09 يونيو 2025

من لقاءات محمد رُضا.. مع نيكول كيدمان وتوم كروز قبل الانفصال

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

مجلة كل الأسرة

بالنسبة إلى الجميع، بدا الزوجان توم كروز، ونيكول كيدمان، نموذجاً لحياة سعيدة ربطت بين نجمين. لكن الحقيقة تبدّت لاحقاً، عندما طلبت كيدمان الطلاق، ووافق كروز عليه. هذه المقابلة تمّت قبل هذا الانفصال.

في اليوم السابق لهذه المقابلة هشمت مقدّمة سيارة استأجرتها عندما زاحت قدمي عن المكابح فجأة، فضربت سيارتي جدار «الباركينغ». خرجت منها بجرح بسيط في اليد، ونظرت إلى تلك الميتسوبيشي الرياضية الحمراء آسفاً. ثم اتصلت بالشاب العراقي الذي أجّرني إياها ليرسل إلي سيارة. فعل ذلك، ووصلت إلى مكتبه، وسألني إذا ما كنت تحت تأثير الشرب. سألته إذا كان سيصلح السيارة فقال لا… سنرميها. سألته سيارة أخرى، فقال إنني موضوع الآن على القائمة السوداء في الشركة. حاولت ثنيه. لم أكذب عندما قلت له إنني أقود السيارة منذ أن كنت في الثامنة عشرة من عمري، وهذه أول حادثة (وكانت آخر حادثة أيضاً)، لكن قرر أنه لا يستطيع. الكلفة كبيرة (كنت أمّنت على السيارة لذلك لم أدفع قرشاً).

في اليوم التالي، العاشر من شهر يوليو، كان الموعد مع نيكول كيدمان، وتوم كروز، صباحاً في استوديو وورنر، البعيد عن منزلي. أخذت تاكسي كلّفني 33 دولاراً (مع 7 دولارات بخشيش)، لكني وصلت في الموعد المحدد.

كانا جاهزين في غرفة من تلك التي تخصصها الشركة لمثل هذه المناسبات. غرفة جميلة في أثاثها، وأناقتها، تمنيت لو أني أطويها، وأضعها في جيبي عند الخروج.

مجلة كل الأسرة

المناسبة كانت قيامهما بلعب البطولة في فيلم ستانلي كوبريك الأخير «عيون مغلقة باتساع» (Eyes Wide Shot). الفيلم الأخير للنابغة كوبريك، والأخير كذلك بين بطليه.

تعارفنا. كانا ودودَين للغاية. سألتني كيدمان عن خلفيتي. هذا سؤال من تودّ أن تعرف شيئاً عمّن يقابلها، وهو حق لها. الناقد، أو الصحفي عادة ما ينسى أنه غريب بالنسبة إلى من يجري معه المقابلة.

بعد التعريف اتسعت ابتسامتها. كنت وسيماً آنذاك، لكن ليس بثراء زوجها، لذلك غالب اعتقادي أنها استقبلت إجاباتي بإعجاب. قاطع كروز هذا الودّ الذي فرح له قلبي، وسألني: «هل نأمل في أن تكون أسئلتك بعيدة عن الأمور الشخصية؟».

- لك أن تطمئن لذلك. لا أقوم بذلك النوع من المقابلات.

أجاب باسماً: هذا مريح جداً لنا، لأن معظم من نقابلهم على أساس الحديث عن هذا الفيلم يتسابقون في طرح أسئلة عن زواجنا، وحياتنا الشخصية..

أكد له سؤالي الأول أنني لست من تلك المنظومة:

* هذا فيلم عميق الدلالات، وجديد بالنسبة إليك كدور. هل أدركت ذلك عندما قرأت السيناريو؟

- طبعاً، كان ذلك واضحاً لنا منذ البداية. شخصياً أحببت المناسبة والدور معاً. أقصد مناسبة العمل مع مخرج فنان مثل كوبريك، والدور المختلف الذي قمت به.

* أنتما زوجان والفيلم يدور حول زوجين. كيف يساعد ذلك الممثل؟

 - كيدمان: هل شاهدت الفيلم؟

* نعم.

 - كيدمان: قصّته تحمل مناطق غير مطروقة في حياتنا. من ناحية نحن لسنا في حالة بحث عن الذات، أو عن بديل كما في الفيلم، لكن حقيقة أننا متزوّجان فعلاً، جعل تمثيلنا أكثر تفهماً للشخصيّتين، كما أعتقد.

- كروز: هذا صحيح، وأضيف أنني فوجئت بقوة العلاقة بين الشخصيّتين في الفيلم وبين الحكاية التي يطرحها، وأبعاد تلك الحكاية.

استمر الحديث بيننا لنصف ساعة انتهت عندما دخل المشرف عليها طالباً مني طرح السؤال الأخير، لأن هناك صحفيين آخرين ينتظرون خارج الغرفة. نظرت إلى كيدمان، وشعرت بأن قلبي يريد أن يخرج من صدري، لكني تحاملت وسألتها:

* كيف كانت إدارة كوبريك لك كممثلة. هناك سابقة مع ممثلة أخرى (لم أرد الإشارة إلى اسمها) شكت من قسوته.

- أعرف من تقصد. كانت إدارته بالغة اللطف. هو فنان من حقه أن يطلب الكثير، وعلى أيّ ممثل أن يدرك ذلك ويستجيب. هذه فرصة كبيرة ستبقى عندي ذكرى جميلة.

نهضت وصافحتهما. بعد أسبوع، وقبل بداية عرض الفيلم في الشهر ذاته، قابلتهما مرّة ثانية خلال مؤتمر صحفي. لم أطرح سؤالاً، بل اكتفيت بالسمع والمراقبة. ونعم… معظم الأسئلة التي طرحت كانت عنهما كزوجين..

آه. نسيت أن أقول إن المشرف الصحفي سألني أين أوقفت سيارتي لكي يختمها، حتى لا أدفع رسماً عليها. أخبرته قصّتي فطلب لي تاكسي على حساب الشركة.