمبر.
وخلال أسبوعه الأول ينطلق مهرجان تورنتو الذي ما زال بوابة العروض الأولى في أمريكا الشمالية. وبعض أفلام فينيسيا تطير إلى هناك لكن المهرجان الكندي لديه الكثير من أفلام تقصده أولاً.
وبعد أيام قليلة من انتهائه، يمكن أن تستقل الطائرة وتعود إلى أوروبا، حيث مهرجانات سان سابستيان، وهلسنكي، وبراغ، وزيورخ، من بين ما يحتشد في الشهر المقبل.
الحال ذاته في أيّ اتجاه تختاره خلال الأشهر التالية، حتى نهاية السنة، مع العلم أن البارز من بين 52 مهرجاناً تُقام في شهر أكتوبر: ريو دي جنيرو في البرازيل، (ممتاز بسبب تشكيلته من الأفلام اللاتينية) ما بين 2 و12 من الشهر، مهرجان لندن السينمائي (8-19) بات علامة مهمّة بعد عقود من النشاط المستمر، وفي إسبانيا هناك مهرجان سيتجز (9-19)، وهو المقصد العالمي الأول لسينما الفانتازيا، والخيال العلمي، والرعب، يتبعه عن كثب مهرجانات وارسو (بولندا: 10-19)، والجونا (مصر: 16-24)، و«فيينا» (النمسا: 16-28)، وطوكيو (27 أكتوبر حتى 5 نوفمبر).