كل يوم يطلع علينا تطبيق «تيك توك» بصرعة، أو عدّة صرعات غريبة. والحقيقة أنه لا شيء بات يدهشني من الأعاجيب التي تنقلها إليّ شاشة هاتفي. وآخرها هذا التحدّي الذي يحمل عنوان قبضة المخلب، أو (The claw grip).
إنها تسجيلات تتبادلها النساء للبرهان على قوّتهنّ العضلية، وسيطرتهنّ العقلية. كيف؟ من خلال حمل العديد من الأشياء بيدٍ واحدة، والأكثر براعة بينهنّ هي من تتفوّق في تجميع أكبر عدد من الحاجيات في قبضتها، وفوق ساعدها.
هل تعرفون المثل الذي يقول إن حمل تفاحتين في كفّ واحدة مستحيل؟ يبدو أن هذا المثل ما عاد صالحاً لعصرنا الحالي، حيث تشمّر البنات والسيدات عن عضلاتهنّ، ويتحدّين المصارعين والملاكمين في القوة.
في التحدّي الجديد الذي أطلقته شابة تدعى باتريسيا أنجيلا، لا يتعلق الأمر بالعضلات بقدر ما يعتمد على الحيلة، وحسن التدبير. فنحن نراها تحمل بيد واحدة مرهماً للشفاه، وقلم حبر، وعبوة لسائل معقّم لليدين، ولوحاً إلكترونياً للمطالعة، ودفتراً، وحافظة للنقود، ومشطاً، وثلاث قنانٍ للماء. وهي توزّع كل تلك الأشياء بين أصابعها، أو تعلّقها على معصمها. وبهذا، فقد تمكنت من جمع 15 حاجة من الحاجيات التي تحتاج إليها في حياتها اليومية.
هل معنى هذا أن النساء ذوات قبضات المخلب ما عُدن محتاجات إلى حمل حقيبة يدوية، ولا إلى جيوب كبيرة في الملابس؟
لكن التحدّي الذي أعلنته باتريسيا ليس مبتكراً. وهناك شيء مشابه في «إنستغرام» تحت عنوان «فتيات يحملن قارورة». وفيه نرى الواحدة منهنّ تحمل في يدها مستحضرات تجميل، وحزمة مفاتيح، وزوجاً من الأحذية بكعب عالٍ، وسمّاعات للاستماع للموسيقى، وحاسوباً صغيراً، وفوق هذا كلّه فنجان قهوة!
صاحبة هذه المبادرة تدعى هال روبي. وقد خطرت على بالها الفكرة حين اضطرت ذات يوم إلى الذهاب إلى دكان قريب لشراء علبة مرطّبات، ولم تأخذ معها حقيبة يدها. كانت تحمل، مفتاح شقته، و«جزدان» النقود، والهاتف، فقط. وبعد شراء ما احتاجت إليه حملته في اليد من دون كيس، وطلبت من البائع أن يلتقط لها صورة. ثم نشرت الصورة على حسابها. وسرعان ما راحت الفتيات يقلّدنها، وينشرن صوراً مماثلة.
قد نتصور أن راحة اليد صغيرة، لاسيما يد المرأة. لكن هذه الصور والتسجيلات تظهر لنا أنها قادرة على استيعاب محتويات حقيبة بمنتهى السهولة، ومن دون أن يفلت منها شيء. وكما قلنا، فإن المهارة كلها تكمن في حفظ التوازن، وفي ترتيب مواضع الحاجيات.
المتنافسات خضن المغامرة من باب التسلية واختبار اللعبة. فهي لم تكن في البداية أكثر من لعبة، لكنها انتشرت بسرعة، والتحقت بها آلاف النساء، من مختلف الأعمار والجنسيات. وبينهنّ من كشفت عن ترتيب في تنضيد الحاجيات بشكل جميل يقترب من الفن. أما باتريسيا فإنها صارت تسمّي نفسها بالمرأة فائقة القوة.
هناك من يقول إن سراويل النساء لا تحتوي على جيوب كبيرة كسراويل الرجال. ولا على جيوب خارجية وداخلية في السترات. ولهذا، فإن المرأة مضطرة إلى حمل حقيبة. فهل تسعى الشابات العصريّات إلى التحرر من حقائب اليد المقررة عليهن؟ إنه سؤال تطرحه مؤرخة الموضة الأمريكية آبي كوكس، من خلال مقال لها في صحيفة «نيويورك تايمز»، وتضيف أنها تتلقى ملاحظات من نساء يكشفن فيها تذمرهنّ من اضطرارهنّ إلى حمل مئة حاجة وحاجة معهنّ في تنقلاتهن.
جاء في واحد من تلك التعليقات أن المرأة لا تحمل معها احتياجاتها الخاصة فحسب، بل لوازم الأطفال، والأدوية، والمشتريات اليومية الصغيرة، وهموم البيت، والعالم كله. هل صحيح أنك تضعين الدنيا في حقيبتك؟ وهل أنت مستعدة لنقلها إلى راحة يدك؟