24 أغسطس 2025

د. نوال النقبي: المرأة الإماراتية لم تعد تروي القصة بل تنسج خيوطها

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

استطاعت أن تبني جسوراً بين التعليم والتأثير، واضعة أمام طلابها ومجتمعها نموذجاً مختلفاً، يرى في كل فكرة مشروعاً للتطوّر، وفي كل طالب مشروعاً للنهضة، نالت جائزة الموظف المتميز ثلاث مرات تقديراً لإسهاماتها الوظيفية التي استمرت لأكثر من 17 عاماً، قبل أن تتفرغ للمسار الأكاديمي، وتحصل على درجة الدكتوراه بامتياز، مع مرتبة الشرف الأولى، في جامعة القاهرة، بمصر.

في هذا الحوار، تأخذنا الكاتبة الدكتورة نوال بن عسكر النقبي، أستاذ مساعد في قسم الاتصال الجماهيري بجامعة الشارقة، في جولة داخل رؤيتها الأكاديمية، وتجاربها الشخصية، ورسالتها التربوية والإنسانية، لتكشف لنا كيف تصنع المعادلة بين الطموح العلمي، والأمومة، والإسهام المجتمعي في آنٍ واحد:

مجلة كل الأسرة

ما الذي دفعكِ لاختيار مجال الإعلام والاتصال تحديداً؟

اختياري لهذا المجال لم يكن وليد الصدفة، بل كان امتداداً طبيعياً لشغف بدأ مبكراً منذ الطفولة، حينما استوعبت قيمة الكلمة، ومدى تأثيرها، إلا أنني كنت أبحث عن شيء أعمق يُحدث أثراً حقيقياً في وعي الناس، وسلوكهم، ومع مرور الوقت، تبلور هذا الاهتمام ليصبح وعياً حقيقياً بقوة الرسالة الإعلامية، وكيف يمكن أن تُشكّل آراء المجتمعات، وتعيد صياغة مواقفها. وعندما التحقت بجامعة الإمارات أدركت أن الإعلام ليس مجرّد مهنة، بل وسيلة لتوجيه المجتمع نحو الأفضل، وشعرت حينها بأن هذا هو مكاني، وهذا هو المسار الذي يجب أن أسلكه.

في رأيك، ما حجم الدور الذي يلعبه الأكاديمي في تشكيل المشهد الإعلامي اليوم؟

الأكاديميون لا يكتفون بتقديم المعارف النظرية، بل يسهمون، من خلال الأبحاث والدراسات، في كشف التحديات التي تواجه الإعلام الحديث، ويقترحون حلولاً تستند إلى معايير مهنية وأخلاقية رصينة، فهم لا يراقبون من بعيد، بل يُعدّون شركاء في التطوير، ونموذجاً يُحتذى به، خصوصاً حين يُترجم علمهم إلى ممارسات حقيقية داخل المؤسسات الإعلامية، أو من خلال التعاون مع صُنّاع القرار.

مجلة كل الأسرة

حدثينا عن أحد الأبحاث أو الكتب التي تعتزين بها، ولماذا؟

أعتز بشكل خاص بكتابي حول إدارة المؤسسات الإعلامية، والذي يمثل تجسيداً لخبرتي العملية في هذا المجال، فمن خلال عملي كمدير إدارة العلاقات الاقتصادية والعامة في دائرة التنمية الاقتصادية في حكومة الشارقة، لفترة طويلة، استطعت دمج معرفتي الأكاديمية مع تجربتي الإدارية والقيادية، ففي هذا الكتاب، تناولت العديد من المفاهيم والمصطلحات الإدارية، وكذلك تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، وجمعت فيه تجارب حقيقية تعكس كيفية نجاح المؤسسات الإعلامية في العصر الحديث، أما بالنسبة لأبحاثي، فكل منها تمثل إحدى مراحل تطوري المهني والأكاديمي، وتعكس شغفي بتوسيع المعرفة وإثراء النقاشات العلمية.

في ظل تسارع الإعلام الرقمي، كيف تقيّمين جاهزية المناهج الدراسية في مواكبة هذا التغيّر؟

هناك جهود كبيرة تبذل، لكن لا يزال هناك مجال للتحسين، إذ يجب تحديث المناهج بشكل دوري لتشمل المهارات الرقمية الحديثة، والتحليل النقدي، وهي خطوة مهمة لملاحقة التغييرات، ومواكبة المستجدات.

مجلة كل الأسرة

ما المبادئ التي تحرصين على غرسها في طلابك؟

أسعى إلى غرس قيمة الإبداع، والقدرة على التفكير النقدي، لما لهما من تأثير كبير في مستقبلهم الأكاديمي والمهني.

ما رأيك في دور وسائل التواصل الاجتماعي في تشكيل وعي الشباب؟

أعتبرها سلاحاً ذا حدّين، لكونها تتيح للشباب التعبير عن آرائهم، لكنها قد تسبب بنشر معلومات خاطئة ومزيفة، لذا، من الضروري تعزيز الوعي الإعلامي بخطورة الانتشار السريع البعيد عن الحقيقة.

كيف توفقين بين العمل الأكاديمي والكتابة الحرة؟

أرى أن كلاً منهما جزء مكمل للآخر، فالعمل الأكاديمي يمنحني المعرفة التي استند إليها في الكتابة، والتي تعكس رؤيتي، وتساعدني على تطوير اتجاهاتي، وبلورة أفكاري.

القراءة ليست مجرّد فعل بل تجربة غنية تغذي روحي وتوسع آفاقي

ما العلاقة التي تربطكِ بالقراءة؟ وهل هناك طقوس معيّنة تتبعينها عند الكتابة؟

القراءة تمثل شغفاً دائماً بالنسبة لي، فهي ليست مجرد فعل، بل تجربة غنية تُغذي روحي، وتوسع آفاقي، فعندما أقرأ، أشعر كأنني أسافر إلى عوالم جديدة، أتعرف إلى ثقافات مختلفة، استكشف أفكاراً متعددة، فهي وسيلة هروب رائعة من روتين الحياة اليومية، وتحدّياتها. أما طقوسي المرتبطة بالكتابة فلا تزيد على مكان هادئ بحضور أدواتي البسيطة، والتي لا تزيد على الورقة والقلم، ولكن في أحيان كثيرة لو حضرت بنات أفكاري أترك نفسي للكتابة، حتى لو لم يكن الجو مهيأ لذلك، وأتذكر عندما كنت ذات يوم في مناسبة عائلية، وكان المكان مكتظاً بالحضور، وجدتني أنسحب بعيداً كي أكتب ما جاء في مخيلتي، مندون الاكتراث لما يجري حولي.

توقع على أحد مؤلفاتها في معرض الشارقة الدولي للكتاب
توقع على أحد مؤلفاتها في معرض الشارقة الدولي للكتاب

كيف تنظرين إلى دور المرأة الإماراتية في قطاع الإعلام؟

متزايد بشكل لافت للنظر، بل وباتت المرأة الإماراتية رائدة في صناعة القرار، وتقديم المحتوى الإبداعي، فهي لم تعد تروي القصة، بل تنسج خيوطها، ما يعكس التقدم الذي حققته في المجتمع.

من هي المرأة التي كانت مصدر إلهام لكِ؟

أعتبر والدتي مربية الأجيال مصدر إلهام بالنسبة لي، فقد زرعت في داخلي تلك المعلمة الفاضلة قيمة التعليم، والإصرار، والمثابرة على تحقيق الأهداف، والفضل يعود لها في ما وصلت إليه.

لو لم تكوني أكاديمية وكاتبة، فماذا كنتِ تتمنين أن تصبحي؟

كان سيقودني شغفي لتقديم العون للآخرين إلى مهنة المحاماة، لكونها هي ما تنتصر للمظلومين والمستضعفين، وتدافع عن حقوقهم، ومناصرة قضاياهم.

حدثينا عن أهم الجوائز والتقديرات التي حصلت عليها وتركت أثراً في داخلك

قبل تفرغي الأكاديمي، التحقت سنة 2000 بالعمل في دائرة التنمية الاقتصادية بالشارقة، وكلّل تعبي لأكثر من 17 عاماً في خدمة وطني، بحصولي على جائزة الموظف المتميز في دائرة التنمية الاقتصادية عام 2002، وجائزة الموظف المتميّز مرتين في حكومة الشارقة عام 2004، 2017، والحقيقة أن هذه التكريمات تعد وساماً على صدري أعتز بها كثيراً، لكونها شاهداً حياً على أدائي لمهام وظيفتي بالشكل الذي يرضيني.

مجلة كل الأسرة

كيف توازنين بين طموحك الشخصي والتزاماتك الأسرية؟

تحقيق التوازن بين الجانبين هو تحدٍ يتطلب الكثير من التفكير والتنظيم، وإن كنت أتبع سياسة خاصة بي، فعندما أعبّر عن طموحاتي، وأشرح لأفراد أسرتي مدى احتياجي إلى دعمهم، يصبح من السهل تحقيق التوازن المطلوب، الذي يحوّلهم إلى فريق مساند في رحلتي نحو تحقيق أهدافي. فأنا أم لخمسة أبناء، تراوح أعمارهم بين 8 و 16 سنوات، وأسعى بكل جهدي لأن نكون عونا لبعضنا بعضاً من أجل بناء مستقبلنا معاً، وبما يرفع من شأن عائلتنا كلها.

هل لك أن تطلعينا على أهدافك الشخصية والعملية؟

على المستوى المهني، أطمح إلى توسيع نطاق أبحاثي، وتقديم الدعم لمن يعملون في المجال الإعلامي، سواء عبر مشاركة خبراتي، أو من خلال إنشاء منصات تمكّنهم من التعبير عن آرائهم، وتحدّياتهم، وطموحهم، ورؤيتهم، أما على المستوى الشخصي، فأطمح إلى أن أكون نموذجاً يحتذى به لأبنائي، أزرع فيهم الطموح والاجتهاد، وحب العمل من أجل رفعة الوطن، وتقدمه.