مبادرة الشيخة فاطمة بنت محمد بن زايد.. تمكين المرأة من أفغانستان إلى تنزانيا والإمارات

تشهد المبادرات الإنسانية الرائدة التي تنطلق من دولة الإمارات حضوراً قوياً، وبصمة راسخة للمرأة الإماراتية، لا بصفتها مشاركة فحسب، بل كقائدة ومبادِرة، وصاحبة أثر. وبدعم مباشر من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، جسّدت سمو الشيخة فاطمة بنت محمد بن زايد، هذا الحضور الملهم من خلال مبادرة إنسانية شاملة، أطلقتها برؤية ثاقبة، من أجل تعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة، وتمرير التراث الثقافي والعمل المجتمعي المتكامل، كنموذج عملي يُحتذى به، داخل الإمارات وخارجها.


حاورت «كل الأسرة» خالد التركي، مدير المشاريع والتسويق في «مشروع الشيخة فاطمة بنت محمد بن زايد»، خلال فعالية «ملاذ الصيف» التي نظمها مرسيدس-بنز، في حي دبي للتصميم (D3)، والتابع لمجموعة قرقاش. وقد شهدت الفعالية أيضاً مشاركة مبادرة «ميرا»، أحد المشاريع التابعة إلى «مبادرة الشيخة فاطمة بنت محمد بن زايد»، عبر دورة تدريبية احترافية قدمت للزوار تجربة مميّزة، جمعت بين التذوق والتثقيف في عالم الشوكولاتة، ضمن سلسلة الأنشطة الصيفية التي يحتضنها المركز، وتجمع بين التصميم والابتكار، والثقافة، والتكنولوجيا وفنون الطهي، في مساحة واحدة .

ما الرؤية التي انطلقت منها «مبادرة فاطمة بنت محمد بن زايد»؟
المبادرة تأسست برؤية إنسانية تهدف إلى تمكين المرأة، خصوصاً في المجتمعات المتأثرة بالنزاعات والصراعات. انطلقت من أفغانستان عام 2010 لتوفير فرص عمل كريمة للنساء، خصوصاً الأرامل والمُعيلات، مع ضمان التدريب، والرعاية، والتعليم المجاني لأطفالهن. الهدف الأساسي هو بناء نموذج تنموي مستدام يحترم الثقافة المحلية، ويُعزز الاستقلال الاقتصادي.
كيف تُجسّد المبادرة مفهوم المؤسسة الاجتماعية؟
تُعتبر المبادرة نموذجاً متكاملاً للمؤسسة الاجتماعية، حيث تدمج الاقتصاد بالإحسان. فهي لا توزع مساعدات تقليدية، بل تبني قدرات الأفراد. النساء العاملات يحصلن على أجور شهرية تفوق المعايير الدولية، في بيئة آمنة تحفظ كرامتهن، ما يُسهم في تحقيق الاستقرار الأسري والمجتمعي.


لماذا يتم التركيز بشكل خاص على تمكين النساء؟
لأن النساء هنّ العمود الفقري للمجتمع، ويمتلكن مهارات تقليدية متجذرة في الثقافة، مثل نسج السجاد والزراعة. كما أن دعم النساء ينعكس مباشرة على الأطفال، والأسر، والمجتمع ككل. وتمكينهن يمنحهن فرصة للاستقلال المالي، ويعزز مشاركتهن في الحياة العامة، كما حدث مع السيدة مليحة، التي بدأت كنسّاجة، وأصبحت اليوم عضوة في مجلس الشورى في بلدها.


حدثنا عن «زولية» ودورها ضمن هذا النموذج..
«زولية» هي العلامة التجارية لمنتجات السجاد اليدوي التي تصنعها النساء في أفغانستان، ضمن المشروع. ما يميز «زولية» هو التكامل: من قص صوف الأغنام، إلى الغزل، ثم النسج اليدوي، بأساليب عضوية تحافظ على التراث الثقافي. وتُعرض المنتجات في الإمارات، وتُعاد استثمارات أرباحها لدعم المشروع. وقد وصلت هذه المنتجات إلى جهات عالمية مرموقة، كالقصر الرئاسي الإماراتي، ومتاجر «Gucci»، بل قُدمت كهدايا رسمية لقادة، مثل باراك أوباما، والبابا فرانسيس.

هل توسّعت المبادرة إلى دول أخرى؟
نعم، المبادرة امتدت إلى تنزانيا من خلال مشروع «هنقر» الذي يركّز على دعم زراعة الكاجو والمكسرات بطرق مستدامة. وفي زنجبار، يجري العمل على مشاريع لزراعة الطحالب البحرية، وإنتاج وجبات خفيفة من مواد محلية. كل هذه المشاريع تُطبق فيها نفس فلسفة التمكين والاستدامة.

ماذا عن المبادرات داخل دولة الإمارات؟
أطلقت المبادرة «الحي الإماراتي» في مطار دبي الدولي ليكون منصة لدعم وعرض المنتجات الوطنية. كما أطلقت مختبر «الدبلوماسية» الذي يجمع بين الدبلوماسيين والمجتمع المحلي في حوارات مفتوحة. وتهتم المبادرة كذلك بكبيرات المواطنات، والمشاريع الإنتاجية لبنات أسر الشهداء، وتستعد لإطلاق مشروع حي للحرفيات الإماراتيات داخل مستودع يعرض أعمالهنّ مباشرة للزوار.

ما الرسالة التي توجّهها هذه المبادرة للعالم؟
أن التنمية ليست حكراً على الموارد، بل على الرؤية. ومن خلال شراكة بين القطاع الحكومي والخاص، وإيمان حقيقي بقدرات الإنسان، يمكن خلق تغيير فعلي ومستدام. النموذج الذي انطلق من الإمارات أصبح الآن قابلاً للتطبيق في أيّ مجتمع يسعى إلى تمكين المرأة، ودعم التراث، وبناء مستقبل قائم على الكرامة والابتكار.