تتكاثر أفلام الزومبيز من حولنا. ونتساءل في أعماقنا عمّا إذا كان المستقبل سيحفل بمثل تلك الوحوش التي تظهر في هذه الأفلام أنها كانت بشراً في أحد الأيام، قبل أن تتحوّل إلى موتى- أحياء يجوبون العالم بحثاً عن طعام من البشر؟
فيلم «28 سنة لاحقة»، 28Years Later، من إخراج داني بويل الذي حقق الفيلم الأول من هذه السلسلة سنة 2002 (الثاني من إخراج الإسباني خوان كارلوس فرناديللو سنة 2007)، كسابقيه، يعنى بوضع الصراع بين الآدميين والزومبيز في نطاق مستقبلي، وبصورة واقعية. ولابد من إبداء الملاحظة هنا من أن تأريخ كل جزء من هذه السلسلة يعمد إلى تحديد زمني لما هو قريب. بالتالي، ما بدأ قبل 23 سنة ما زال مستمراً، ليس كحكاية أساساً، بل كفترات زمنية لم تنجح فيها الحكومات في التخلص من هؤلاء الموتى الأحياء، بل زاد انتشارهم.
في هذا الفيلم الجديد الزومبيز ما زالوا يهدّدون المجموعات البشرية التي تجاورهم. إنهم خطر ماحق يبدأ مع بداية الفيلم، ويستمر حتى نهايته. ما هو جديد، في نطاق الحبكة، هو استنساخ الواقع في صورة سياسية موحية. البشر في محميّتهم الصغيرة من دون أسلحة فعّالة، وحالهم أقرب إلى فترة تاريخية بعيدة ممّا هو مستقبل قريب. كذلك تبدو بريطانيا مفصولة، لا جغرافياً فقط، عن باقي أوروبا، بل متروكة لمصيرها من قِبل جيرانها. لا حديث عن استفحال الزومبيز في باقي أوروبا والعالم، لكن هناك الإيحاء بأن ما يقع أمامنا منتشر في كل مكان.
وكعادة الفيلمين السابقين، وبسبب جدّية التناول، «28 سنة لاحقة» مخيف، لا لمشاهده، بقدر ما هو مخيف كتوقع. الكثير ممّا عرضته السينما من أفلام خيال، علمية أو مرعبة، أو حتى سياسية (مثل «1984 عن رواية جورج أوروَل)، تحقق فعلاً (جهاز التلفزيون الأول ظهر في الثلاثينات)... وهذا هو الجزء المخيف الذي يبقى معنا بعد خروجنا من فيلم جيد الصنع كهذا الفيلم.