منذ أيام ثار بركان إتنا في جزيرة صقلية الإيطالية، ففرّ السياح من المنطقة وعلت أعمدة الدخان في الهواء أمتاراً، فعمت حالة من الذعر بين السكان، فالبركان نشط، وهو لا ينام نوماً عميقاً، وحينما يستيقظ وينفجر يثير الخوف والهلع... ترى ماذا تخبئ البراكين في بطونها؟ ولِمَ تنام ثم تستيقظ كالوحوش الغادرة؟ وما أكثر البراكين نشاطاً في العالم؟
إتنا
قال المعهد الوطني للجيوفيزياء وعلم البراكين في إيطاليا إن ثوران إتنا الأخير، وهو من أكثر البراكين نشاطاً في العالم، قد تسبب في تدفق بركاني حطامي سريع وكثيف، ناتج على الأرجح عن انهيار جزئي في الحافة الشمالية للحفرة الجنوبية الشرقية. وأصدر المعهد تحذيراً جوياً باللون الأحمر لفترة وجيزة، قبل أن يخفض لاحقاً إلى اللون البرتقالي، مع استمرار مراقبة نشاط البركان.
كيف تتشكل البراكين؟
تتوزع البراكين في كل مكان على سطح الأرض، فهي تشكل جزءاً لا يتجزأ من جيوديناميكية الأرض، وتساهم في حركة الصفائح التكتونية منذ نشأة الأرض.
ويوجد حالياً قرابة 1500 بركان نشط على سطح الأرض. وعلى الرغم من توزع البراكين في جميع القارات، وتحت سطح المحيطات، فإن خريطة البراكين العالمية تظهر أنها ليست موزعة بالتساوي في جميع أنحاء العالم.
وتتركز البراكين غالباً على طول خطوط الطول. ويكفي أن نحاول مطابقة خريطة البراكين وخريطة الصفائح التكتونية لنلاحظ أن البراكين تقع بشكل رئيسي عند حدود الصفائح.
علاقة البراكين بالصفائح التكتونية
ترتبط البراكين ارتباطاً وثيقاً بحركة الصفائح التكتونية، فهي توجد عند حدود الصفائح الممتدة، مثل حواف منتصف المحيط، أو عند صدع شرق إفريقيا، حيث ينفصل القرن الإفريقي ببطء عن بقية القارة، وخاصةً عند الحدود المتقاربة، حيث تصطدم صفيحتان. وهذا هو الحال في مناطق الاندساس، حيث تمر صفيحة محيطية تحت أخرى. ويفسر هذا السياق التكتوني وجود سلسلة طويلة من البراكين حول المحيط الهادئ، تُعرف عادةً باسم «حلقة النار».
وأخيراً، هناك سلاسل من البراكين، مثل تلك الموجودة في هاواي، والتي لا ترتبط بالضرورة بحدود الصفائح، تُسمى هذه البيئات «براكين النقاط الساخنة».
تتميز هذه البيئات الثلاثة -الفتحة القارية، ومنطقة الاندساس، والنقاط الساخنة- بخصائص محددة تسمح بتكوين البراكين باتباع آليات مختلفة. وبينما يبدو للوهلة الأولى أن البركان هو بنية تنفث الحمم والغازات والرماد على مدار الثورات، لكن أصولها في الواقع أعمق كثيراً، إذ يجب أن نغوص في القشرة الأرضية ونصل إلى الوشاح لنفهم كيفية تشكل البراكين وإنتاجها للصهارة وقدرتها على دفعها إلى السطح.
البراكين النشطة (Active volcanoes)
يوجد حالياً نحو 24 بركاناً نشطاً، وذلك استناداً إلى معطيات وكالة "ناسا" الأمريكية للفضاء، يتوزع أغلبها في الجزر، ومنها ما يتسبب في كوارث سكانية هائلة. وأكثر البراكين نشاطاً في العالم بركان كيلاويا في جزر هاواي، وإتنا في جزيرة صقلية الإيطالية، وبركان بيتون دو لا فورنيز في جزيرة ريونيون الفرنسية في المحيط الهادئ. ويبقى من الصعب تحديد ترتيب البراكين الأكثر نشاطاً حول العالم بعد هذه البراكين الثلاثة، ذلك أن نشاطها متقارب جداً.
البراكين الخامدة (Extinct volcanoes)
هي براكين سبق أن ثارت، ويظن العلماء أنها لن تثور مجدداً بسبب عدم ثورانها لفترة طويلة، وذلك لأنها لم تعد تملك مصدراً للحمم البركانية لتقذفه.
ومن أمثلة البراكين الخامدة براكين موجودة في جزر هاواي في الولايات المتحدة، وبركان كالديرا يلوستون في حديقة يلوستون الوطنية في الولايات المتحدة وهو موجود منذ ما لا يقل عن مليوني سنة، ولم يثُر بعنف منذ قرابة 640 ألف سنة. لكن البركان أظهر في الآونة الأخيرة نشاطاً طفيفاً، وهو حالياً تحت مراقبة الخبراء تحسّباً لثورانه في أي وقت. وبركان جبل كليمنجارو في تنزانيا، وهو أكبر جبل في إفريقيا، وجبل فوجي في اليابان.
الفرق بين البركان الخامد والبركان الخامل (dormant volcano)
البركان الخامل أو الساكن هو بركان لم يثُر لفترة طويلة، ولكنه ما زال يُعد نشطاً، لأنه قد يثور في أي وقت. أما البركان الخامد فهو بركان لا يتوقع ثورانه، لأنه لم يُثر منذ ملايين السنين.
لِمَ يثور البركان؟
تذوب الصخور من الصفائح فتتكون الصهارة، وتشق طريقها تجاه سطح الأرض، وتتمدد الغازات الموجودة فيها، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة هائلة في الضغط، وبالتالي إلى دفع الصهارة إلى أعلى حيث تجد طريقها عبر الشقوق، فتخرج الحمم مصحوبة بالرماد وأجزاء من الصخور.