12 يونيو 2025

لايكات وتحويل مبالغ.. «وظيفتان» تورّطان فتاتين

فريق كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

قد يعرض عليك شخص مجهول، عبر موقع للتواصل الاجتماعي، العمل في وظيفة عن بُعد، «غامضة» التفاصيل، فاحذر قبولها من دون معرفة الجهة، أو من يقف خلف عرضها، فقد تُورّطك في جريمة ذات أبعاد جنائية.

فتاتان تلقتا عرض «عمل عن بُعد»، الأولى بمهام بسيطة وغريبة، تتمثل في وضع إعجابات على الفيديوهات «لايكات»، والثانية مهمتها تتمثل فقط في «إعادة تحويل مبالغ تصل إلى حسابها»، مقابل راتب شهري.

وجدت الفتاتان نفسيهما في قفص الاتهام بعد قبول العمل «المُريب»، وهذه تفاصيل قصتيهما التي اطّلعت «كل الأسرة» عليها من حكم قضائي صدر بحقهما.

الوظيفة 1: «لايكات» على «يوتيوب»

بدأت تفاصيل قصة الفتاة الأولى عندما وردتها في أحد الأيام رسالة نصية عبر تطبيق «التليغرام» من شخص مجهول، تفيد بتوفر فرص عمل عن بُعد في موقع «اليوتيوب» الشهير، مقابل الحصول على مبلغ مالي.

فكرة «العمل عن بُعد» أعجبت الفتاة، بخاصة أن الحديث كان عن موقع «يوتيوب»، فباشرت على الفور مراسلة الشخص الذي كان يتحدث معها على «التليغرام» لمعرفة مدى جدّيته، وواقعية ما يطرح.

خلال الحديث، شعرت الفتاة بأن المُتحدث، «غير المعروف»، جدّي فعلاً في وجود وظيفة لها، على الرغم من غرابة ما يطرحه، تقول الفتاة: «أخبرني أن العمل سيكون على «يوتيوب»، وأن مهمتي ستكون عمل إعجاب «لايكات» لبعض الفيديوهات التي يحدّدها لي،مقابل مبالغ مالية».

وافقت الفتاة على العمل مع الشخص، فطلب منها تزويده برقم حسابها البنكي، وكل البيانات البنكية لبدء العمل.

بالفعل، باشرت الفتاة العمل، وتم إيداع 300 درهم في حسابها البنكي، كأول مبلغ يردها من «اللايكات» التي وضعتها على مقاطع الفيديو.

الوظيفة 2: تحويل مبالغ إلى حسابات

تزامناً مع التحاق الفتاة الأولى بالعمل الجديد، كان العرض يُجهز للفتاة الثانية التي تعرّفت إلى رجل «مجهول» عن طريق برنامج التواصل الاجتماعي «واتساب»، حيث تحدث معها مطوّلاً، وسألها عن عملها، وما إذا كانت ترغب في العمل عن بُعد، وبراتب شهري.

فوجئت الفتاة بطرح الرجل، بخاصة أنه يعرض عليها راتباً شهرياً، تقول: «أفادني بأنه يمكنني الحصول على فرصة عمل براتب شهري إذا زودته برقم حسابي البنكي، وأن كل ما عليّ فعله هو تحويل المبالغ التي تُحوّل إلى حسابي إلى حسابات في محافظ إلكترونية».

وافقت الفتاة على العمل، وزودت الرجل برقم حسابها، وبالفعل وردها أول تحويل مالي بقيمة 8 آلاف و400 درهم، عن طريق التطبيق البنكي.

طلب الرجل من الفتاة أن تحوّل المبلغ إلى إحدى المحافظ الإلكترونية، ولبّت طلبه، وحوّلت المبلغ إلى المحفظة، وكانت تشعر بالسعادة لأنها حصلت على عمل سهل.

بلاغ للشرطة وتورط الفتاتين

في تلك الأثناء، تقدم رجل ببلاغ إلى الجهات الشرطية يفيد بتعرّضه لعملية احتيال إلكتروني، وأن المُحتال استطاع سرقة مبلغ مالي من حسابه البنكي وتحويله إلى حسابات أخرى.

بعد التحقيق في الواقعة، تبين أن الحسابات التي حُولت المبالغ المالية إليها هي حسابات الفتاتين، فاستدعتهما الشرطة مباشرة لمعرفة علاقتهما بالمحتال، وكيف وصلت المبالغ إليهما.

فوجئت الفتاتان، اللتان لم تلتقيا من قبل، بأن من تعملان معه هو شخص، أو جهة واحدة، وأن الوظيفتين اللتين حصلتا عليهما عن بُعد، ليستا سوى وظيفتين وهميتين.

قالت الفتاة الأولى في رد فعلها: «لا أعرف من الشخص الذي أودع المال في حسابي البنكي، ولا أعرف طريقة الإيداع، ولا أعرف مصدره»، في حين قالت الثانية «لا أعلم لمن تعود المحفظة الإلكترونية التي قُمت بإعادة تحويل المبلغ إليها، ولا أعلم مصدر المبلغ المحوّل إلي».

أموال غير مشروعة

في ظل المعطيات، ورطت الفتاتان نفسيهما في قضية جنائية، فرفعت النيابة العامة لائحة اتهام بحقهما إلى الهيئة القضائية في محكمة الجنايات، بتهمة «الحصول مع آخرين مجهولين على مبالغ مالية نقدية في ظروف تحمل على الاعتقاد بعدم مشروعية مصدرها».

هذه التهمة يعاقب عليها المرسوم بقانون العقوبات والجرائم، عملاً بالمادة 456 البند ثانياً، التي تنصّ على: «إذا كان الجاني لا يعلم أن الأشياء تحصلت من جريمة، ولكنه حصل عليها في ظروف تحمل على الاعتقاد بعدم مشروعية مصدرها، فتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر، والغرامة التي لا تزيد على 20 ألف درهم، أو إحدى هاتين العقوبتين».

حضرت الفتاة الأولى إلى المحكمة، وأنكرت التهمة المنسوبة إليها، مؤكدة أنها «كانت حسنة النية»، وأنها لم تكن تعلم أنها ترتكب جريمة، وأبدت استعدادها لإعادة مبلغ الـ 300 درهم لضحية الاحتيال، فيما لم تحضر الثانية إلى الجلسة.

نظرت المحكمة في تفاصيل القضية، ودانت الفتاتين بـ«حصولهما على أموال في ظروف تحمل على الاعتقاد بعدم مشروعية مصدرها»، وقررت أخذهما بقسط من الرحمة في ظل ظروف القضية، واكتفت بتغريم كل منهما مبلغ ألفي درهم عن التهمة الموجهة إليهما، وتغريم الأولى وحدها مبلغ 300 درهم التي دخلت إلى حسابها، والثانية مبلغ 8 آلاف و400 درهم التي حُوّلت إلى حسابها.