01 يونيو 2025

مقتنيات متحف سيؤول للفنون في منارة السعديات.. 48 عملاً فنياً توثّق 60 عاماً من التحولات

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

تشرّع أبوظبي أبوابها للتبادل الثقافي عبر تنظيم أول معرض موسّع للفن الكوري المعاصر بعنوان «الوسائط المتعدّدة: كلُّنا دوائر مفتوحة».

ففي منارة السعديات، يفتح أول معرض رئيسي في الشرق الأوسط لفن الوسائط المتعددة الكوري المعاصر نافذة غنية على التحولات الجمالية والتكنولوجية والاجتماعية التي شهدها فن الوسائط المتعددة في كوريا على مدى أكثر من ستة عقود، من خلال 48 عملاً فنياً لـ29 من أبرز الفنانين الكوريين المعاصرين.

مجلة كل الأسرة

وينظّم معرض «الوسائط المتعددة... كلنا دوائر مفتوحة» برعاية فخرية من سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، الراعي الفخري المؤسس لمهرجان أبوظبي، وبرعاية حرم سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة، سمو الشيخة شمسة بنت حمدان بن محمد آل نهيان، في تجسيد لشراكة ثقافية استراتيجية بين مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون ومتحف سيؤول للفنون، وأولى ثمار التعاون الثقافي الطويل الأمد بين سيؤول وأبوظبي.

وكان الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، راعي مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، افتتح المعرض، مؤكداً أن تنظيمه «يتيح فرصة استثنائية لتعريف الجمهور المحلي والإقليمي بروائع الفن الحديث، عبر مسيرة تاريخية ثرية من ستينات القرن الماضي إلى اليوم، مع ما تحمله هذه الأعمال من تقارب إنساني وحضاري عميق».

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

على هامش المعرض، حاورت «كل الأسرة» كلاً من القيّمة الفنية مايا الخليل، من مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، والقيّمة الكورية كيونغ - هوان يو، من متحف سيؤول للفنون، حول المعرض وإعادة تعريف العلاقة بين الفن والتقنية والهوية والمكان، وإمكانية أن يكون الفن المعاصر «أداة لتغيير الواقع وإعادة رسم دوائره».

مجلة كل الأسرة

في وصفها لتجربة تنظيم المعرض، تقول القيّمة الفنية مايا الخليل، من مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، لـ«كل الأسرة»: «إنها لحظة يتجلى فيها الفن كأداة للمساءلة والانتماء، لا مجرد شكل جمالي. وبهذا المعنى، يتحوّل المعرض إلى «تجربة تفاعلية»، حيث يصبح الجمهور ذاته جزءاً من دائرة المعنى».

فنانون يتأملون سرديات التحضر السريع والتصنيع وتأثير العولمة ويوازنون بين ثنائيات التقليد والحداثة

كيف بدأت فكرة تنظيم أول معرض موسع للفن الكوري المعاصر في المنطقة؟

تجيب مايا الخليل: «بدأت ملامح هذا المعرض تتشكل خلال زيارتنا ضمن فريق مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون إلى العاصمة الكورية عام 2024، حيث التقينا آنذاك القيّمة الفنية كيونغ - هوان يو وفريق متحف سيؤول للفنون، وزارت وفودنا المواقع التابعة للمتحف، واطلعنا خلالها على ملامح المشهد الفني الكوري المعاصر، وتعرفنا إلى عدد من الفنانين البارزين. وقد أسفر هذا التبادل الثقافي الغني عن ولادة فكرة المعرض، وتطوّرها لاحقاً إلى تصور متكامل يجسّد روح الحوار الفني المشترك بين الدولتين الصديقتين الإمارات وكوريا».

وحول المقتنيات، تلفت مايا الخليل إلى أن «المعرض يضم 48 عملاً فنياً لــ29 فناناً كورياً، تجسّد أكثر من نصف قرن من التجربة الفنية الكورية المتأصلة في فن الوسائط، بداية من ستينات القرن الماضي وصولاً إلى التجارب المعاصرة. وقد أثار تقديم هذه الأعمال في أبوظبي تساؤلات عميقة حول معنى «الوسيط» في العمل الفني، ودور المكان والسياق في إعادة تشكيل دلالاته، وهو ما تحوّل لاحقاً إلى مبدأ تنظيمي رئيسي اعتمدناه في تصميم وتنسيق المعرض».

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

وتشرح: «يحمل المعرض عنوان «الوسائط المتعدّدة: كلُّنا دوائر مفتوحة»، وينقسم إلى أربعة أقسام: القسم الأول يُعنى بإبراز التجارب التأسيسية لرواد فن الوسائط الكوري المعاصر، بينما تتناول الأقسام الثلاثة الأخرى موضوعات «الجسد كوسيط»، و«المجتمع كوسيط»، و«الفضاء/ المكان كوسيط». وقد اخترنا الابتعاد عن الترتيب الزمني التقليدي لصالح تقسيم مفاهيمي يتيح قراءة تفاعلية لفن الوسائط المعاصر في كوريا، من خلال مقاربة أسئلة تتعلق بالمادية والحضور والتواصل في عالم بات أكثر ترابطاً وقرباً كقريةٍ كونية. كل قسم من أقسام المعرض يضم أعمالًا تتجاوز الحدود التقليدية بين الرقمي والمادي، وبين المحلي والعالمي، وبين ما هو فردي وما هو جماعي».

من هذا المنطلق، يتبدى التساؤل: كيف سيسهم معرض «الوسائط المتعدّدة: كلُّنا دوائر مفتوحة» في تعزيز فهم الجمهور الإماراتي والعربي لمسيرة فن الوسائط الكوري الحديث وتطوره؟

توضح القيّمة الفنية مايا الخليل: «عندما زرنا سيؤول، راودني شعور متناقض بالاختلاف والتشابه. ففي مواجهة هذا المشهد الفني الجذري والمبتكر بدت أوجه التشابه بين كوريا والإمارات العربية المتحدة مألوفة: فنانون يتأملون سرديات التحضر السريع والتصنيع وتأثير العولمة. ومع ذلك، ورغم هذا التقارب، كان هناك شعور دائم بالمسافة. فهنا كما هناك، كان الفنانون يوازنون بين ثنائيات التقليد والحداثة، انطلاقاً من تواريخ وتيارات ثقافية متمايزة شكّلت رؤاهم ومقاربتهم للتحول التكنولوجي والعولمة. وكان هذا التجاور لافتاً، وأصبح سؤالاً جوهرياً بالنسبة لي وللقيّمة الفنية كيونغ – هوان يو: التفاعل المستمر بين ما هو مشترك وما هو متفرّد، والقرب الذي تمنحه وسائل السفر ووسائل التواصل والاتصال، في مقابل خصوصية التجارب التي تتم معايشتها والتي يتناولها الفن».

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

وتعقّب: «يعزّز المعرض من فهم فن الوسائط الكوري المعاصر من خلال تمكين الجمهور من إدراك انخراطهم في «دوائر مفتوحة» من المعنى والتبادل التي تُضفي على الأعمال الفنية بُعداً خاصاً، بحيث يسهم فهمهم في تشكيل معنى المعرض بقدر ما يسهم في تحقيق رغبة ورضا الفنان إبداعياً ومفاهيمياً. ومن خلال تنظيم الأعمال حول موضوعات كونية واسعة تتناول كيفية اختبارنا للواقع في عالم يزداد ارتباطاً بالوسائط نأمل أن يدرك الجمهور أن السياق والزمان والفضاء أو المكان عناصر متجذرة في الوسيط الفني ذاته. ونرجو أن يتيح ذلك لهم الانفتاح على هذه الأعمال والتعرّف إليها بالذائقة الفنية الرفيعة، واكتشاف كيف يستخدم الفنانون تقنيات ومواد يومية لمواجهة العالم والتفاعل معه».

ما الرسائل الثقافية التي يسعى المعرض إلى إيصالها من خلال إقامته في منارة السعديات، خصوصاً فيما يتعلق بالحوار الثقافي وأهمية الفنون المتعددة الوسائط؟

تجيب مايا الخليل: «يختلف العالم اليوم تماماً عمّا كان عليه عند إنجاز الأعمال الأولى في المعرض، إلا أن المعرض يسعى إلى استلهام بعض المواقف المتفائلة بمستقبلٍ كان يومها بعيداً وغير قابل للتحقق، والمنفتحة التي تميز بها رواد فن الوسائط الروّاد في كوريا، أمثال نام جون بايك. فقد كان هؤلاء الفنانون يسترشدون بأفكار التهجين، والتواصل، والتبادل، ويرون في التكنولوجيا إمكانات لخلق فضاءات مرنة وغير حدودية. تتفاعل هذه الأعمال، التي تمتد على مدى أكثر من خمسة عقود، مع تجارب معاصرة مشتركة تتمثل في التجربة الجوهرية للوجود الإنساني وعياً وجسداً، والانعزال في ظل حضور الشاشات والأجهزة، والتوتر بين التقاليد وتسارع مستجدات الحياة والتكنولوجيا، فضلاً عن التساؤلات حول الذاكرة والانتماء في المدن ذات الطابع المعولم».

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

وتضيف: «إن عرض الأعمال الفنية والفنانين في مواقع جديدة، في منارة السعديات، والمنطقة الثقافية في السعديات بأبوظبي تحديداً، ولأول مرة في الشرق الأوسط لمقتنيات متحف سيؤول للفنون (SeMA)، قد يكشف المعنى ويحجبه في آن واحد معاً، ونأمل أن يدرك الجمهور موقعه ضمن عمليات إنتاج المعنى هذه، حيث إنّ الأعمال التي حملت دلالات ثقافية محددة في سيؤول قد تبدو أكثر تجريداً أو طابعاً عالمياً في أبوظبي. وكما هو الحال في العمل التركيبي لـ«باهك ييسو» الغائب عن المعرض، فإن المعنى يظل في حالة من الإمكان، تارةً يكون واضحاً جلياً، وتارة محتجباً، لكنه يتشكل دوماً بفعل السياق والمنظور، فبدلاً من انتقال المعرفة الثقافية في اتجاه واحد، يتدفق المعنى عبر دوائر مفتوحة، ويتحوّل مع كل لقاء جديد، حيث يُشكّل الجمهور جزءاً لا يتجزأ من هذا التبادل الفني والحوار الثقافي».

وتخلص مايا الخليل: «نأمل أن نُحدث صدى يمكّن الجمهور من استشعار ذلك التفاؤل المبكر، ومواجهة رؤى ثقافية جديدة، واكتشاف وجهات نظر حول الحياة وتعبيراتها الفنية المعاصرة تعزز قناعاتهم أو تتحدّاها وتضعها تحت مجهر المساءلة والتفسير، وتُضفي بدورها معاني متجددة على الأعمال الفنية نفسها».

كيونغ  - هوان يو (من متحف سيؤول للفنون)
كيونغ - هوان يو (من متحف سيؤول للفنون)

بدورها، تستحضر القيّمة الكورية كيونغ - هوان يو، من متحف سيؤول للفنون، عبارة الفنان الأسطوري نام جون بايك، الذي قال ذات يوم: «نحن في دوائر مفتوحة». وتُعلّق: «لقد رأى بايك في الفن شبكة متحرّكة من المعنى، لا تكتمل إلا بالتبادل والتواصل. المعرض يستمر في تتبع هذا الإرث، ويضع الوسائط لا كأدوات، بل كوسائط وجود وتفاعل، تسائل الحاضر وتحاور المستقبل».

كيف يعكس هذا المعرض ملامح تطور مشهد فن الوسائط الكوري، وما دوره في تجسيد رؤية متحف سيؤول للفنون في نشر الثقافة الكورية على الصعيد العالمي؟

توضح كيونغ -هوان يو: «من بين 48 عملاً من الفن الكوري المعاصر المعروضة في هذا المعرض، تم اختيار 31 عملاً من مجموعة متحف سيؤول للفنون (سيما)، وهي تمثل بعضاً من أبرز مقتنياته. يضم المعرض أعمالاً لفنانين حظوا مؤخراً باهتمام لافت في المشهد الفني العالمي، من بينهم نام جون بايك، ولي بول، وهايجو يانغ، ولي كون يونغ، وتشونغ سيويونغ، وبيونغجون كوون، وسوكي سيوكيونغ كانغ. ومنذ تأسيسه عام 1998، شكّل متحف سيؤول للفنون مجموعة فنية تجاوزت 6000 عمل، ويواصل توسعتها بوتيرة مطّردة. وإلى جانب تنوّعها المتزايد، تتميّز مجموعة متحف سيؤول للفنون بتركيزها اللافت على الفن المعاصر وعلى الفنانات، إذ تضم أعمالاً رئيسية لفنانين نشطوا منذ تسعينات القرن الماضي، وتبلغ نسبة الفنانات ضمن المجموعة نحو 32%، وهي نسبة تفوق ما هو مُسجّل في مجموعات المتاحف الوطنية والعامة الأخرى في كوريا».

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

ومن خلال الأعمال المعروضة، سيحظى الجمهور في دولة الإمارات برؤية معمّقة لجوانب أساسية من الفن الكوري المعاصر، لا سيما التجارب الفنية المتنوعة للفنانات الكوريات.

تقول القيّمة الكورية: «بالطبع، لا يمكن لهذا المعرض أن يغطي جميع مسارات الفن الكوري التي تشكلت على مدى أكثر من ستة عقود، منذ ستينات القرن الماضي حتى اليوم. ومع ذلك، فإن قراءة مجموعة متحف سيؤول للفنون من خلال تقاطعات الوسائط وتفاعلاتها، تُقدّم مشهداً متعدّد الطبقات، يستجيب لتحوّلات التكنولوجيا والمجتمع، ويبني جسوراً بين التقليدي والمعاصر، وبين الوسائط القديمة والحديثة، والواقعي والافتراضي، والجسد والذكاء الاصطناعي. سيجد الزوار أنفسهم في مواجهة حساسيات دقيقة تجاه الوسائط والمعاصرة، كما استكشفها الفنانون الكوريون الذين رسخوا حضورهم على الصعيد العالمي، وتركوا أثراً فنياً يتردد صداه على الساحة الدولية».

مجلة كل الأسرة

وكيف تترجم فكرة المعرض «كلنا دوائر مفتوحة» من خلال الأعمال الفنية المعروضة؟

تشرح كيونغ -هوان يو: «في مقال نشر عام 1965 تناول فيه مفهوم العلاقات البشرية مع الحياة وتسارعها وصولاً إلى المستقبل الذي كان يومها منظوراً بعيون الفنانين دون سواهم، مع الأبعاد التجريبية والمفاهيمية واللا شكلانية، التي خاضوا عمليات التفاعل والمساءلة في مواجهتها، صرّح رائد فن الفيديو في مشهد فن الوسائط في كوريا يومها، الفنان نام جون بايك، بعبارته الشهيرة: «نحن في دوائر مفتوحة» والتي جسّدت رؤيته الجذرية للفن بوصفه شبكة متحرّكة، منفتحة على الاحتمالات، ومُتشبعة بروح الاتصال والتواصل ومستجدات التكنولوجيا الحديثة وأثرها في حياة الناس والفنانين على وجه الخصوص وانعكاسها في عملية التعبير الفني التجريبي بشكل عام. لقد شكّلت تجربته الريادية في المشهد الفني الكوري تحدياً مباشراً للتعريفات النمطية التقليدية للفن، إذ أسهمت في تجاوز وإعادة تعريف الحدود بين التخصصات والأشكال والوسائط. وفي الثمانينات، كان المشهد الفني الكوري منقسماً بوضوح بين اتجاه مينجونغ ميسول (فن الشعب) والتجريد، ولكلّ منهما مرجعيات أيديولوجية متباينة، بل ومتعارضة في كثير من الأحيان. ثم جاءت تسعينات القرن الماضي لتُضيف طبقة جديدة من التعقيد، مع بروز خطاب ما بعد الحداثة الذي أعاد النظر في مفاهيم التمثيل والتأليف والهوية الثقافية. في خضم هذا التحوّل، طرح بايك التكنولوجيا كوسيط فني في حد ذاته، لا كأداة فنية فحسب، بل كقناة للتعبير والتواصل، رافضاً حصرها في أدوار السيطرة والتحكّم».

تقدم مجموعة متحف سيؤول للفنون  مشهداً متعدّد الطبقات، يستجيب لتحوّلات التكنولوجيا والمجتمع، ويبني جسوراً بين التقليدي والمعاصر

وتوضح أبعاد هذا المعرض، إذ «يركز على متابعة أثر هذا المنظور التغييري الجذري لنام جون بايك، الذي أعاد تعريف جوهر الفن من خلال تحويله إلى أداة للتواصل، واستكشاف كيف يستمر صداه في مسار فن الوسائط الكوري المعاصر. ويكشف عن التفاعل الديناميكي بين التوترات والاستجابات التي رافقت التطوّر الداخلي للفن التجريبي الكوري في ستينات وسبعينات القرن الماضي، وتأثير بايك العابر للحدود في ثمانينات وتسعينات القرن ذاته. كما يتتبّع المعرض تطوّر السرديات الفردية في الأعمال المعاصرة منذ مطلع الألفية وحتى اليوم، مُشكّلاً مشهداً فنّياً متعدّد الأبعاد يتجاوز المادة والثقافة والفضاء/ المكان».

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

ما الذي يطمح متحف سيؤول للفنون إلى تحقيقه بالتعاون مع مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون من خلال هذا المعرض؟

تجيب كيونغ -هوان يو: «يعّد هذا السؤال في الواقع نقطة تأمل حاسمة، ليس فقط بالنسبة للمعرض المقام في أبوظبي، بل أيضاً لامتداده المقبل في سيؤول في إطار التعاون والشراكة بين المؤسستين الثقافيتين العريقتين في كل من كوريا والإمارات العربية المتحدة، وهو يمثل موضوع حوار مستمر مع القيّمة الفنية المشاركة مايا الخليل. يقوم المعرض على نموذج مميز للتبادل الفني، يتكشف على مدى ثلاث سنوات من التعاون المتوسط والطويل الأجل بين بلدين ومدينتين ومؤسستين، ويهدف إلى بناء فهم متبادل عبر أشكال متعددة من التعاون، تشمل المعارض، والبحوث المشتركة، وإقامات الفنانين، والتكليفات الفنية المشتركة. وبدلاً من أن ينحصر في إطار التزام جامد، يسعى المعرض إلى التميز عبر ممارسات ملموسة، تُفضي إلى شبكة علاقات تتبلور باستمرار في لحظات التواصل بين القيّمين، والفنانين، والجمهور، والمؤسسة».

وتنظر القيّمة الكورية إلى بعض أوجه التشابه بين كوريا والإمارات، وتتناول ذلك من رؤيتها الخاصة والتي تبدو «مفعمة بالحب والامتنان»، قائلة: «من منظور شخصي، خلال زيارة بحثية إلى دولة الإمارات في نوفمبر 2024، بدعوة من مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، فاجأني الشعور العميق بالتشابه رغم التباينات الجغرافية والتاريخية والاجتماعية والاقتصادية التي تميز منطقة الشرق الأوسط. لفتتني أوجه التقاطع المكاني بين كوريا والإمارات العربية المتحدة، وبين عاصمتيهما سيؤول وأبوظبي، اللتين شهدتا نمواً اقتصادياً متسارعاً وتحولات حضرية مكثفة. وقد شهدت كرم الضيافة والصداقة التي أبداها الإماراتيون، والتي عكست حساً مجتمعياً شبيهاً بذلك الذي يميز الثقافة الكورية. كما لاحظت مقاربات متجددة لمسائل الهوية والانتماء الوطني، وهي مفاهيم تتحرك ضمن الفضاء الرمزي لما نطلق عليه مسمّى «الوطن». من خلال هذا المعرض، أرجو أن يستشعر الجمهور الإماراتي الكيفية التي واجه بها الفنانون الكوريون المعاصرون عالماً متسارع التغيّر بلغة فنية أصيلة، وأن يروا أنفسهم جزءاً من دوائر اللحظة الراهنة المفتوحة، حيث يمكن اكتشاف أسس مشتركة للتفاعل والتضامن».

* تصوير: محمد السماني