16 يوليو 2025

NO OTHER LAND.. جانب آخر من المأساة الفلسطينية

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

مجلة كل الأسرة

كعادته في كل عام احتوى مهرجان أنيسي الفرنسي، الذي أنتهت أعماله مؤخراً، مجموعة كبيرة من أفلام الرسوم قادتها محاولات مميّزة بأساليبها المتباينة.. هذا واحد منها.

مجلة كل الأسرة

«لا أرض أخرى»، إخراج: باسل عدرة، يوڤال أبراهام، حمدان بلال، راتشل شور، ليس جديداً فيما يعرضه من حيث أن أفلاماً فلسطينية وأجنبية سبق لها وأن عرضته طوال خمسين سنة أو نحوها. لكن إذا ما كان مضمونه انتشر سابقاً في العديد من الأفلام، إلا أن حرصه على أن يُغلّف موضوعه بشهادات حيّة تقع أمام العين لحظة تصويرها لتوثّق ما يدور يثمر عن إفشاء دور المؤسسة الإسرائيلية في تغيير معالم حياة وشعب، يجعله شهادة مهمّة حول الموضوع الفلسطيني انطلق بنجاح كاشفاً، لمن لم يكن يعرف بعد، وضعاً لا إنسانياً تجنح فيه القوّة لقهر الإنسان العادي.

كل ما يحتاجه الجيش ورقة مختومة من محكمة تجيز له هدم منازل فلسطينية تحت ذرائع غريبة ومستهجنة مثل أن الجيش يريد الأرض المصادرة لإجراء تمرينات وتدريبات عليها. هذا وحده كل ما يتطلّبه الأمر للتوسع والتمدد. لا حاجة هنا لاستخدام القوّة العسكرية لكنها حاضرة إذا ما تمادى أصحاب الأراضي والمنازل الآيلة للهدم في احتجاجهم.

مجلة كل الأسرة

يعود عدرة إلى ماضيه في ذكريات مروية فإذا بها تكشف عن مزيد من التعسّف وقوّة الجانب المسيطر على المقادير. لكن الحاضر هو الذي يترك التأثير المطلق خصوصاً عندما تجد أن هؤلاء الذين خسروا في ساعات بيوتهم يلجأون إلى كهوف المنطقة (في الضفة الغربية) كبديل. ليس هناك داع لدى مخرجي الفيلم للإستعانة بأي حجج أو توليف مشاهد إضافية لتأكيد رسالة الفيلم. ما يعرضه الفيلم هو ممارسة ممنهجة وغير عادلة تصب جيداً كنماذج لحياة لا تُحتمل.

مجلة كل الأسرة

يتمنى المرء لو ابتعد الفيلم عن مشاهد يبدو فيها الحوار مُقرراً قبل التصوير ما يجعل المشهد يفتقر إلى التلقائية. لكن هذه المشاهد محدودة ولم تمنع عن الفيلم لا جوائزه (نال ذهبية برلين كأفضل فيلم تسجيلي ثم أوسكار أفضل فيلم تسجيلي بين تقديرات وأوسمة أخرى) ولا إعجاب النقاد الغربيين به. هؤلاء ومشاهدون عديدون عايشوا الوضع كما هو بسيطاً في الشكل وعميقاً في المضمون والأبعاد، فيه جانباً آخر من المأساة الفلسطينية.