كل من «مارفل»، و«دي سي»، مؤسّستان تأسّستا في مطلع الأربعينيات، بغية نشر شخصيات سوبر هيروز في مجلات عرفت باسم «كوميكس» (Comics).
تنافست كل من الشركتين طوال عقود. «دي سي» أطلقت «سوبرمان»، و«باتمان»، و«سوبر غيرل»، وسواها، بينما قامت «مارفل» بتقديم شخصيات مثل «سبايدر مان»، و«آيرون مان»، و«فانتاستك فور»، و«فلاش غوردون».
تداولت السينما هذه الشخصيات منذ العقود الغابرة، وأنجزت عدداً كبيراً منها، حتى من قبل أن تشتري ديزني مؤسسة «مارفل»، وتقوم «وورنر» بشراء «دي سي»، مع مطلع هذا القرن. وبذلك، دخلت الاقتباسات من هذه الشخصيات مرحلة جديدة من الانتشار، بسبب التقدم التقني الكبير الذي تم تحقيقه في السنوات الثلاثين الأخيرة، والتي جعلت من كل فيلم مناسبة لعروض مذهلة، ترضي الباحثين عن الفانتازيا الرقمية، والمغامرات الخيالية.
في الصراع الحالي بين «وورنر» و«ديزني»، هناك فيلمان بوشر بعرض أحدهما، وتلاه الآخر في غضون أيام. «وورنر» أطلقت «سوبرمان» جديداً، و«ديزني» ستعرض «فانتاسيتك فور» جديداً. الصراع على الحجم الأكبر من الإيرادات يغلّف المنافسة القائمة بين «وورنر» وشريكتها DC، وبين «ديزني» وشريكتها Marvel.
وكانت «وورنر» واجهت مأزقاً تجارياً كبيراً عندما أخفقت أفلام سوبرمان الأخيرة، ومنها «سوبرمان يعود»، و«باتمان ضد سوبرمان»، في تحقيق إيرادات كبيرة.
في الوقت ذاته كانت «ديزني» تنجز انتصارات متوالية عبر شخصياتها، وجزء من نجاحها يعود إلى المخرج «جيمس غن» الذي فهم العقلية النفسية للمشاهدين، وللشخصيات ذاتها، وأنجز أفلاماً لحساب «ديزني» كانت في عداد أعمالها الناجحة.
فجأة، يسود سوء تفاهم بين «غن» و«ديزني». وهناك روايتان، الأولى أن السبب هو عدد من المنشورات غير الأخلاقية أقدم عليها المخرج على بعض المنصّات الاجتماعية، والأخرى تقول إن السبب هو خطط المخرج لتقديم شخصيات «مارفل» على نحو لم يثر رضى «ديزني».
انتبهت «وورنر» لهذا الخلاف، وقامت على الفور بتقديم عرض لا يمكن رفضه: عرضت على المخرج- المنتج أن يتولّى إدارة إنتاجات «دي سي، كمنتج وكمخرج، ويعيد تأسيس شخصياتها بأفلام جديدة، فقبل المهمّة شرط أن تكون له اليد الأولى في الاختيار والتنفيذ، الأمر الذي نال قبولاً لدى «وورنر».
سوبرمان.. بطل جديد- قديم
بذلك يختلف «سوبرمان» الحالي، من حيث رغبة مخرجه في إرساء الشخصية من جديد، وبشكل مغاير، من دون أن يُغيّر في سمات وملامح الشخصية، ومغامراتها. ويعيد سرد الحكاية الأولى التي ضمّت أصول سوبرمان (من دون الغوص كثيراً في تاريخه)، وكيف وجد نفسه على الأرض، وتنكّر في شخصية مصوّر صحفي، وكيف وقع في حب زميلته الصحفية، من دون أن يكشف لها شخصيته الحقيقية، إلّا لاحقاً.
ليس الفيلم دراما عاطفية، بل ضمّن «غن» السيناريو الذي قام بكتابته بنفسه، ما يبحث عنه الهواة من تشويق، وقتال، وأكشن، وضمّها جميعاً إلى مؤثرات لم نرها تقع من قبل في أيّ من أفلام سوبرمان الأخيرة لا من حيث الفكرة، ولا من حيث نجاح التنفيذ.
تقوم الحبكة على اكتشاف سوبرمان أن دولة أوروبية شرقية، اسمها بورافيا، تطمح إلى غزو جارتها جارهندور. الأولى قويّة والثانية ضعيفة، فيما يبدو صدى للحرب الأوكرانية. سيقف سوبرمان إلى جانب جارهندور. هنا سيجد غريمه القوي لوثر (الذي يؤيد بورافيا) الفرصة مُتاحة للنيل منه. سيوظّف علاقاته بأعضاء في الكونغرس ومؤسسات الـ«سوشيال ميديا» التي يملكها، للإساءة إلى سمعة سوبرمان، وتحجيمه. بل سيذهب إلى أكثر من ذلك، عندما يُشيع أن سوبرمان ما هو إلا عميل أجنبي معاد لأمريكا. وسيجد لوثر من يصدّق دعواه، وسيضع سوبرمان أمام امتحان مع قاعدته الشعبية التي باتت تعاديه.
لكن، إذ يرسم السيناريو هذه الخريطة لتقديم شخصية سوبرمانية جديدة إلى حدّ، يغفل عن منح بطله القدرة على التعلم من أخطائه. سيقع ثم ينهض، ويبدأ من جديد. لا وقت للمراجعة أو للتخطيط. يزيد المشكلة التفاف فريق ثلاثي من المؤيدين لسوبرمان حوله، ما يجعل الفيلم موزّعاً بين شخصيات تمعن في تحجيم سوبرمان كفرد.