لم يحدث أن كل أفلام مخرج ما كانت متساوية كأسنان المشط. حتى المخرجين الكبار ستجد بين أعمالهم أفلاماً أفضل من أخرى. طبعاً هي أفلام جيدة، لكنها ليست تماماً من مستوى واحد، لا خلاف فيه.
لعلّ الناقد البريطاني الراحل رايموند دورغنت، في مقالة له نشرتها مجلة «فيلمز أند فيلمينغ» سنة 1968، أول من لاحظ أن نقاد مجلة «كاييه دو سينما» (تلك التي أنجبت في ذلك الوقت مخرجي الموجة الفرنسية الجديدة)، تبنّوا المخرج روبرت ألدريتش بناء على أفلامه (مثلKiss Me Deadly و Attack)، لكن عندما بدأ بتحقيق أفلام أقلّ قيمة تجاهلوا انحداره، وواصلوا مدحه، عوض التراجع عن تحبيذه.
في عالمنا اليوم، ما زال مثل هذا الموقف موجوداً. نحن مستعدون لنثر المديح على عدد من المخرجين الذين نالوا إعجاب من سبقنا في النقد، من دون النظر أن أفلام معظم المخرجين، عرباً كانوا أو أجانب، قد تختلف. ربما هي طبيعة بعضنا الجاهزة للتصفيق كنتيجة إعجاب بالمخرج قبل الفيلم.
على سبيل المثال، لا يجرؤ معظم النقاد اليوم على نشر إعادة تقييم لأيّ من أفلام المخرج يوسف شاهين الأشهر التي تتناقض مع ما سبق قوله عنها. نعم «باب الحديد» كان أيقونة بين الأفلام، وما زال، لكن «جميلة»، عن المناضلة الجزائرية، مملوء بالهفوات. «حدّوتة مصرية» قد يكون نقداً ذاتياً لكنه يسير في اتجاهات متضاربة. حتى «الأرض»، وهو فيلم جيد بلا ريب، فيه ما يمكن طرحه اليوم من ملاحظات ليست في مصلحته.
وهناك سواه. وبعض هذا يعود إلى الصداقة الشخصية، لكن الكثير منه كان نتيجة اتجاه سينما المخرج لما هو مختلف عن السائد الذي قد يكون أمراً كافياً، في بعض الأحيان، لكنه ليس شاملاً لكل الأفلام.
التخلص من هذه المشكلة المتكرّرة هو النظر إلى الفيلم بحياد كامل لا تشوبه الآراء الخاصّة، أو الاعتبارات العاطفية. بذلك يمكن إطلاق حكم لا يكون تقديراً أعلى مما يستحقه الفيلم، ولا أدنى منه.