لا يؤدي التغير المناخي إلى ذوبان الجليد في القطبين فحسب، ففي مناطق كثيرة من العالم يذوب الجليد بسرعة كبيرة، ولقد أظهرت دراسة نشرت في مجلة «Nature» في عام 2021 أن إيقاع ذوبان الجليد في العالم قد تضاعف بين عامي 2010 و2019 مقارنة بالسنوات العشرة السابقة.
ماذا يحدث في كندا؟
تشهد الأنهار الجليدية في غرب كندا ذوباناً متسارعاً، فقد فقدت بعض الأنهار الجليدية هناك ما يقارب 12% من كتلتها بين عامي 2021 و2024، الأمر الذي يثير قلقاً عالمياً. ويتوقع العلماء أن تفقد ألبرتا وكولومبيا البريطانية قرابة 70% من أنهارها الجليدية بحلول عام 2100. لكن ما الذي حدث منذ ذلك الوقت وأدى إلى تسارع ذوبان الجليد؟
يقول الباحثون في جامعة كولومبيا البريطانية في كندا إن الغرب الأمريكي وشمال سويسرا قد شهدا خلال السنوات الأربعة الأخيرة ذوباناً للجليد بمعدل ضعف ما حدث خلال السنوات العشرة السابقة. وفي كندا، يتسبب ذوبان الجليد في غمر مدينة تورنتو البالغة مساحتها 630 كيلومتراً مربعاً بمقدار 35 متراً كل عام.
يُذكر أن كندا تضم نسبة كبيرة من الأنهار الجليدية في العالم، تقع بمعظمها في غرب البلاد وفي المناطق الشمالية.
تغير المناخ وعوامل أخرى:
ليس ارتفاع درجات الحرارة العامل الوحيد الذي يؤدي إلى ذوبان الأنهار الجليدية، فكما يوضح الباحثون في مجلة «رسائل الأبحاث الجيوفيزيائية»، من خلال تتبعهم ذوبان الجليد، أن ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض معدل هطل الأمطار على الرغم من كونهما السببين الرئيسيين لهذه الظاهرة لكنهما ليسا العاملين الوحيدين المؤثرين في ذوبان الجليد بين عامي 2020 و2024، فتلوث الغطاء الثلجي يلعب أيضاً دوراً كبيراً في ذوبان الأنهار الجليدية. على سبيل المثال، تمتص الأنهار الجليدية السويسرية المغطاة برمال الصحراء الكبرى كميات أكبر من الأشعة الشمسية، فترتفع درجة حرارتها ويتسارع ذوبان الجليد فيها، على عكس تلك التي تظل بيضاء ناصعة فتحافظ على برودتها.
ولقد لاحظ الباحثون هذه الظاهرة بوضوح في عام 2023، بعد أسوأ موسم حرائق غابات في تاريخ كندا، حيث ترسّب الرماد على الأنهار الجليدية، وكان ذلك سبباً من أسباب ذوبان الجليد بمعدل عال.
وما يقلق الباحثين في جامعة شمال كولومبيا البريطانية هو أن ظاهرة الذوبان هذه لا توضع في الاعتبار في توقعات المناخ. ويقولون إن الأنهار الجليدية لن تصمد أكثر من 30 عاماً بدلاً من بقائها 50 عاماً كما هو مفترض. والفرق كبير بين هذه المدة وتلك، فعلى المدى القريب يُفاقم تسارع ذوبان الجليد المخاطر الجيولوجية، كالفيضانات المفاجئة التي تُسببها البحيرات الجليدية. وعلى المدى البعيد قد يُؤثر ذلك في النظم البيئية والمجتمع.
آثار تسارع ذوبان الأنهار الجليدية:
يؤدي الذوبان المتسارع للأنهار الجليدية، سواء في كندا أم غيرها من مناطق العالم، إلى حدوث أضرار جسيمة تنعكس على كل أشكال الحياة على الأرض، نذكر منها:
- ارتفاع مستوى سطح البحر.
- الانعكاس السلبي على الموارد المائية.
- زيادة مخاطر الفيضانات.
- تأثيرات سلبية في النظم البيئية بما في ذلك الحياة البرية.
- تغيرات مناخية تتضمن تغيرات في درجات الحرارة والرطوبة في المناطق المحيطة بالأنهار الجليدية، وتأثيرات سلبية في الحياة البرية والنباتية.