21 يوليو 2025

«معالج روحاني» مزيف يُفقد سيدة الوعي مرتين

فريق كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

وصف نفسه على موقع للتواصل الاجتماعي بأنه «مُعالج روحاني»، وأنه يستطيع فكّ السحر وعلاج من أصابهم مسّ، لكنه في الواقع يمارس أعمالاً «مُريبة» يستخدم فيها وصفة من عدة مواد ومكونات، ينتهي بعدها «العلاج» بحالة فقدان للوعي.

هذا ما حدث مع سيدة سقطت ضحية هذا الرجل، بعد أن تواصلت معه، وأخبرها بقدرته على علاجها من السحر الذي يُصيبها في جلسة علاج واحدة فقط.

تفاصيل القضية التي اطّلعت «كل الأسرة» عليها من حكم قضائي أدان الرجل تعود إلى أن السيدة أضافت في أحد الأيام حساباً على موقع للتواصل الاجتماعي، يدّعي فيه هذا الرجل أنه «مُعالج روحاني»، فتواصلت معه عبر إرسال رسالة خاصة له طلبت منه إطلاعه على مشكلتها:

تجاوب الرجل مع السيدة وعرّف نفسه إليها على أنه بالفعل «مُعالج روحاني» مُتخصص، وتحدّثت معه في البداية عن معاناة ابنها من حالة مرضية، فأبلغها بأن مرض نجلها ناجم عن «تعب روحاني»، وأنه مُتأثر بالسحر.

كما أخبرها الرجل بإصابتها هي الأخرى بالسحر، وسألها إن كانت قد خضعت سابقاً لعلاج أطلق عليه اسم «الصبغة»، مُدعياً أن هذا العلاج هو أفضل علاج للسحر، وأن السحر يُزال من جلسة واحدة فقط، واقترح استخدام هذه «الصبغة» لعلاجها.

تقول المرأة: «طلبتُ منه الالتقاء في مقهى لرؤية ابني والحصول على العلاج بما يُسمى الصبغة، والتي ذكر أنها عبارة عن خليط من مواد ومكونات عدة، إلا أنه رفض اللقاء في مكان عام، وأصرّ على أن يكون اللقاء في مقر سكني فقط من أجل العلاج».

عبارات غير مفهومة وفقدان الوعي

اتّفق الاثنان على اللقاء، وفي اليوم المحدّد حضر الرجل إلى مقر سكن السيدة، ودخل إلى الصالة، وبدأ في «علاجها».

وصفت السيدة ما جرى خلال الجلسة، بقولها: «قام بتلاوة عدة آيات، وترديد بعض العبارات غير المفهومة، فدخلت في حالة هيجان وصرع، وفقدان مؤقت للوعي، مع تصلب في كامل أطراف جسمي».

بعد الأفعال التي قام بها، والتي استمرت لمدة 40 دقيقة وفقاً للسيدة، عمل الرجل على إعداد «الصبغة»، وطلب منها أن تضعها على جسدها، ثم أحضر مبخرة فيها فحم، ووضع بها مادة ما، وبدأ بتنفيذ طقوس حتى فقدت وعيها مرة أخرى.

تضيف السيدة: «بعد فترة من الوقت، بدأت أستعيد وعيي، فأبلغني بأنه أتمّ علاجي، لكنه عاد وطلب مني إعادة العلاج مرة أخرى، من خلال جلستين لاحقتين، مُدعياً أنني أبطلت مفعول العلاج في الجلسة الأولى».

بعد مغادرة الرجل، راجعت المرأة تسجيلات كاميرات المراقبة في الصالة، ولاحظت أن أفعال الرجل لم تكن كما ادّعى من «علاج روحاني»، وإنما كانت مجرد احتيال ودجل واستغلال، فتقدمت ببلاغ ضده.

«أنا بريء»

بعد ضبطه، ادّعى الرجل أنه ينشر مقاطع تتعلق بالرقية على مواقع التواصل الاجتماعي، وأن السيدة تواصلت معه عبر الرسائل الخاصة، وأبلغته بأنها تعاني السحر، وأنها سبق أن تلقّت علاجات من عدد من الأشخاص المُختصين، وطلبت منه تعليمها طريقة إعداد علاج خاص بالسحر، فوافق على ذلك.

وذكر الرجل أنه توجّه إلى مسكنها بالفعل، وجلسا معاً في صالة الشقة، وأخرج دهن ورد وماء زمزم، وأن المجني عليها أحضرت ورق السدر، وملحاً خشناً، وزيت زيتون، وزعفراناً، ثم قرأ آيات على هذه المواد وخلطها بمساعدتها، وغادر المكان"، مُنكراً قيامه بأي أفعال أخرى بحقها.

أعمال مُخادعة

وجّهت النيابة العامة أمام الهيئة القضائية في المحكمة الابتدائية إلى الرجل تهمتين أبرزهما، جاء في نصها «ارتكاب أعمال من شأنها استغلال الغير والإضرار بهم، من خلال أفعال وأقوال احتيالية، واستخدام أساليب غير جائزة عقلاً، للتأثير على عقل وإرادة المجني عليها...».

يعاقب القانون على هذا الفعل عملاً بالمادة 366 البندين أولاً وثانياً من المرسوم بقانون مكافحة الجرائم والعقوبات رقم 31 لسنة 2021، والتي تنص: «يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن 50 ألف درهم كل من ارتكب، بقصد استغلال الغير أو الإضرار به، عملاً من أعمال المخادعة أو الشعوذة أو الدجل، سواءً كان ذلك حقيقة أو خداعاً، بمقابل أو بدون مقابل، ويعد من هذه الأعمال: إتيان أفعال أو التلفظ بأقوال أو استخدام أساليب أو وسائل غير جائزة أو مقبولة عقلاً للتأثير في بدن الغير أو قلبه أو عقله أو إرادته مباشرة أو غير مباشرة، حقيقة أو تخيلاً...، وتَحكم المحكمة بإبعاد المحكوم عليه الأجنبي عن الدولة».

حبس وتعويض مدني

نظر القضاء في قضية الرجل، بعد الاستماع إلى أقوال السيدة، والاطلاع على تسجيلات كاميرات المراقبة بمقر سكنها، والاستماع إلى أقوال المتهم الذي أنكر التهم مُجدداً، ودفع محاميه ببراءة موكله، لانتفاء أركان الجريمة مادياً ومعنوياً، وادّعاء التراخي في الإبلاغ، وبطلان الدليل المستمد من التسجيلات، بدعوى تقديمها من المجني عليها بشكل مُجتزأ.

صدر حكم المحكمة الابتدائية بإدانة الرجل، وقضت بحبسه لمدة ستة أشهر مع الإبعاد، وأمرت بإحالة الدعوى في شقها المدني المتعلق بطلب محامي السيدة تعويضاً مدنياً مؤقتاً لها بقيمة 51 ألف درهم إلى المحكمة المدنية المُختصة، فيما أيدتها محكمة الاستئناف في هذا الحكم بالإدانة.