فوجئ مالك فيلا أثناء تواجده فيها، بحضور رجل يحمل معه مفتاحاً، وأمتعته الشخصية، ويَهمّ بالدخول إلى المكان، من دون «أحم ولا دستور»، ليسارع إلى إيقافه، والاستفسار منه عن سبب تعدّيه على ملكيته الخاصة، فيردّ الأخير عليه بتأكيد قيامه باستئجار الفيلا عارضاً عقد الإيجار.
«المالك المصدوم» نفى قيامه بعرض الفيلا للإيجار من قبل، ونقل صدمته إلى المُستأجر، الذي أدرك أنه دفع 330 ألف درهم لمُحتالين خدعوه، واستولوا على ماله بعقد إيجار غير حقيقي.
تفاصيل القصة، وكيف تعرّض المُستأجر لخداعٍ مُتقنٍ ومُحكم، اطّلعت «كل الأسرة»، عليها من حكمٍ قضائي:
بدأت تفاصيل القضية عندما بحث رجل عن فيلا فخمة للاستئجار، وتواصل مع شخصين من معارفه من أجل مساعدته على هذا الأمر، حيث استدلّا على فيلا تقع في منطقة راقية.
تواصل الاثنان مع شخص يُفترض أنه وسيط عقاري، وأكد لهما أن الفيلا للإيجار، وأن قيمة إيجارها تصل إلى 310 آلاف درهم، إضافة إلى مبلغ 20 ألف درهم يُدفع كضمان.
أرسل الوسيط عبر موقع التواصل الاجتماعي رابطًا لموقع الفيلا، فتوجه الرجل إليها رفقة صديقيه، ثم أبدى رغبته في استئجارها.
حدّد الوسيط موعداً للقاء الشخصي مع الرجل وصديقيه، في أحد المقاهي، بعد أن أبلغهم أنه سيحضر برفقته مالكي الفيلا للتوقيع على المُستندات، وإنهاء الإجراءات..، يقول الرجل المُستأجر:«حضر الوسيط العقاري، ومعه رجل، وامرأة كبيرة في العمر كانت تُغطي وجهها، وادّعوا أنها مالكة الفيلا، وأن هذا الرجل هو ابنها».
اتفق الطرفان في المقهى على بنود عقد الإيجار، ويضيف المستأجر: «قمت بدفع 330 ألف درهم، وتم تحرير عقد الإيجار الذي يتضمن رقم الفيلا، وقطعة الأرض، ومساحتها البالغة 1249 قدماً، ثم وقعنا على الأوراق، واستلمت المفتاح لبدء عملية نقل أمتعتي والسكن مباشرة».
مَن أنت؟...
غادر الجميع المقهى، وبعد ذلك توجه المُستأجر حاملاً مقتنياته وأمتعته إلى الفيلا من أجل السكن وتجهيز كل المحتويات، لكن مفاجأة كانت في انتظاره، تمثلت في وجود رجل يسكن في المكان.
تبادل الطرفان الحديث وسط صدمتهما، فقد تبيّن أن الرجل هو مالك الفيلا الحقيقي، وأكد للمستأجر أنه لم يعرضها للإيجار مُسبقاً، فيما قصّ المستأجر عليه ما حدث معه، وأنه شاهد الفيلا وأُعجب بها، وأنه من الواضح تعرّض إلى عملية احتيال.
الوسيط يُماطل في الرد
على الفور، باشر المُستأجر برفقة صديقيه بالاتصال بالوسيط العقاري الذي أرشدهم إلى الفيلا.. يقول: «تواصلنا معه عدة مرات من أجل إعادة المبلغ، إلا أنه كان يماطل».
أدرك المستأجر، في ظل المماطلة، أنه تعرّض لعملية احتيال، فقدم بلاغاً إلى الشرطة على الوسيط العقاري، شارحاً ما حدث معه من تفاصيل.
الوسيط يدعي: لا علاقة لي
تمكنت الجهات الشرطية من إلقاء القبض على الوسيط، الذي قدم روايته عمّا حدث، مُدعياً أن صديقَي المستأجر تواصلا معه فعلاً، وأبلغاه أنهما شاهدا فيلا، ويرغبان في معرفة مالكها من أجل استئجارها.
وأضاف «أنه تواصل مع شخصين من أجل معرفة بيانات مالك الفيلا، فأفاداه بأنهما على علاقة مع مالكي الفيلا، وأنهما سيتواصلان معه لتحديد موعد له معهما، وبعد ذلك حدث اللقاء بين المستأجر وصديقيه، والمرأة الكبيرة في العمر وابنها، وتم الاتفاق على إبرام العقد والتوقيع عليه».
وأكد الوسيط أنه حرر الوصل المالي بخط يده بعد توقيع العقد، فيما سلّم المستأجر مبلغ المال للمرأة، في حين سلّمته المرأة مفتاح الفيلا، مبيناً أنه حصل على مبلغ 12 ألفاً و500 درهم ثمن الوساطة، مُدعياً في الوقت ذاته «عدم معرفته بأن المرأة وابنها ليسا المالكين الحقيقيين للفيلا».
لائحة اتهام
لم تكن رواية الوسيط مقنعة في ظل غياب الدلائل الحقيقية على أقواله، وكشفه لهوية المتورطين معه، بخاصة المرأة التي ادعت ملكيتها للفيلا، وابنها، لذلك رفعت النيابة العامة لائحة اتهام بحقه إلى الهيئة القضائية في المحكمة الابتدائية، بتهمة «التوصل إلى الاستيلاء لنفسه مع آخرين هاربين على مبلغ 330 ألف درهم من المجني عليه، بالاستعانة بطريقة احتيالية، وإيهامه بأن لديهم فيلا للإيجار، وتقديم ادعاءات كاذبة له».
وطالبت النيابة العامة بمعاقبته عملاً بالمادة 451 البند أولاً من المرسوم بقانون اتحادي رقم 31 لسنة 2021 بإصدار قانون الجرائم والعقوبات، والتي تنص على: «يُعاقب بالحبس أو بالغرامة كل من توصل إلى الاستيلاء لنفسه أو لغيره على مال منقول أو منفعة أو سند، أو توقيع هذا السند أو إلى إلغائه أو إتلافه أو تعديله، وذلك بالاستعانة بطريقة احتيالية أو باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة، متى كان من شأن ذلك خداع المجني عليه وحمله على التسليم».
المحكمة: الوسيط متورط والمماطلة في الرد دليل
نظرت محكمة الجنايات القضية، ورأت أن الوسيط متورط في التهمة الموجهة إليه، بخاصة أنه كان يماطل في الرد على المُستأجر، وإعادة المال له، مُشيرة إلى أن «إنكاره للتهمة المُسندة إليه لا يدرأ مسؤوليته إزاء أدلة الثبوت بحقه، ولا يعدو أن يكون محاولة منه للإفلات من يد العدالة وتبعاتها، والإفلات من العقاب».
حبس وغرامة وإبعاد
قضت المحكمة في نهاية حكمها، بحبس الوسيط لمدة 3 أشهر، وتغريمه مبلغ 330 ألف درهم، أو يُحبس عن كل 100 درهم لمدة يوم واحد، وأمرت بإبعاده عن الدولة بعد قضاء مدة الحكم.
اقرأ أيضاً: «وسيط عقاري» مزيف يخدع زوجين ويسرق منهما 147 ألف درهم