تاجر ومروّج مواد مخدرة كاد طمعه في الحصول على ربح مبلغ مالي بسيط جداً أن يقوده إلى عقوبة الإعدام، إلا أن القضاء ارتأى تخفيض العقوبة إلى السجن المؤبد، وذلك بعد أن سقط هذا التاجر في شرّ أعماله.
بدأت تفاصيل قصة سقوط «التاجر»، التي اطّلعت عليها «كل الأسرة» من حكم قضائي صدر بحقه، عندما تلقت الجهات الشرطية المُختصة في مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية بلاغاً من أحد الأشخاص، يفيد بأن هناك تاجراً للمواد المخدرة عرض بيع سموم له:
وبينت التفاصيل أن الجهات الشرطية باشرت بإعداد كمين للتاجر، بالتنسيق مع الشخص المُبلغ، الذي عرض عليه التاجر بيعه مادة الماريجوانا غير المُصرح بتعاطيها في الدولة.
وبالفعل، تواصل الشخص مع التاجر، واتفقا على اللقاء من أجل إتمام عملية شراء الماريجوانا بقيمة 200 درهم، على أن يكون اللقاء بالقرب من إحدى الحدائق العامة.
في الموعد المحدد، أعدّت الجهات الشرطية كميناً للتاجر في المكان، فيما انتظر الشخص المُشتري حضوره بفارغ الصبر، إلى أن غربت الشمس، وبدأ الظلام يُخيّم على المكان.
ظهر حذراً
في هذا الوقت، ظهر رجل يمشي بكل حذر، وبدأ يقترب شيئاً فشيئاً من المُشتري، إلى أن وصل إليه، بعد أن اعتقد أنه في أمان، وأن خطته لبيع المخدر ستنجح.
سلّم التاجر المخدر إلى المُشتري، وتسلم منه مبلغ 200 درهم، ووضعها في جيبه، وهمّ بسرعة بمحاولة مغادرة المكان، إلا أن رجال الشرطة كانوا في انتظاره وانقضّوا عليه، فحاول الهرب وقاوم عملية إلقاء القبض عليه، إلا أنهم تمكنوا من السيطرة عليه.
بعد التمكن منه عثر رجال الشرطة في جيب التاجر على الـ200 درهم ثمن ما باعه له من مادة مخدّرة، وكانت عبارة عن لفافتين من الماريجوانا تزنان 80.2 جرام.
اختلاق رواية
لشدّة صدمته من إلقاء القبض عليه، حاول التاجر الادعاء بأنه حضر من أجل لقاء صديقه ليتعاطيا معاً، وليس من أجل بيع المادة المخدرة، إلا أنه تراجع عن روايته بعد أن اكتشف أن الشرطة تعرف حقيقته، وأنها كانت قد أعدت كميناً مُسبقاً له.
الرواية الحقيقية... صدمة الـ50 درهماً!
أقر التاجر بحقيقة قصته فيما بعد، وأكد أنه حصل على المادة المخدرة من أحد الأشخاص من موطنه الأم، بعد أن قابله في إحدى محطات الوقود قبل عدة ساعات من القبض عليه، مشيراً إلى أن هذا الشخص زوده بالمادة المخدرة مقابل مبلغ 150 درهماً.
وقال التاجر: «اشتريت المادة المخدرة مقابل 150 درهماً، وكنت أعتزم بيعها لغرض الحصول على ربح قدره 50 درهماً».
الطمع في ربح 50 درهماً فقط كان كفيلاً بأن يُسقط تاجر المخدرات «الصغير»، وهذه الـ50 درهماً ستكون آخر صفقة يسعى لإتمامها في حياته خارج السجن، وستضع نهاية لأعماله الضارة وغير القانونية.
المطالبة بالإعدام
بعد ضبطه، رفعت النيابة العامة لائحة اتهام بحق التاجر إلى الهيئة القضائية في المحكمة الابتدائية، موجهةً إليه تهمتين «الأولى حيازة بقصد الاتجار لمادة الماريجوانا المخدرة في غير الأحوال المرخص بها قانوناً»، إلى جانب تهمة «تعاطي مؤثر عقلي (مركب حمض التتراهيدروكانابينول) في غير الأحوال المرخص بها قانوناً، وذلك بعد أن ثبت تعاطيه أيضاً بموجب الفحوص الطبية».
وطالبت النيابة العامة بمعاقبة المتهم على التهمة الأولى «الاتّجار» عملاً بالمادة 57 البند ثانياً من المرسوم بقانون مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، والتي تنص على عقوبة الإعدام للمُتاجرين بالمخدرات.
كما طالبت النيابة بمعاقبته على تهمة التعاطي عملاً بالمادة 41 البند أولاً، التي تنص على أنه: «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر أو بالغرامة التي لا تقل عن عشرين ألف درهم ولا تزيد على مائة ألف درهم كل من تعاطى بأي وجه، أو استعمل شخصياً، في غير الأحوال المرخص بها، أو تعاطى بجرعات أكثر مما هو محدد بالوصفة الطبية…».
نجا من الإعدام لهذا السبب...
دانت المحكمة الابتدائية التاجر بالتهمتين الموجهتين إليه، لكنه نجا من عقوبة الإعدام، فوفقاً لتفاصيل الحكم فإن المحكمة رأت «أن التهمتين المسندتين إلى المتهم قد انتظمهما مشروع إجرامي واحد، وارتبطتا ببعضهما ارتباطاً لا يقبل التجزئة، الأمر الذي ترى معه اعتبارهما جريمة واحدة، والقضاء بالعقوبة المقررة للجريمة الأشد، عملاً بالمادة 89 من المرسوم بقانون اتحادي بشأن الجرائم والعقوبات».
وأضافت المحكمة «أن القانون قد ربط لجريمة الاتجار في المواد المخدّرة عقوبة الإعدام، عملاً بالمادة 57 البند ثانياً من المرسوم بقانون اتحادي في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية وتعديلاته، وأنه يجب لتوقيع تلك العقوبة تحقّق إجماع آراء القضاة، وفي حالة عدم تحقّق الإجماع تُستبدل بعقوبة الإعدام عقوبة السجن المؤبد. وإذ لم يتحقق إجماع آراء القضاة في الدعوى الماثلة بشأن المتهم فإن المحكمة تقضي بمعاقبته بالسجن المؤبد».
إلى جانب حكم المؤبد، قضت المحكمة في حكمها أيضاً بمنع المتهم من تحويل أو إيداع أي أموال للغير، بذاته أو بواسطة الغير، إلا بإذن من مصرف الإمارات المركزي بالتنسيق مع وزارة الداخلية، لمدة سنتين بعد انتهاء تنفيذ العقوبة، إلى جانب الحكم بإبعاده عن الدولة بعد قضاء مدة الحكم.