18 أغسطس 2025

«لا ناقة له فيه ولا جمل»... ساند صديقه في شجار فدفع حياته ثمناً

فريق كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

تدخّل لمساندة صديقه في شجار «لا ناقة له فيه ولا جمل»، إلا أن النتيجة كانت أنه ذهب ضحية هذا «الشجار العبثي» الذي لا جدوى منه، بعد أن تلقّى ضربات أودت بحياته.

تفاصيل القصة، اطّلعت «كل الأسرة» عليها من حكم قضائي نظر في القضية، وما حدث فيها من وقائع وأسباب أدت إلى هذه النتيجة المأساوية:

بدأت التفاصيل عندما كان رجلان يتجولان في إحدى المناطق، بعد الساعة الثانية عشرة من منتصف الليل، ليشاهدا محلاً خاصاً بتقديم خدمات التدليك، فقرّرا التوجه نحوه بحثاً عن هذه الخدمة.

دخل الاثنان المحل بالفعل، وتوجها إلى صالة الاستقبال، إلا أن موظف الاستقبال طلب منهما المغادرة، نظراً لأن المحل يُغلق أبوابه في هذا الوقت، ولا يقدم خدمات للزبائن بعد منتصف الليل.

حدث نقاش حاد بين الموظف والرجلين، ثم تطور إلى مشاجرة بين الطرفين بسبب عدم اقتناعهما بأن المحل لا يستقبل الزبائن في هذا الوقت المُتأخر...، يقول أحد الرجلين: «أقدم الموظف على صَفعي على وجهي بيده مرتين، وأصبحت أنزف من أنفي».

تطور الشجار ووقوع المأساة

تطوّر الشجار بين الطرفين، وهنا استدعى موظف الاستقبال بعض أصدقائه، فيما اتصل الرجلان بصديقهما، وشخص آخر لمساعدتهما في هذا الشجار.

وبالفعل، حضر صديق الرجلين والشخص الذي معه، ليجتمعوا جميعاً في ساحة رملية قريبة من محل التدليك، ثم تشاجروا مع الموظف، ومن معه، لكن سرعان ما فرّ الرجلان، تاركَيْن صديقهما الذي حضر لمساندتهما في المكان، من دون معرفة ما حدث له.

يقول أحد الرجلين: «فررنا هاربَيْن من المكان، ما عدا صديقنا، حيث تعرّض للضرب بعصا على رأسه من موظف الاستقبال في المحل، وسقط أرضاً».

عقب ذلك، اتصل الناس بالإسعاف والشرطة التي حضرت إلى المكان، فيما فرّ موظف الاستقبال، ومن كان معه، وباشر المسعفون تقديم الإسعافات الأولية إلى الصديق، ثم نقلوه إلى المستشفى، لكن النتيجة لم تكن في مصلحته.

كسور ونزيف دماغي

وفقاً لتقرير الطب الشرعي، فإن معاينة «جثة المجني عليه» أظهرت «وجود جرحين تهتكيّين في الرأس، وعدة كدمات وسحجات في أنحاء متفرقة من جسده، وهي إصابات رضّية وتهتكيّة واحتكاكية، عادة ما تحدث نتيجة التصادم بأجسام صلبة راضّة وخشنة السطح، أياً كان نوعها، وبعضها محدد مستقيم كالعصا، أو ما في حكمها».

ويؤكد التقرير الطبي أن «المجني عليه، صديق الرجلين، كان وقت الواقعة تحت تأثير المشروبات الكحولية بتركيز منخفض، ما من شأنه التأثير في الوعي والإدراك، لكن السبب الرئيسي في وفاته هو الإصابات التي لحقت به نتيجة الاعتداء بالضرب، وتحديداً الإصابة الرضّية المركزة على الرأس، والتي تم استخدام عصا، أو قطعة حديدية ثقيلة الوزن فيها، ما أحدث كسوراً متفرقة في قاعدة الجمجمة، ونتج عنها نزيف دماغي إصابي أودى بحياته».

ضبط الموظف... «لم أكن أقصد»

لقي صديق الرجلين مصرعه في شجار ليس له علاقة به في الأساس، فيما فرّ موظف الاستقبال الذي اعتدى عليه هارباً من مكان الجريمة، بينما باشرت الشرطة البحث عنه، وتمكنت من إلقاء القبض عليه في مقر سكنه.

أقر الموظف بمسؤوليته عمّا حدث من مصير مأساوي لصديق الرجلين، وقال في اعترافه: «في يوم الواقعة، حضر الرجلان إلى المحل، فأبلغتهما أنه سيتم إغلاقه لتأخر الوقت، لكنهما أصرّا على الدخول عنوة، فحدثت مشادة كلامية بيننا تطورت إلى مشاجرة بالأيدي، ثم غادرا المكان بعد أن هدّداني».

وتابع: «أثناء إغلاقي المحل، فوجئت بحضورهما، ومعهما أشخاص، والمجني عليه، وتبادلنا الاعتداء، فضربت المجني عليه باستخدام عصا حديدية عدة ضربات على رأسه، حتى أسقطته أرضاً، وكان ينزف من رأسه، وبعدها تفقدته، فتبيّن لي أنه فارق الحياة، فلذتُ بالفرار»، مؤكداً أنه «لم يكن يقصد قتله، لكن الأمر حدث خلال الشجار».

رفاق الموظف: لا دخل لنا

أما الأشخاص الذين كانوا برفقة الموظف في المشاجرة، فأنكروا علاقتهم بما حدث مع المجني عليه، مؤكدين أن الموظف هو من اعتدى عليه بالضرب باستخدام عصا حديدية، موجهاً له عدة ضربات على رأسه أسقطته أرضاً، وأنهم رأوا الدماء تسيل من المجني عليه.

اعتداء أفضى إلى الموت

وجّهت النيابة العامة إلى الموظف أمام الهيئة القضائية في المحكمة الابتدائية تهمة «الاعتداء على سلامة جسم المجني عليه بجسم صلب راض، وأحدث به الإصابات الموصوفة بتقريرَي الطب الشرعي، من دون أن يقصد قتله، لكن ذلك الاعتداء أفضى إلى موته».

وطالبت النيابة العامة الهيئة القضائية، بمعاقبة المتهم عملاً بالمادة 387 من المرسوم بقانون اتحادي بشأن الجرائم والعقوبات رقم 3 لسنة 2021، والتي تنص في بندها الأول على أن «يعاقب بالسجن المؤقت مدة لا تزيد على 10 سنوات من اعتدى على سلامة جسم غيره بأي وسيلة، ولم يقصد من ذلك قتلاً، ولكنه أفضى إلى الموت».

كما طالبت بإبعاد المتهم عن الدولة بعد قضاء مدة حكمه عملاً بالمادة 126 من قانون العقوبات والجرائم.

5  سنوات سجناً

دانت المحكمة الابتدائية الموظف بالتهمة الموجهة إليه، في ظل اعترافه الصريح بمسؤوليته عمّا حدث، وفي ظل الرواية التي قدمها الشهود من طرفي الشجار، وقضت بمعاقبته بالسجن لمدة 5 سنوات، وأمرت بإبعاده عن الدولة بعد قضاء مدة الحكم، ومصادرة أداة الجريمة.