14 يوليو 2025

بلاغ من مريضة كشف اللغز.. سقوط طبيبة التجميل والمركز الطبي الوهمي

فريق كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

انتحلت صفة طبيبة لتحقيق حلمها القديم، والصدفة وحدها هي التي قادتها إلى السجن. اختمرت الفكرة المجنونة في رأسها بسبب جنون وهوس الشهرة، وساعدها على هذا الأمر حبيبها تاجر المستلزمات الطبية، لكن بسبب خطأ طبي تم كشف تفاصيل خطرة، دفعت الجميع إلى غياهب المجهول، وكان سقوطها مدوياً، وانتهت رحلتها الإجرامية.

نشأت بطلة القصة وسط أسرة متوسطة الحال، كانت تحلم دائماً بأن تخرج من قفص العادات والتقاليد التي كانت تعيش فيها. كان حلمها أن تصبح طبيبة مشهورة، أو نجمة سينمائية معروفة، لدرجة أن البعض أطلق عليها مجازاً لقب «الدكتورة»، لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه. خاب أملها في الالتحاق بإحدى كليات الطب الحكومية، بسبب درجات قليلة منعتها من تحقيق حلمها، البديل الوحيد الذي كان متاحاً أمامها هو الالتحاق بإحدى كليات الطب الخاصة، لكن تحقيق الأمر كان مستحيلاً، نظراً لظروف الأسرة. أحلام كثيرة انهارت فجأة فوق رأسها، كأنها كانت تبني قصوراً من الرمال، وفي نهاية المطاف، لم يكن أمامها سوى تحقيق جزء صغير جداً مما سعت إليه، من خلال التحاقها بكلية التمريض بوسط العاصمة.

مشروع خاص شيطاني

مرّت سنوات الدراسة، بحلوها ومرّها، وخلال هذه المدة ارتبطت الممرضة الجميلة بصديق لها كان يعمل في مجال تجارة المستلزمات الطبية، نجح في الاستحواذ على قلبها، وكيانها، اتفقا معاً على الزواج عقب الانتهاء من سنوات الدراسة. كل أحلامها كانت مع هذا الشخص، ولا شيء غيره، وربما كانت تعدّ الأيام والليالي حتى يجتمعا معاً.

انتهت سنوات الدراسة، ونجحت الفتاة في الالتحاق بالعمل في أحد مستشفيات التجميل الكبرى، كانت متميزة جداً، لدرجة أن الجميع، سواء من المرضى أو الأطباء، يؤكدون أنها أكثر من ممرضة شاطرة، كانت بالفعل متميزة، إضافة إلى إجادتها للغات الأجنبية، مع جمالها الأخاذ. كل هذه الأمور مجتمعة، جعلتها في مكانه متميزة، ونجحت في اكتساب ثقة الجميع. أما على الجانب الآخر، كان حبيبها يكاد يصل الليل بالنهار، من أجل توفير المال اللازم للارتباط بمن اختارها قلبه. كانت الأمور تسير بين الطرفين على أفضل ما يكون، إلى أن عبث الشيطان برأس الممرضة الجميلة، وفكرت في تنفيذ مشروعها الخاص الذي يمثل بالنسبة إليها نقلة نوعية في حياتها.

عيادة طبية مزيفة

فكّرت المُمرضة الحسناء في احتراف مهنة الطب استغلالاً لتميّزها، وعلمها بكثير من الأشياء أثناء فترة عملها في المستشفى الاستثماري الكبير. فاتحت حبيبها في هذا الأمر، والمفاجأة أنه رحّب بشدّة، بهذه الفكرة المجنونة، كما عرض عليها تزويدها، من خلال عمله، بكل الأجهزة الطبية اللازمة لتحقيق حلمها، ومشروعها. أيام عدّة ظلت هذه الفكرة تراودهما، حتى اكتملت أركانها.

اقترحت الفتاة على حبيبها مساعدتها مقابل نسبة من الأرباح المتوقعة عن طريق استقدام الزبائن لها، وعمل الدعاية، والإعلان، والتسويق اللازم للترويج للمشروع، لكن الأمور لم تكن بهذه البساطة، كان لابّد لها من بعض الترتيبات والتجهيزات حتى يكون الأمر مُقنعاً للضحايا من الزبائن. جرى استئجار مكان في أحد الأماكن المتطرفة بعيداً عن الرقابة، وتم تجهيزه بأفضل الأثاث الباهر، كما تم عمل جلسة تصوير بشكل خرافي للطبيبة المزيفة، وهي ترتدي المعطف الأبيض، كما تم تزوير بعض الشهادات والدورات العلمية الوهمية، لتُزين حيطان العيادة.. والآن أصبح كل شيء جاهزاً للتنفيذ، وبدأ الزبائن بالتوافد على عيادة الطبيبة المزيفة.

خطأ طبي فضح المستور

ذاع صيت المركز الطبي، وحقق نجاحاً في هذا المجال، عن طريق النصب والخداع، وتدفقت عليه الأموال والهدايا. وفي حقيقة الأمر كانت كل نصائح الطبيبة المزيفة، ووصفاتها العلاجية نتيجة القراءات المختلفة، أو أنظمة طبية تخص أطباء آخرين كانت تعمل معهم، ومن ثم تقوم بكتابتها بطريقتها الخاصة، ووصفها للمرضى. لم تتوقف الطبيبة، أو تتراجع عن العمل الإجرامي، ويبدو أن الأرباح الكبيرة خدعتها، ودفعتها إلى الاستمرار، إلى أن ارتكبت خطأ طبياً في إحدى عمليات التجميل للجسم، حيث تسببت بإصابة المريضة بمضاعفات خطرة، وحالتها الصحية، وحالة جسدها، وبشرتها، كانت تسير من سيئ إلى أسوأ، ما دفع الفتاة الضحية إلى الذهاب إلى طبيب آخر، وقصّت عليه تفاصيل ما حدث معها، ليؤكد لها الطبيب أن ما تتحدث به يمثل جريمة طبية، لا يمكن أن تحدث من طبيب تجميل، لأن المريضة يجب أن تخضع لبعض التحاليل المُلزمة، والتي بناء عليها يتم تحديد نوعية العلاج، ونوعية العملية، وهذا لم يحدث إطلاقاً.

وقع الكلام على رأس المريضة التي شُوهت ملامحها، كالصاعقة، ما دفعها لتقديم بلاغ إلى الجهات الطبية المختصة، كما حرّرت محضر شرطة ضد الطبيبة، ومركز التجميل المُزيف، وهي لا تعلم ماذا تخبئ لها الساعات المقبلة، حيث تحركت على الفور لجان فحص طبية لدراسة الشكوى، وكانت أولى المفاجآت أنه لا توجد طبيبة في نقابة الأطباء مدوّنة بهذا الاسم من الأساس، أما ثانية المفاجآت فكانت في عدم وجود تراخيص حقيقية لهذا المركز الطبي المزعوم.

تحركت على الفور قوة من رجال مباحث العاصمة لمداهمة المركز الطبي، حيث انكشفت الحقائق تباعاً، وتبين أن الشهادات الطبية جميعها مُزيفة، كما أن خطيب الفتاة شاركها في تجهيز المركز الطبي بأجهزة طبية سليمة، لكن من دون ورق رسمي يثبت أنه يستعمل داخل عيادة طبيبة، إضافة إلى بعض الأدوية والعلاجات منتهية الصلاحية. كان السقوط مدوياً أثناء تواجد المرضى في العيادة، حيث تم القبض على الطبيبة المُزيفة، وإغلاق المركز الطبي الوهمي، وإحالة المتهمة، وشريكها، إلى النيابة العامة.

تم تحرير محضر بالواقعة، وإحالة المتهمة، وخطيبها، إلى النيابة العامة، التي أمرت بحبسهما 15 يوماً على ذمة التحقيقات الجارية معهما، حيث وجهت لهما النيابة العامة مجموعة من تُهم الجرائم الخطرة، منها التزوير في الأوراق الرسمية، والتزييف، وانتحال الصفة، وتضليل العدالة، وممارسة مهنة الطب من دون ترخيص، كما وجهت لهما تهمة التهرّب الضريبي، وإنشاء مركز طبّي مخالف للاشتراطات والمواصفات القياسية.

* إعداد: كريم سليمان